سورة المائدة | حـ 888 | 6 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

سورة المائدة | حـ 888 | 6 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة - تفسير, سورة المائدة
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة المائدة، وربنا سبحانه وتعالى يعلمنا الوضوء بالوضوء قبل الصلاة. والوضوء هو الفعل والحدث يعني عملية الوضوء نفسها، والوضوء هو الماء الذي نتوضأ به، وهكذا في كل إله كما ذكرنا. مرات قبل ذلك فنقول سَحور وسُحور، فالسَحور هو الأكل والسُحور هو عملية التسحر نفسها والقيام بالليل، وبعد ذلك نأكل اسمها سَحور، والأكل سُحور. وَقود ووُقود، الوَقود هو الحطب الذي نوقد به، والوُقود هي عملية الإيقاد.
فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ﴾ والمسح. بخلاف الغسل فالمسح يكفي فيه مماسة الماء للعضو ولا يشترط فيه كما يشترط في الغسل جريان الماء وانتقال الماء من نقطة إلى نقطة ثانية، ولكن المسح لو كانت يدي مبلولة ومسحت على رأسي كفى. واختلف اللغويون والفقهاء
بناءً على اللغة في هذه المسألة، فهو لم يقل وامسحوا رؤوسكم بل قال. برؤوسكم فهنا في باء ونقف عند حروف المعاني لنرى أن الباء يمكن أن تكون للإلصاق، والإلصاق معناها ملصقين أيديكم برؤوسكم، ولذلك مجتهد من المجتهدين يقول إن الوضوء في مسح الرأس ركن مسح الرأس أن تكون يدك مبلولة وتضعها على رأسك، عندما تضع يدك على رأسك تشغل تقريبًا إن.
كنت معتدل الخِلقة يصبح تشمل ربع الرأس، ربع الرأس خمسة وعشرين في المائة، فيقول لك أقل شيء ربع الرأس. هذا إمام من الأئمة، الإمام أبو حنيفة. إمام آخر قال: "لا يا إخواننا، إن الباء هنا زائدة". وزائدة تعني ماذا؟ قال: "يعني احذفها واستمر في الكلام". احذفها واستمر في الكلام يصبح: امسحوا رؤوسكم. مسحنا الكلام ها هو، فيكون رأسنا كلها، وهذا الإمام مالك يقول لك: رأسك كلها تمسحها من أولها إلى آخرها. لماذا قال:
الباء هنا زائدة؟ قلنا له: ليس صحيحاً أن نسمي كلمة أو حرفاً في القرآن زائداً. ماذا تعني زائدة؟ قال: لا، لم تفهم ما أقصد، زائدة هنا معنى نحوي. وليس أنها لا فائدة فيها، بل إن هذه الحروف الزائدة لها فوائد في المعنى. "امسحوا برؤوسكم" تعني بكل رؤوسكم متمكنين منها، فالباء هنا تفيد التمكن وعدم الاستهتار بالمسح. "امسحوا رؤوسكم" قد تعطينا إما
مسح كل الرأس أو مسح بعض الرأس، لكن "امسحوا برؤوسكم" تعطينا معنى مسح كل الرأس. هذا كلام. مَن الإمام مالك؟ الشافعي قال له: لا، أنا أرى أن البقاء هنا للتبعيد، يعني ببعض رؤوسكم، يعني بشيء من رؤوسكم. قلنا له: والله والشيء هذا يا فضيلة الإمام الشافعي، كم مقداره؟ قال: شيء في الرأس. ماذا يعني؟ قلنا له: أقل شيء شعرة. قال: خلاص، ببعض رؤوسكم يعني بشعرة، شعرة واحدة. فقط هكذا قال نعم، إذاً مسحنا برؤوسنا، قال نعم، قلنا له: الله! طيب
هذه الشعرة فضيلة الإمام أحياناً تكون طويلة وأحياناً تكون قصيرة، فأي شعرة؟ قال: ولو ببعض شعرة، ليست هي بالضبط، إذاً ببعضها. فقال: ويكفي في مسح الرأس شعرة أو بعض شعرة، انتبه، شعرة أو... بعض شعرات هذا الكلام من أين يأتون به؟ من كثرة أسئلة الناس. يقول لك: بعض رؤوسك، قم بتمشيتها هكذا. لا، كان بعض بالضبط يعني... حسناً، شعرك. حسناً، افترض شعرة طويلة وشعرة قصيرة. حسناً، بعض شعرة. ولذلك الفقه بُنِيَ بناءً على
تجربة، بناءً على احتكاك الأئمة بالناس، لم يُبْنَ فجأة هكذا، ولذلك الذي... يريد أن يخرج من الفقه ويهدم الفقه ويعود مرة أخرى ليبنيه، هذا مثل الذي يريد أن يهدم القاهرة مثلاً ويسويها بالأرض ويبنيها من جديد، أليس كذلك؟ هذا لا يصلح. إنها طريقة موجودة في العقول البشرية، يقولون لك: "التعمير بالتدمير"، إنه مذهب موجود عند الناس، التعمير بالتدمير، دمّر لكي تعمّر، لكننا لسنا متفقين على ذلك. معه على ذلك، أو كل البشر متفقون على أن التدمير سيجلب التعمير. طيب، إذاً امسحوا، عرفنا حقيقة المسح بعرفنا الباقي هنا. رأسكم أصبح
الرأس، أين الرأس؟ الرأس معروفة، ها هي الرأس معروفة. قال: لا، حددها. الذي حددها لماذا؟ قال له: من منبت الشعر المعتاد. قال له: حسناً، افترض أن شخصاً أصلع. قال له: لا، يجب أن يكون من منبت الشعر المعتاد. قال له شخص لديه غمم - والغمم هو أن الشعر يطلع من منتصف الرأس هكذا - قال له: أيضاً يكون من منبت الشعر المعتاد الذي يُكمل دوران الوجه هكذا، وهذا هو بداية الرأس. قالوا: حسناً، افترض أن شخصاً يربي شعراً أو امرأة تربي شعرها، فيكون... هل يصلح الشعر النازل على كتفيها هكذا أن تمسحه
فيكون ذلك مسحاً لرأسها؟ فقال: لا، فالرأس الذي عليه منابت الشعر هو محل الرأس. إذاً عندنا ثلاث كلمات نريد أن نقف عند كل كلمة: "امسحوا" هذه كلمة، "الباء" هذه كلمة ثانية، "رؤوسكم" هذه كلمة ثالثة، "امسحوا برؤوسكم" جاء هنا. المسح في وسط الإرسال، ولذلك قال بعدها: "وأرجلَكم" وليس "وأرجلِكم". ولو كان قال "وأرجلِكم" لكانت الرجل من حقها المسح، لكن هنا قال "وأرجلَكم" فيكون من حقها الغسل. اغسل، اغسل، امسح،
اغسل. فالشافعي قال: عدم الترتيب يؤذن بأن الترتيب واجب، وذكر الشيء بين المختلفات يدل على أنه لازم أن نرتب لأنه... لو لم يكن هناك ضرورة للترتيب لكنا نقول: اغسل، اغسل، اغسل، امسح؛ اغسل وجهك واغسل يديك واغسل رجليك وامسح رأسك، لكن عندما وضع المسح في وسط: اغسل، اغسل، امسح، اغسل، فهذا يعني أن الترتيب لا بد منه. أبو حنيفة قالوا: لا، لا ضرورة له، ويكفي الأعضاء الأربعة فقط، إذن عندنا... هنا ستة من أركان الوضوء: النية، والأربع
أركان، والترتيب على ما ذكرناه. وإلى لقاء آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.