سورة المائدة | حـ916 | 12 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

سورة المائدة | حـ916 | 12 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة - تفسير, سورة المائدة
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على سيدنا رسولِ اللهِ وآلهِ وصحبهِ ومَن والاهُ. معَ كتابِ اللهِ وفي سورةِ المائدةِ يقولُ ربُّنا سبحانه وتعالى وهو يبينُ لنا سُنَنَ الذينَ خَلَوْا مِن قبلِنا، فيُحذِّرُنا أن نقعَ فيما وقعوا فيهِ، ويأمُرُنا أيضاً بما أمرَهُم بهِ مِن أجلِ النجاةِ في الدنيا. من أجل أن ننجو في الدنيا ومن أجل أن نتقي العذاب في الآخرة يبين لنا سنن السابقين ليس
على سبيل القصة فقط بل على سبيل الأمر لنا في قابل أيامنا ولذلك كان القرآن ليس كتاباً تاريخياً يروي أساطير بل هو كتاب هدى وتكليف وتشريف ودفع حضاري وبناء إنسان كتاب هدى. للمتقين فيه شفاء لكل الناس. قال تعالى: "ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل". على طول أول شخص يقرأ الآية يقول: نعم، انتظر حتى نرى كيف تكون معاداتنا لبني إسرائيل. كيف نريد أن نعادي
بني إسرائيل؟ العبرة ليست هكذا، بل إننا ما أحببناهم إلا لصفاتهم الطيبة التي تميزوا بها عن الكافرين. ففضلهم الله بها على العالمين وما كرهناهم إلا لصفاتهم الخبيثة الدنية التي أفسدوا بها في الأرض، فنحن أقوامٌ لا نعرف التفرقة العنصرية ولا التمييز بين الناس، نحن أقوامٌ نعرف الصراط المستقيم وندعو إليه، فمن انحرف مغضوباً عليه أو ضالاً عنه كرهناه، نصحناه، وعظناه، أمرناه بقدر انحرافه عن الصراط المستقيم، صراط. الذين
أنعم الله عليهم سبحانه وتعالى، ولذلك فعندما نقرأ هذا نبحث عن الأوامر التي يوجهها الله لنا نحن أول شيء. ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل، أخذ الله إذاً فالله يريد أن يصنع ميثاقاً مع فئة من البشر. نحن هنا على الفور، نحن يا رب هنا، سمعنا وأطعنا، إياك أن سمعنا وعصينا، نعاهدك يا رب بما كنت ستعاهد به بني إسرائيل، عصى من عصى وآمن من آمن. وجّه الكلام لنفسك، انظر
ماذا أراد ربنا وعلى الفور تمسك بمراد الله فتجعل القرآن كتاب هداية. ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً، بعثنا معكم يا أهل يعني... الميثاق ترتب عليه أن أقامني الله سبحانه وتعالى فيما أرادني أن أقوم فيه بعث مثل الرسالة هكذا مثل مقام الرسالة ثم وقال الله إني معكم. يا أنا أحب هذه، أحب أن يكون ربنا معي.
نريد أن يكون ربنا معنا، هذه هي القضية. ماذا نفعل إذن؟ لأنكم أقمتم الصلاة، نعم هذا ربنا يكون معك يا مسلم عندما تقيم الصلاة، إياك أن تفعل كعصيان من سبقك، أُمروا بالصلاة فرفضوا، والمسلم الذي لا يصلي يكون متشبهاً بهم في عصيانهم، لا يتشبه بهم في الحفاظ على ميثاقهم. فلتعلم أيها المسلم أن الصلاة ميثاق بينك وبين ربك، وأن الله يريد منك أن تقيم الصلاة وأن بها وأن تجعلها على الوجه
الأكمل، لئن أقمتم الصلاة، نعم، هذه هي التي أريدها حتى يكون الله معي، وآتيتم الزكاة. عبادة قاصرة وعبادة متعدية، لا ينسى الأغنياء واجبهم الذي أقامهم الله فيه، فإن نسي الأغنياء أو تناسوا إخراج الزكاة فقد نقضوا ميثاق الله، فإن ادّعوا أنه لم يواثقهم على ذلك فقد كذبوا فإن الله ما قص علينا القصص إلا عبرة لأولي الألباب "لقد كان لكم في قصصهم عبرة". فهو لا يقصها علينا هكذا،
بل يقصها علينا لكي نقيم أنفسنا مقامهم، فننتهي عما نهاهم عنه، ونقيم أنفسنا مقامهم فيما أمرهم به. قل له: يا رب، لقد جعلتنا خلفاء لهؤلاء فلا. نعصيك كما عصوك، بل نقوم بمرادك كما أردت. وآمنتم برسل، فينبغي علينا أن نؤمن بكل الرسل. لا يجوز لنا أن نكفر بأحدهم. كان هناك شخص، ونحن مؤمنون بكل الرسل، فلا يصح أن نشتم سيدنا موسى لأنني في نزاع بيني وبين بني إسرائيل وصل إلى الحرب وسفك الدماء. لا يصح
هذا، أقول سيدنا موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، لا يصح إذا تجرأ أحد من أتباع السيد المسيح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام فسب محمداً، أن ننتقم منه فنسب سيدنا عيسى. لا يصح هذا، فهذا سيدنا وهو جزء من إيماننا، فلا بد أن نؤمن بسيدنا عيسى كما هو إيماننا. بسيدنا محمد هكذا فلا بد علينا أن نؤمن برسل. مرة شخص ما (لا داعي لذكر اسمه لأنه انتقل إلى جوار ربه) من الشعراء، جاء المبشرون في الجامعة الأمريكية
في بيروت وبدأوا يسبون النبي صلى الله عليه وسلم، فحصلت له نوع من أنواع العصبية والغيرة غير المحمودة وكان. شاعر فذهب وكتب قصيدة طويلة عريضة هكذا في سب السيد المسيح والسيدة الصديقة، فقالوا له: "لماذا يا فلان أنت تسبهما؟ لصالح مَن؟ لصالح الإسلام؟" قالوا له: "لكنك لست مسلماً هكذا أصلاً"، وكفّروه لأنه سب السيد المسيح وأمه عليهما السلام، كفّروه وقالوا: "أنت لست مسلماً أصلاً، فلصالح مَن أنت تكتب
هذه لا، أنا كتبتها لأفشّ غِلّي. قال له: لا يصح ذلك، فالمسلم أصلاً ليس عنده غِلّ، فأنت لست مسلماً أيضاً. وهكذا كفَّروه، فتاب إلى الله. ولذلك لا نجد هذه القصيدة حتى في ديوانهم، ولم يريدوا نشرها لأنه تاب إلى الله منها. الحمد لله أنه تاب إلى الله، لكن... انظر، المسلمين يجب عليهم أن يؤمنوا بكل الرسل. ومن سيشك فحسابه عند ربه، ومن سيقل أدبه ومن سيطوي لسانه "إنا كفيناك المستهزئين" فسيكفيكهم الله. وهكذا، لا تلتفت إلى الأسافل من الخلق. وإلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة
الله وبركاته.