سورة المائدة | حـ 887 | 6 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

سورة المائدة | حـ 887 | 6 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة - تفسير, سورة المائدة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة المائدة يعلمنا ربنا سبحانه وتعالى الوضوءَ. والوضوءُ هو الفعل الذي نفعله قبل الصلاة لإزالة الحدث، والوَضوء بالفتح هو الماء الذي تستعمله في الوضوء، وهكذا الفرق بين الفعل وبين الآلة الحدث. الذي يُسمى فِعلاً في اللغة العربية وُضوء، لكن الآلة وَضوء. سَحور أنك تجلس تتسحر، تأكل سحوراً،
الطعام نفسه. وَقود أنك تُشعل النار في الخشب، وَقود الذي هو الخشب نفسه الذي ستشعل فيه. "وقودها الناس والحجارة"، لا تقل وُقودها، قل وَقودها. وَقود، سَحور، وَضوء هذا يكون الآلة، أما الحدث فبالضم. هكذا وقود سحور وضوء فعلّمنا الوضوء بالوضوء، يصبح علّمنا الوضوء بالوضوء، يعني علّمنا الوضوء بماذا؟ بالماء. إنّ الوضوء هنا معناه الماء الذي تتوضأ به. "يا أيها الذين آمنوا إذا
قمتم إلى الصلاة فاغسلوا..." فاغسلوا وجوهكم. الغسل عند الشافعي جريان الماء، ليس فيه دلك. عند جماعة المالكية لا، لا بد من... الدَلْك عندنا هو الشافعي وهو يقول الدَلْك ليس ضرورياً، لم يقل إن الدَلْك حرام. ولكي نخرج من خلاف الأئمة، ماذا نفعل؟ نجري الماء مع الدَلْك مثل المالكيين. لا يضر شيء لأن الشافعي يقول: نعم، لا بأس، ولكن إذا اكتفيت بجريان الماء فقط من غير دَلْك، فهل يجوز؟ المالكي يقول: لا، لا يجوز. لا يصح أن يكون اختلافهم ناتجاً من حقيقة الغسل في اللغة. فالشافعي
يقول إن اللغة تفيد أن الغسل معناه جريان الماء، بينما يقول سيدنا الإمام مالك إن الغسل في اللغة هو جريان الماء مع الدلك. هذا اختلاف في اللغة سبب اختلافاً في الفقه، والمخرج أن نفعل الأمر احتياطاً، فاغسلوا والغسل كما يكون في الوضوء. سيكون في الاغتسال أيضاً، الشافعي يقول لك: ولو وقفت تحت الدش أو الميزاب (الميزاب يعني الدش) خلاص تطهرت. مالك يقول: لا، لابد أن تدلك جسمك حتى يكون الغسل صحيحاً. طيب
"فاغسلوا وجوهكم"، الوجه إذاً من أين؟ ما هو الوجه؟ قال لك: الوجه هذا مشتق من المواجهة، وهو من الأذن إلى الأذن عرضاً. ومن منابت الشعر المعتادة إلى آخر الذقن، الذقن هكذا بالكسر طولاً. قال له: من المنطقة هذه، من الأذن هنا إلى الأذن هناك، هذا هو العرض هكذا، يجب علينا غسل هذه المساحة فقط. منابت الشعر المعتادة قليلة. قال له: لكنني أصلع قليلاً، ليس لدي شعر هنا، لقد انحسر الشعر.
