سورة المائدة | حـ 848 | 1 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

سورة المائدة | حـ 848 | 1 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة - تفسير, سورة المائدة
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة المائدة يقول ربنا سبحانه وتعالى: بسم الله الرحمن الرحيم، يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود. والبسملة هل هي جزء من كل سورة أو أنها ليست كذلك سوى سورة التوبة؟ لأنها نزلت بالشدة شدة محمودة لضبط الأمور وليس عنفاً مذموماً. هل هي آية من كل سورة أو أنها آية من الفاتحة دون سواها أو أنها ليست آية حتى من الفاتحة؟ اختلف
القراء في ذلك، وعلى كل حال فقد أجمع الصحابة على وضعها في المصحف وكانوا حريصين على أن لا يضاف المصحف ما ليس منه فوضعهم البسملة في المصحف يؤذن بتلاوتها في أول السور، إذا "بسم الله الرحمن الرحيم" نذكرها في أول السورة، ولكن الراجحة خاصة من طريق حفص عن عاصم أنها لا تُعدُّ آية من السورة، ولذلك لا نجد عليها آية رقم واحد إلا في الفاتحة. تفتح المصحف هكذا تجد... بسم الله الرحمن الرحيم. واحد، يعني هذه الآية رقم
واحد. أما في البقرة وفي آل عمران وفي النساء وفي المائدة وهكذا إلى آخر القرآن، لا نجد لها رقماً. والرقم في الآية الأولى بعد ذلك: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود". العقود لا بد حتى نمتثل للوفاء بها، لا بد أن... تكون صحيحة، فإذا كان العقد باطلاً فالعقد
الباطل كالعدم. يجب أن تنشأ العقود أولاً وتنعقد حتى تُسمى عقداً. فالعقد يعني هذا الاتفاق، وهذا الاتفاق انعقد، اتفقوا مع بعضهم هكذا. والعقدة تمسك طرف الحبل وطرف الحبل وتصنع عقدة. فالعقد اتفاق الإرادتين، يحصل من اتفاق الإرادتين شيء واحد هو العقدة. أركانُ العقدِ ثلاثةٌ إجمالاً، ستةٌ تفصيلاً، هكذا يقولُ الفقهاءُ. أركانُ العقدِ... عقودُ الجامعاتِ، ما هو ركنُ هذا العقدِ؟ وماذا
يعني الركن؟ ما معنى الركن؟ الركن هو الجزءُ من الشيءِ الداخلُ في حقيقتِه المحققُ لهويتِه. جزءُ الشيءِ الداخلُ في حقيقتِه، هذا هو الركنُ، المحققُ لهويتِه. إذن ما هو ركنُ الوضوءِ؟ غسلُ غسل اليدين إلى المرفقين، ومسح بعض الشعر، وغسل الرجلين (القدمين) إلى الكعبين، وقبل ذلك النية، وبعد ذلك الترتيب على ما ذكرناه. الشافعية يقولون هكذا، فتكون هذه هي الأركان. إذا لم توجد واحدة من هذه الستة، فإذا رششت وجهي ببعض الماء وغسلت يدي وتلاعبت برجلي،
فهذا لا يصح، بل لا بد الشافعية والحنفية يقولون لك: ليس ضرورياً النجم. حسناً، نويت وفعلت هذه الأشياء، يجب أن ترتب، يجب أن ترتب، فتكون أركانه الوضوء ستة. وماذا عن أركان الصلاة؟ تكبيرة الإحرام. افترض أنك لم تكبّر، ووقفت وقلت: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين. هذا لا يصح لأن هذا ركن. وإذا كبّرت لا يصح. حسناً، كبرت وقرأت الفاتحة ولم تركع، لا يصح. حسناً، لم تسجد، لا يصح. حسناً، سجدت سجدة واحدة، لا يصح. فما هي الأركان إذن؟ ركن الشيء هو جزء الشيء الداخل في حقيقته وليس الخارج عنها. يعني الوضوء ليس ركناً للصلاة، لكنه لازم للصلاة،
