سورة المائدة | حـ 883 | 5 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

سورة المائدة | حـ 883 | 5 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة - تفسير, سورة المائدة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة المائدة يبين لنا الله سبحانه وتعالى أحكامه في بعض جزئيات الحياة، ونبين كيف اتصلت هذه الأحكام بالعقيدة، بالرؤية الكلية، بكيف ينظر المسلم إلى العالم. ربنا جعلنا هداةً مهديين وأمرنا. أن نطلب منه هذا في كل يوم في الدعاء "اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين".
ربنا أمرنا أن نواجه العالمين بقلب مفتوح، نتعايش مع الناس أجمعين، وهكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتعايش وبين لنا كيف التعايش، ولما دخل المدينة كتب صحيفة. ذكر فيها المعاهدة بينه وبين اليهود وأسس لمفهوم المواطنة وكيف يعيش الناس جميعًا في نسق واحد مع حفاظنا على عقيدتنا "قل تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا
من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون" فكيف أعيش في مجتمع وأنا منفتح؟ أول شيء تقبل الخلاف، جنبك واحد ليس مؤمناً بمحمد عليه الصلاة والسلام وأنا مؤمن به، فأول شيء أقبل أنه يسكن بجانبي. أقبل الخلاف، وقبول الخلاف هذا يقتضي منك ماذا؟ الصبر، فصبر جميل، سعة الصدر، تحمل الأذى. هو يقول محمد ليس نبياً، حسناً هذا رأيه. هذا يؤذيني وأنا
نقول سيدنا عيسى نبي وسيدنا موسى نبي. بل إن النبي صلى الله عليه وسلم جعل أهل الكتاب تشمل حتى الكتب المُدَّعاة إذا لم نعرف لها أصلاً. فأيضاً يشمل مع أهل الكتاب، قال: "سُنُّوا بهم سُنَّة أهل الكتاب" على المجوس، لأن زرادشت له كتاب، والهندوس لهم كتاب، ولذلك. المسلمون تركوا الهندوس يعيشون لأنهم أهل كتاب الله، حسناً، وماذا نفعل هنا إذاً؟ فربنا أعطانا أحكاماً لكي نثبت هذه العقيدة حتى لا تكون مجرد عقيدة بل تكون أيضاً تصرفات يومية تؤكد هذه العقيدة، فقال تعالى: "وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم"، حسناً،
سآكل منه ولكن ليس... سأدعوه عندي، لا، عندما يدعوني سأدعوه. الأخلاق الطيبة تؤدي هكذا. قال: "وطعامكم حل لهم"، الله تعالى يؤكد شيئاً مهماً. طيب، أفرق؟ قال: "وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم". خلاص، إذن نتزاور، لكنه يؤكد أن لا أحد يأتي ليتلاعب، ولا أحد يقول لا، هذا يقول أنه سيدنا محمد ليس سيدنا، لا، قال. وطعامكم حلال له لأجل ماذا؟ لأجل التزاور وحسن الخلق وحسن الجوار. والمحصنات
من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان. إذاً من الجائز أن أتزوج أيضاً من بناتهم، وعندما أتزوج من بناتهم، ألن ننجب؟ بلى سننجب، فيكونون أبناءنا. الذين سترعاهم والتي تجلس معنا والذين سيحدث فيهم حب الله، هذا كل شيء ها هو يؤكد المعنى الأول من قبول الآخر. لماذا لم تجعلوا أيضاً زيادة في التأكيد يتزوج ابنتي؟ قال لأجل أن تنتشر الدعوة من
غير عنف، من غير إكراه، من غير سيف، من غير دماء، كيف؟ وهو... هذا ما حدث: المسلمون عندما دخلوا مصر كانت مصر فيها أغلبها من المسيحيين وفيها بعض المشركين ما زالوا يعبدون إيزيس وأوزيريس وحنتيس وحورس وبورس وهذا الكلام. هناك أناس دخلوا في الإسلام أفواجاً، وأيضاً بعد مائة سنة أصبحنا خمسة في المائة فقط. فكان الرجل يذهب ويتزوج من الجيران البنت المسيحية وتظل على دينها. مسيحيتها "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" ربنا سبحانه
"لكم دينكم ولي دين". هذا تنوع وحرية وقبول للآخر وحب. أنا وهي أنجبنا أحد عشر طفلاً قبل تنظيم النسل، فكان "تكاثروا تناسلوا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة". يبقى في المرتبة الأولى الزواج من المسيحية رقم... اثنان: التكاثر، ثالثاً: أن بناتي لا يتزوجن إلا من مسلمين طيبين، وأما الأبناء فيتزوجون من غير المسلمات، حسناً. رابعاً: تعدد الزوجات: أن الرجل المسلم يمكنه أن يتزوج مثنى وثلاث ورباع.
خامساً: نسبة الأطفال إلى الإسلام، فإذا تزوج مسلم من مسيحية أو يهودية أو هندوسية أو غيرها وأنجب منها، فإن... هؤلاء هم المسلمون بعد سبعمائة سنة أصبحوا أربعة وتسعين في المائة من سكان مصر مسلمين من غير سيف ولا إكراه ولا دم ولا نزاع ولا شيء من هذا القبيل، وأصبح موجوداً في الشعب مسيحيون ويهود وهكذا، لكن المسلمين لم يفعلوا مثل ما فُعِل بهم في الأندلس حيث
أُبيدوا وطُردوا وشُرِّدوا وشُرِّد بهم ولم. يفعلون مثل ما فعلوا فيهم في فلسطين، ولم يفعلوا مثل ما فعلوا في الهنود الحمر في أمريكا، ولم يفعلوا مثل ما فعلوا في سكان أستراليا الأصليين، ولم يفعلوا مثل ما فعلوا في أواسط أفريقيا في الزولو والبوير، ولم يفعلوا أبداً. تاريخهم نظيف بأي شيء؟ بهذه القواعد الخمسة أو الستة التي فيها حب. وحفاظٌ على الهوية ودعوةٌ بالتي هي أحسن وحريةٌ في الاعتقاد وتركٌ للآخر ليعيش كما يريد وحسنُ الجوار، فالحمد لله الذي جعلنا مسلمين. اللهم ألهمنا رشدنا وبيّن لنا مرادك من كتابك. وإلى لقاءٍ آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم
ورحمة الله وبركاته.