سورة المائدة | حـ 856 | 2 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

سورة المائدة | حـ 856 | 2 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة - تفسير, سورة المائدة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله سبحانه وتعالى وفي سورة المائدة يقول ربنا سبحانه وتعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله"، أي لا تنتهكوا ولا تستبيحوا ولا تقدموا على دائرة شعائر الله فتعتدوا أمر الله. سبحانه وتعالى بالحلال وبالحرام وبين لنا ما الذي يرضيه وما الذي يغضبه فلا بد عليكم أن تلتزموا لا تحلوا
شعائر الله والشعيرة هي أمر الله سبحانه وتعالى قد تكون ظاهرة وقد تكون خفية قد تكون معلومة وقد تكون مجهولة فهناك ما عرفه المسلمون جميعاً وكان أمراً ظاهراً وعادة يكون مكرراً وهناك ما يعرفه بعض المسلمين ولا يعرفه بعض المسلمين. فمن النوع الأول الأذان، فالأذان أصبح شعيرة
من شعائر الإسلام الظاهرة، ولذلك يستدل المسلم إذا ما سمع الأذان أنه في بلاد المسلمين. فعندما تذهب إلى مكان ما وتسمع الأذان تقول: "الله، يوجد هنا مسلمون". وهم الذين يفعلون ذلك. المسلمين أصبحت علامة، فالشعيرة هي علامة خاصة، الشعيرة الظاهرة. ولذلك أكد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في نزاعه مع المشركين أنهم إذا سمعوا الأذان كفوا أيديهم.
إذا جئت إلى مكان ولست أعرف هل هؤلاء من المشركين الذين يحاربوننا أم من المسلمين الذين آمنوا، فالأمور متداخلة، قال لهم. أول ما تسمعوا الأذان كُفُّوا أيديكم. اللهُ، طيب، وبعد ذلك؟ طيب، أليس من الممكن أن يفعلها أحدٌ خدعةً؟ عندما يعرف المشركون ذلك، فالأمر يصبح سهلاً، إذ يرون المسلمين قادمين عندما يؤذنون. قال لك: عقلياً من الممكن أن يفعلوا ذلك، لكن واقعياً لم يحدث. طيب، وهذا من عند مَن إذاً؟ هذا ليس المشرك
أيام النبي عليه الصلاة والسلام على الطريقة التي يهرب بها منه، ليس هكذا فحسب، بل هذه ربما الطريقة التي ينتصر بها عليه. لقد أخبرته بسر حربي هكذا، أما لو سمعت الأذان، لو سمعت الأذان أكف يدي، أمر غريب، فلم يستفد منها أحد. لماذا؟ إنه غباء الشرك، فالشرك غبي يستفيد من شيء كهذا، كَبُرَ الشِرك، غير راضٍ أن يقول الله أكبر. يعني هؤلاء الناس
لو كان لديهم عقل ويعملون لمصلحتهم ويريدون الانتصار على المسلمين، لكانوا أذّنوا، لكن في جهة أخرى حمى الله فيها شعيرته. وهذه تكون أمراً يجعلنا ننتبه إلى أن الله يؤيد هؤلاء. هذا ربنا يؤيدهم، جالسون يضربونهم، جالسون يحتلون أرضهم، جالسون يظلمونهم، جالسون ينشرون عليهم الإشاعات، جالسون يسبونهم، جالسون يزدرون أمثلتهم وأنبياءهم، وهم سبحان الله محميون مؤيدون من الله، وكذلك عندما يقول
لك من قال لا إله إلا الله فقد عصم مني دمه وماله، حسناً، قوم واحد في الحرب كانت. خاصته قديماً بالسيوف، عندما يرى السيف على رقبته يقول: "لا إله إلا الله" بسيطة وانتهت، فأنا أسحب السيف وأقول له: "خلاص ما دمت قلت لا إله إلا الله" وقال لي: "محمد رسول الله، حسناً". وبعدها عندما أفعل ذلك، يقتلنا هذا الخاطر الذي هو العقلي، الخاطر العقلي، الخاطر العقلي ورد. عند سيدنا خالد وورد عند سيدنا أسامة أنه قال: "يا رسول الله، إنما قالها تعوذاً، إنه قالها لكي يهرب مني، هذا واضح في عينيه". فقال له: "هلا شققت عن قلبه؟"
يعني حتى لو كان، قال له: "حتى لو كان، أنا لا شأن لي، المهم أن يقولها". ما رأيك في أنه قالها الله ولذلك ونحن جالسون نقرأ في التاريخ واجهنا يوماً الحملة الفرنسية تحتل مصر ويريد أن يصنع إمبراطورية وقالوا له إن هذه العملية سهلة جداً، اعمل لهم منشوراً وقل لهم أنك مسلم. فقال حسناً، وأحضر معه مطبعة عربية كانت في مالطا وأحضرها معه وطبع منشورات ووزعها أن أنا مسلم أنا. جئت إليكم لأحرركم من ظلم المماليك وأنا مسلم. فقال له: حسناً. فاجتمع المشايخ: الشيخ السادات والشيخ الشرقاوي والشيخ
البكري وغيرهم من المشايخ، وقالوا له: لا، هذا الأمر بسيط، قل لا إله إلا الله محمد رسول الله، نبايعك ونترك الخليفة العثماني لأنك متغلب وجيوشك مسيطرة. فإذا كنت أنت ستدخل الإسلام بهذا الشكل فمرحباً وأهلاً وسهلاً. قال لهم: لا، لست قائلاً الله، أنا جالس أفكر: يا ربي، أنت أرسلت يا نابليون يا أخي هذا الشخص المجهول، وقلت فيه أنك مسلم. يا أخي، أمام المشايخ قم يا أخي وقل: لا إله إلا الله محمد رسول الله ما أنت تبدأ بالكذب منذ البداية، فما الذي يجعلك يا من يقول الله: "واعلموا أن الله يحول بين
المرء وقلبه"، أفلا يحول بين المرء ولسانه؟ إذن ربنا سبحانه وتعالى أيضاً في هذه الآيات في غيب وفي تأييد وفي معجزة دائمة لا ترضى أن تسكت، ولذلك فهذا القرآن معجزة رسالة باقية تنبئ. عن نفسها وتُظهر مكنونها وتبيّن آياتها للناس إلى يوم الدين في معجزة الرسول التي هي المعجزة الخارقة النابعة من بين يديه الشريفتين صلى الله عليه وسلم. سقى الجيش، والجمادات تكلمت وسمعوها،
وسمعوا أنين الجذع. إننا نحن سمعنا ما لم نسمعه، أليس كذلك؟ نحن معنا ماذا؟ معنا معجزة الرسالة الدائمة التي معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم، وإلى لقاء آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.