سورة المائدة | حـ 853 | 1 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

سورة المائدة | حـ 853 | 1 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة - تفسير, سورة المائدة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة المائدة يقول سبحانه وتعالى: بسم الله الرحمن الرحيم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ) وفي قوله... تعالى غير محللي الصيد وأنتم حُرُم، ويحل لكم أن تأكلوا البهيمة بشرط ألا تصطادوها وأنتم مُحرِمون. يعني إذا كنت قد دخلت في
الإحرام فيحرم عليك أمور منها: لبس المخيط المحيط بالجسم، ومنها حلق الرأس أو الشعر، ومنها أن تلبس شيئاً كالقفاز في يديك أو الحذاء في رجليك أو تلبس العمامة رأسك، كل ذلك حرام، ومنها أن تصيد وأنت محرم، ممنوع عليك الصيد، فإذا صدت كان عليك عقاب وجزاء مثل ما صدت من النعم. ولذلك فهناك أشياء تحرم بالذات وهناك أشياء
تحرم بالاعتبار. هناك أمور حرام بذاتها وأمور حرام ليست بذاتها بل باعتبارها. الحرام بالذات: الخمر، احذر أن تشرب خمراً، والخنزير، هل تشرب خنزيراً؟ حسناً، والذي ليس خمراً، الماء، هذا حلال. حسناً، الماء المسروق حرام. بالاعتبار هو في ذاته كماء حلال، لكن الحرمة ماذا؟ أن الماء الذي أمامك هذا حرام أن تشربه. لماذا؟ لأنه مسروق، مغصوب. إذاً هذا هو
الحرام بالاعتبار. الصيد، اصطدت غزالة، الغزالة حلال بذاتها، لكن أريد سؤالاً: أنت كنتَ مُحرِماً أم لم تكن، ستجد أنك إن كنتَ مُحرِماً فيحرم عليك أن تأكل منها، فتصبح حراماً بالاعتبار وليس بذاتها، فهي في أصلها حلال، لكن عندما اعتديت عليها وأنت في حالة الإحرام حُرِّمَت عليك. لذا يجب أن ننتبه للحرام بالذات والحرام بالاعتبار. فالحرام بالذات هو مثل الخمر مثل... الخنزير مثل الميتة الحرام بالاعتبار هو
حلال وكل شيء لكن الاعتبار أنه ليس ملكك. الماء الراكد يحرم منه الوضوء ويجوز معه التيمم. شخص صنع زيراً وأوقفه لله للشرب، وأنت تسير في الطريق وجدت الزير هكذا، تشرب منه كسبيل (كانوا يسمونه سبيلاً)، فما هو السبيل؟ وتتوضأ منه؟ لا، يحرم. ابحث لك مياه ثانية هذه مياه موقوفة للآية، للشرب فقط. المياه أمامي، ماذا أفعل؟ قالوا تيمم. لماذا؟ قال له: لأنك فقدت الماء الصالح
للوضوء. طيب والمياه التي في الزير هذه أليست صالحة للوضوء؟ لا، هذه موقوفة ومحبوسة على الشرب فقط، فيحرم عليك أن تنقلها من حبسها إلى غرض آخر حتى لو كان. عبادة حتى لو أن الصلاة لا تجوز إلا به، الوضوء حتى لو احتجت إليه، فكل ماء موقوف على محترم، يعني أن الإنسان محترم، الحيوان محترم، أي أن هذا سيشرب منه روح ولو كانت بهيمة، قال له: نعم، فلا يصح لك أن تتوضأ منه. فقال: ماذا أفعل؟ قال له: إذا والفقد منه
حسيٌ ومنه شرعي. ماذا يعني هذا الكلام؟ الفقد الحسي يعني أنني لا أجد ماءً أبداً، الماء مفقود وغير موجود. أما الفقد الشرعي فيعني أن الماء أمامي ولكن لا يجوز لي استعماله، مثل الحالة التي نتحدث عنها: الماء أمامي لكنني مريض ولا يجوز لي استعمال الماء وأنا مريض، فأكون وهي أمامي وأيضاً فقدتها، فيجوز لها التيمم إذاً، فالفقد قد يكون حسياً وقد يكون شرعياً، والحرام منه حرام بالذات وحرام بالاعتبار. ولذلك يُمنع أن تصطاد وأنت مُحرِم، فإذا
فعلت فالصيد أصبح حراماً بالاعتبار غير محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد وتعالى، الله يحكم ما يريد ويكلف. عبادة بما شاء وهذه حقيقة التعبد. والمياه نتوضأ بها، فما الذي حدث في المياه حتى تصبح حراماً؟ قال: لا، إن الله هو الذي حرمها. والصيد حلال، فما الذي يمنعني من أكله؟ حالة الإحرام. ما الذي أضفته جعل... ماذا يعني؟ في الصيد يوجد دم، مقص، شيء حسي. حدث أن ما
يُسمى بالتعبُّد هو مثل هذه الحالة. إنها كهذه الحالة، لكنه يقول لك هذا حلال وهذا حرام. هذه المياه مثل هذه المياه، وهذا الصيد مثل هذا الصيد، لكن هذا حلال وهذا حرام. ما نتيجة هذا الكلام؟ النتيجة هي إرادة الله، أن الله يحكم بما يريد، فيكون الدليل هو أو العلة التعبدية قوله تعالى في سورة المائدة أن الله يحكم ما يريد. هذه هي القضية، فقد أوجدت لي شيئاً يسمى التعبد، وفتحت للفقهاء مجالاً واسعاً للنقاش. لماذا نتوضأ بالشكل الذي نتوضأ به؟ الوجه أولاً، ثم اليدين إلى
المرفقين، ثم نمسح الرأس، وبعدها نغسل الأرجل. لماذا هذه الأشياء تحديداً ولكن... كنا نمسح وجوهنا بقليل من الماء وانتهينا. لماذا تحديداً صلاة الظهر أربع ركعات والعشاء أربع ركعات بينما المغرب ثلاث ركعات؟ لماذا تحديداً؟ يعني أن الله يحكم ما يريد. هل أنت منتبه؟ لماذا تحديداً خمس صلوات ولم يجعلها ثلاثاً؟ أو لماذا لم يجعلها اثنتين؟ لماذا لم تكن هكذا؟ إن الله يحكم نواقض للوضوء تنقض الوضوء فنعيد الوضوء. إن الله يحكم ما يريد وهكذا أبداً إلى أن أصبح عند العلماء شيء اسمه التعبد. وإلى لقاء آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.