إنه شرط من شروط الصلاة، لكنه تكون بنود العقد إذاً ما هي الأمور التي تُعد أركاناً فيه. الأول: العقود وألفاظ العقود، فالألفاظ عندما يأتي رجل ليزوج ابنته لرجل آخر فيقول له: "زوجتك ابنتي"، هذا يُعتبر لفظ. فيرد الآخر قائلاً: "قبلت وتزوجتها منك"، وهذا يعتبر لفظاً آخر. إذاً أول شيء هو الصيغة لأن العقود... ألفاظ... طيب افترض أنني نويت في قلبي أن أزوجك ابنتي، وأنت نويت في قلبك أنك تتزوجها، لا يصح ذلك، لا يصح. افترض قلت لك: "إن
شاء الله، البنت عندما تنهي دراستها سأحفظها لك إن شاء الله"، وأنت كذلك قلت هكذا: "لن أتزوج إلا فلاناً الفلاني"، لا يصح ذلك. افترض قلت زوجك بنت، هذا ماذا يعني؟ المستقبل سوف يكون، لا يصح. يجب أن أقول لك ماذا؟ زوجتك بالتأكيد هكذا هو في الماضي، فأنت تقول ماذا؟ قابلتُ. حسناً، افترض أنني قلت لك زوجتك ففرحتَ، أنت قلت لي أنا غير موافق، انتهى الأمر، لا يصح. قلتُ حسناً سأفكر وأستشير أمي وأقول لا يصح، الصيغة العقدية هكذا، نحن نتحدث
في الزواج، لا، دعنا نتحدث في البيع. يكون العقد هو عقد سواء كان في زواج، في طلاق، هو طلاق عقد. قالوا: نعم، عقد فسخ، في بيع، في شراء، في مقاولة، في أي شيء. العقد عقد، أو الشيء الألفاظ: "بعتك هذا بألف"، قلت له: "أنا..." اشتريت بتسع مئة، لا يصح، يجب أن تقول: وأنا اشتريت بألف. حسناً، لنفترض العكس، قلت لك: بيتك هذا بألف، فقال: وأنا اشتريت بألفين، أيصح ذلك أم لا يصح؟ هناك خلاف بين الفقهاء، قال بعضهم: لا، ربما لا يصح، وقال آخرون: يصح، لأن الألف موجودة في الألفين، فيصح. قالوا: لا، هذا... كيف يمكن لهذا
أن يضرني؟ قال لك صورة التسعير الخاصة بالحاكم بعتك هذا بألف، وقلت اشتريت بألفين، وتودي بي إلى الهلاك. صورة ثانية: الاتفاقيات التي في النقابات أنك لا تبيع كذا بأعلى من كذا. صورة ثالثة: الإضرار بالسوق. صورة رابعة وصورة خامسة. المهم أن هناك غرض لأنني أبيع لك. بالألف، أنت الآن أضعت هذا الغرض، فالبيع لا ينعقد. يجب أن يكون القبول والإيجاب متوافقين، أي لا بد عليهما أن يكونا متوافقين. الركن الأول هو الصيغة. الكلام واحد. يقول لي: طيب، والورقة التي نكتبها؟ لا، هذا ليس له علاقة بالعقد، هذا إظهار للعقد، هذا إثبات للعقد، هذه الصورة
الخاصة به. العقد الحقيقي ألفاظ، ولذلك في العامية عندنا يقولون ماذا؟ إن الإنسان منا يُربط من لسانه، لأنه يُربط من لسانه في العقود. فيكون العقد الشرعي يحدث عندما يقول الرجل له: "زوَّجتك ابنتي"، والآخر يقول: "قبلت". حسناً، والمأذون هذا يوثق وليس يُنشئ. ما الذي أنشأ الزواج؟ "زوَّجتك" و"قبلت" هي التي أنشأته. أنشأت الزواج، حسناً، والمأذون ماذا يفعل؟ إنه يكتب هذا الزواج، فهو يوثق هذا الزواج. كذلك عقود البيع، كذلك عقود الوصية، أي شيء: الوكالة، الكفالة، أي عقد من العقود. صيغته رقم اثنين: المحل. رقم اثنين، المحل محل
العقد. ما هو؟ البضاعة والنقود، أو في الزواج: الرجل والمرأة، ولذلك لابد... يكونوا خاليين من الموانع الشرعية، ألا تكون أخته في الرضاعة، ألا يكون عمها ولا خالها ولا ما شابه ذلك. لا بد أن يكون الاثنان خاليين من الموانع الشرعية. المحل، تكون الصيغة والمحل، وبعد ذلك رقم ثلاثة ماذا؟ صحيح، رقم ثلاثة العاقدين، لكن شيخنا قال إن "العاقدين" تصح أيضاً في النحو البيع يجب أن يكون المالك لهذه السلعة والمالك لما
يقابلها عاقلين، ويجب أن يكونا بالغين، ويجب أن يكون... وهكذا. ثلاثة إجمالاً، وسنقول ستة تفصيلاً في الحلقة القادمة إن شاء الله.