قال... له لا يكون من مكان معتاد، ليس من الانحسار. قال: حسناً، لا عليه، سأكثر عليك في الكلام. أنا عندي غم، غم. يعني ماذا؟ يعني الشعر أخرجني من وسط الناس من هنا هكذا. لابد أيضاً من البدء من فوق، من المكان المعتاد، سواء نزل الشعر أو ظهر في المنابت. هو أيضاً من المكان المعتاد الذي عادةً ما يوجد به أغلب البشر، هو هكذا، هو هنا إلى الذقن، إلى هنا، هكذا. قالوا: طيب، وهذه المنطقة؟ قالوا: لا، هذه من الرأس. قال له: طيب، والأذنان؟ قال: الأذنان هاتان إذا جعلتهما من الوجه يصح،
وإذا جعلتهما من الرأس يصح أيضاً، يعني الأذنان يا... عيناي كأنهما حائرتان بين الرأس وبين ماذا؟ الوجه. طيب، فليكن "فاغسلوا وجوهكم". هل تغسل وجهك مع مسح الأذنين أم مع غسل الأذنين؟ أم مرة تجعلهما مع الوجه ومرة تجعلهما مع الرأس؟ الأمر سهل، لا تتوقف عنده كثيراً. افعلها كما تريد. حسناً، أنا شافعي، إذا كنت شافعياً أيضاً فهذا جيد. يكون الأمر كما تريد، فالشافعية يقولون هكذا. حسناً، إذاً اغسلوا الوجه: "فاغسلوا وجوهكم"، وعرفنا معنى الوجه. قال: لكن هذا الوجه
فيه لحية، كيف نتعامل معها؟ هذه اللحية عند الرجال. قال: هذه اللحية منها خفيف ومنها كثيف. عندما وصلتهم الأسئلة الكثيرة أجابوا عن كل شيء. قال: منها كثيف ومنها... قال له: ما الفرق بينهما، بين الخفيف وبين الكثيف؟ قال: هل ترى البشرة من خلالها؟ إذا كانت البشرة واضحة من تحت الشعر فهو خفيف، وإذا كانت البشرة غير واضحة من تحت الشعر فهو كثيف. إذاً، ضابط التفريق بين الكثيف والخفيف هو رؤية البشرة من تحت الشعر. إذا رأيت البشرة من تحت الشعر فماذا يكون؟ خفيف. لم
أجد البشرة من تحت الشعر، والشعر أسود هكذا، والمبيض يغطي البشرة تماماً، إذن فهو كثيف. قال: حسناً، أما الماء عندما يصل، قال: إذا كان خفيفاً فإن الماء سيصل مباشرة إلى البشرة، وإذا كان كثيفاً فيكفي أن يصل إلى ما هو من الخارج. لماذا قالوا كثيف وخفيف؟ لأنهم يمتثلون لقوله تعالى. فاغسلوا... نغسل ماذا؟ وجهك. حسناً، وهذه النقطة، هذه اللحية، وأنا لحيتي كبيرة وكثيفة، ماذا أفعل إذن؟ أأجلس يعني وأقطعها أم ماذا؟ أم كيف أوصل؟ من قال لا؟ الكثيفة تكون سهلة، تمر بيدك على وجهك من الخارج هكذا، والخفيفة قال: أما الخفيفة فليس فيها مشكلة، فالماء سيصل
إليها. لوحدها فاغسلوا وجوهكم، وبعد ذلك تجد في كتب الفقه أشياء هكذا يعني لم نرها أبداً، يقول لك افترض أن شخصاً له وجهان، كيف يكون له وجهان؟ قالوا أحياناً توجد ظاهرة تسمى التوائم السيامية، لكنها نادرة جداً، فقال يغسل الوجه الأصلي والوجه الزائد لا يغسله، قال حسناً افترض أن الاثنين أصليان. قال: يجب غسل الاثنين لأن هذا هو الوجه، يعني الحمد لله أنهم لم يتركوا شيئاً إلا وتحدثوا فيه. ولكن يكفينا أن نعرف الوضوء هكذا بصفة عامة: "يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم
وأرجلكم إلى الكعبين" وانتهى الأمر، حسناً هكذا. لكن التفتيش من أساسه موجود، وكلما سألت كلما شُدّد عليك، فيكون من الديانة أن لا تسأل إلا عما يفيدك. وإلى لقاء آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.