سورة الفاتحة | حـ 7 | مقدمة | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة الفاتحة | حـ 7 | مقدمة | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة الفاتحة
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله نعيش هذه اللحظات، وكتاب الله شأنه عظيم لأنه هدى للمتقين، وإن كان وهو في نفس النص عمى على الكافرين. سبحان الله! نص واحد، إذا دخلته تطلب منه الهداية هداك وانفتح لك. ورأيته نسقاً مفتوحاً ترى فيه العجب العجاب كل يوم، لا تنتهي عجائبه ولا يخلق من كثرة الرد كما وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإذا دخلته تلعب معه، وإذا دخلته تريد أن تنقضه
بالضاد والدال تنقضه، يعني تهدمه، تنقضه قال يعني تبين مساوئه ومحاسنه، هو كله محاسن لا مقابل. للنقد ولا قابل للنقد لأنه ليس من كلام البشر، رب العالمين هو الذي أنزله ورب العالمين هو الذي جعله العهد الأخير بينه وبين البشر. إذا دخلته للعب أغلق نفسه عليك وصار عمى وحسرة على من يدخل فيه. نص واحد، ما هذا الإعجاز! هذه معجزة في ذاتها ولذلك هو معجزة رسالة. مستمرة
يصفه ربه فيقول هكذا ولو ولو أنزلناه قرآناً أعجمياً لقالوا لولا فُصِّلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد سبحان الله المؤمن يدخل فيراه هدى وشفاء ويهديه لأنه استهداه وغير المؤمن يصم آذانه عنه ويدخله للعب والعبث والنقض والهدم فإذا به يكون عليه عمى. والله
لما يكون في نصين، نص هكذا ولكن هذا نص واحد، كيف يكون هكذا وكيف يكون هكذا! فطلب منا الله سبحانه وتعالى أن ندخله طالبين للهداية، فإذا ما سمعناه طلباً للهداية هُدينا، وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه، لو سمع كلام الله فإنه يكون متهيئاً للهداية. فهيا بنا ندخل إلى كتاب الله سبحانه وتعالى طلباً للهدايا، نستهديه لأننا عندما
نستهدي كتاب الله فإنما نستهدي الله سبحانه وتعالى ونطلب منه الهداية. والهداية نور والضلالة ظلام، ونحن نحتاج إلى النور في حياتنا ونحتاج إلى طرد الظلام من حياتنا ونحتاج إلى من خلقنا حتى نمد أيدينا إلى السماء يا رب يا رب فيستجيب لنا. نعمل وندعو الله سبحانه وتعالى أن يجعل لعملنا فائدة وثمرة. نكد ونعمر الدنيا كما أمرنا. هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها، يعني طلب منكم عمارتها. ولكن
الفلاح يلقي الحب ثم يدعو. يقول يا رب والطبيب يقوم بالعملية الجراحية وبعدها يقول يا رب أنت الشافي، أي أننا فعلنا ما علينا كما أمرتنا، ولو أمرنا أن نسكت لسكتنا، لكنه أمرنا بالعمل وقال: ﴿اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين﴾. ندخل إلى كتاب الله سبحانه وتعالى فنجد الفاتحة، وكانت العرب إذا أحبت شيئاً أكثرت من. أسماؤه، فأحب المسلمون الفاتحة لأنها تلخص كل القضية: العلاقة بين الإنسان وبين رب الناس، العلاقة بين الإنسان وبين الأكوان،
العلاقة بين الإنسان وبين نفسه. تلخص كل حياة الإنسان، والإنسان الذي لا هدف له فإنه في ضلالة، فيجب على كل إنسان أن يجعل لنفسه هدفاً، وهدفنا ومقصودنا ومقصود الكل هو الله. سبحانه وتعالى فإن هدفي في الحياة هو الله، ولأجل الله أفعله وأتركه وأتحدث به وأسكت لله. العرب أحبت الخمر فسموها بتسعين اسماً، الخمر في لغة العرب لها تسعون اسماً: الشمول،
الداء، الدواء، الصفراء، التي لا أعرف ماهيتها. أحبت العرب الخمر جداً، ولذلك كان تشريع الخمر عندما نزل عليهم بأنه حرام حفاظاً. للعقل كان صعبًا عليهم، لكنهم استجابوا لله ورسوله صلى الله عليه وسلم. النبي عليه الصلاة والسلام لم يشرع لهم ما يوافقهم، بل شرع لهم ما بناهم من الداخل وجعلهم بني آدمين، جعلهم إنسانًا يعمر الأرض. خافوا من الأسد فأكثروا من أسماء الأسد، لِمَ سبعمائة اسم في لغة العرب للأسد؟ الغضنفر والضرغام والذي لم يضرغم شجعان سبع مائة اسم لأنهم خائفون منه. البحر كانوا يخافونه، يخافون البحر، فله
ثلاثون اسماً في لغة العرب اليمن. والبحر لدرجة أنهم سمَّوا النهر بحراً أيضاً، أي مياه هكذا يسمونها بحراً، والظلم سموا البحر الظلم والكافر لأنه يكفر ما ينزل فيه يعني يستر ما ينزل. ما ينزل فيه، فأيضاً الذي غير العربي عندما يسمع أن العرب سمّوا البحر كافراً، يظن أنه ضد المؤمن. يعني لا، "كفر" الشيء يعني ستره، وسُمي الكافر كافراً لأنه ستر الإيمان. الفاتحة لها عشرون اسماً تقريباً: الكافية، والشافية، والفاتحة، وغير ذلك. فكانت العرب إذا أحبت شيئاً أكثرت من أسمائه، والذي... لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته