سورة المائدة | حـ 886 | 6 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

سورة المائدة | حـ 886 | 6 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة - تفسير, سورة المائدة
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة المائدة يقول ربنا سبحانه وتعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين﴾ وهذه آية تعلمنا الوضوء قبل الصلاة. فإذا أردنا أن نقوم إلى الصلاة فيجب علينا أن نتطهر من الحدث وذلك بأن نغسل وجوهنا وأيدينا
إلى المرافق وأن نمسح برؤوسنا وأن نغسل أرجلنا إلى الكعبين وهذه هي الأركان الأربعة المذكورة في الآية ويمكن أن نضيف إليها ركنا خامسا وهو النية لأن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا النية في كل العبادات وفي قوله "قمتم" بمعنى أردتم القيام، والإرادة معناها النية، فيها إثبات لوجود نية ما أنني أريد بهذا العمل أن أستبيح
الصلاة، وذلك بأن يزول الحدث الذي تسبب فيه بعض الأسباب. إذاً الإنسان إما أن يكون ليس عليه حدث فيجوز له أن يذهب إلى الصلاة، أو عليه حدث. فلا بد عليه أن يزيل هذا الحدث. الفقهاء جلسوا فتدبروا القرآن كلمة وفكروا فيه حرفاً وجمعوا الأحاديث النبوية وأقوال الصحابة الكرام وتدبروا في فعلهم وقولهم وتصرفاتهم وخرجوا
بمعنى للحدث. هذا المعنى إذا ما فهمناه فهمنا كلامهم في كتب الفقه وإذا غاب عنا غاب عنا الفهم بقدر ما غاب. عندنا فهم معنى الحدث، فالحدث أمر اعتباري قائم بالأعضاء يمنع من صحة الصلاة حيث لا مرخص. هذا هو المكتوب في كتب الفقه. فما معنى هذا أمر اعتباري؟ وكلمة اعتباري معناها أنه لا يُرى ولا نشمه ولا ندركه بحواسنا المعتادة. بحواسنا
المعتادة: البصر، الشم، الذوق، السمع. عندما أفقد الوضوء يخرج مني. شيء يسبب نقض الوضوء يحدث في أعضاء الوضوء أمر اعتباري، كأن أعضاء الوضوء دُهنت بلون. عملنا دهاناً لونه أخضر مثلاً، فالوجه أصبح مغطى بماذا؟ باللون الأخضر، والرأس باللون الأخضر، واليد إلى
المرفقين باللون الأخضر، والرجل إلى الكعبين باللون الأخضر. هل يرى البشر ذلك؟ لا، يعني عندما أراك هكذا. لا يعرف إذا كان متوضئاً أم غير متوضئ. هل إذا لمست بلسانك يدك وأنت غير متوضئ يكون لها طعم مختلف عن طعمها وأنت متوضئ؟ أبداً. هل تشم في يدك شيئاً مختلفاً؟ أبداً. إذاً، أهو أمر حقيقي أم اعتباري؟ إنه اعتباري، أي أن لا أحد يراه أو يسمعه. تسمع صوتًا هكذا أبدًا، لا أحد يراه ولا يسمعه ولا يشمه ولا يلمسه ولا أي شيء، فيكون
إذًا أمر اعتباري، وهذا الذي معناه أمر اعتباري. افترض أن الملائكة الكرام يرونك، الله خلقهم هكذا، خلقهم أول ما يرونك يعرفون إذا كنت متوضئًا أم لا، من ماذا؟ من هذا اللون الحاصل. إذا كان الحدث شيئاً مثل اللون الذي يصبغ أعضاء الوضوء، وأنت ملوّن هكذا، فلا يصح أن تصلي. يجب عليك أن تذهب لتتوضأ، فتذهب للوضوء وتأخذ الماء وتضعه على وجهك، وتغسل وجهك. غسل الوجه بهذه الصفة يزيل اللون. فغسلت وجهي، وبعد ذلك
يديّ، ومسحت رأسي، وغسلت رجليّ، فذهب [اللون]. اللون في الملك وهو يراني الآن ماذا من غير لون هو هذا الذي يذهب للصلاة، حسناً افترض أنني غير قادر على استعمال الماء فأذهب للتيمم، لكن التيمم لا يزيل اللون وإنما يبيح الصلاة، يبيح ماذا؟ الصلاة، لكنه لا يزيل اللون، ولذلك أول ما وجد ماءً، كان الماء مقطوعاً، لم يوجد مياه فتيممت وصليت. أول ما أستطيع الحصول على المياه أتوضأ، حتى لو وجدت المياه وأنا في الصلاة وأنا متيمم. المياه جاءت أمامي، فيجب علي الخروج من الصلاة لأنني علي اللوم، ولم أذهب. إذن ما الفرق بين نية الوضوء ونية
التيمم؟ نية الوضوء لرفع الحدث ولإزالة الأمر الاعتباري، ونية التيمم لكي تُقبل على الصلاة وأنت مطمئن بالرغم من أن اللون عندك، فإذا كانت هذه الألوان موجودة وتزول عندما تتوضأ وتنزل المياه بالنية والأركان الأربعة، ومن الممكن في النهاية أن الشافعية يضيفون الترتيب، فلا بد أن يكون الوجه أولاً ثم اليدان ثم مسح الرأس ثم غسل الرجلين. وإذا فعلت بالعكس فلا قائم بالأعضاء يمنع من صحة الصلاة حيث لا يوجد مرخص، افترض أن هناك مرخصاً فلا حرج عليه. نذهب لنتيمم وهو معنا
الحدث ونصلي. الركن الأول: النية، والركن الثاني: اغسل. ما معنى اغسل؟ الشافعي قال: تغسل يعني أن تجري المياه على وجهك، تجري هكذا على وجهك. أما المالك فقال: لا، يجب كيف يكون الدلك إذا كان الغسل عند الشافعي؟ يبدو أنه ماء فقط، ولكن عند مالك يكون ماء مع دلك، فاغسله. سنتوقف عند كلمة "فاغسله" ونكمل في حلقة أخرى. والسلام