سورة المائدة | حـ925 | 15 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

سورة المائدة | حـ925 | 15 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة - تفسير, سورة المائدة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة المائدة يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يوجه خطابه إلى أولئك القريبين من المسلمين، ومعنى القربى أنهم قد آمنوا بالله رباً خالقاً رازقاً محياً مميتاً، وأنهم آمنوا بالرسل وبالوحي وأن. الله لا يتركنا عبثاً وأن الله سبحانه وتعالى أنزل الشرائع والكتب عن طريق الوحي على أولئك الأنبياء والمرسلين وأمرهم بتبليغه إلينا وأن الله سبحانه وتعالى يرجعنا
إليه في يوم آخر هو يوم القيامة، يوم مالك يوم الدين، نرجع إليه سبحانه وتعالى للحساب إما العقاب وإما الثواب. الجنةُ وأمّا النارُ فمَن آمَنَ بكلِّ ذلك فإنه يكونُ قريباً من المسلمين، فإنّ الإسلامَ يُؤمِنُ بكلِّ ذلك، لكنّه آمَنَ بسيّدِ الخلقِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم، فيكونُ الفرقُ بيننا وبينهم خطوةً، وهي الإيمانُ بسيّدِ الكائناتِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم، فيتمُّ بذلك الأمرُ ويُصبحُ الإنسانُ بذلك وبتلك الخطوةِ الأخيرةِ مسلماً فيوحّدُ ربَّنا. سبحانه وتعالى الكلام إلى أولئك النفر فيقول: يا
أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير. إذاً هو يخاطب أهل الكتاب، ومن أهل الكتاب من هو قريب منا، ومنهم من تشوهت كتبه أو تشوهت عقيدته جداً لدرجة أنه لا تجد عنده تكليفاً. أو تجده تكليفًا منحرفًا قد دخلت فيه الوثنيات، أو تجده تفاهة في عقائده باليوم الآخر، أو غير ذلك من الأسباب. ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم ينبهنا أن أهل الكتاب
درجات؛ الدرجة الأولى هي ما ذكره الله في كتابه من شأن النصارى واليهود، يتكلم عنهما ويبين شأن أنبيائهما سيدنا. عيسى سيدنا موسى ولكن كلما بحثت كلما رأيت أن أقواماً يتخذون شخصاً ويدعون له كتاباً، فهؤلاء أيضاً يدخلون في الخطاب في دعوة الإسلام. ندعوهم إلى ما جاء في الكلمة الأخيرة والعهد الأخير لرب العالمين إلى الناس أجمعين. تعالوا إلى كلمة سواء، قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا. وبيننا أن لا نعبد إلا الله، إذا
وجدنا هذا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول في شأن المجوس عندما سُئل عنهم ولم يُذكروا في الكتاب: "سُنّوا بهم سُنّة أهل الكتاب"، وذلك أن المجوس يدّعون أن لهم نبياً وهو زرادشت، ويدّعون كتاباً يتبعونه، يتكلمون عن صفاء النار النفس البشرية وكأنهم يتخذون من النار مثالاً يُحتذى في صفاء النفس وفي سكينتها وما إلى ذلك، ولكن هل الأمر واضح ومتماثل في قضية اليوم الآخر؟ تراه غير
واضح، وعندما بحثنا وجدنا أن أقواماً تسمى بالصابئة، والصابئة ذكرهم القرآن، وجدناهم يتبعون سيدنا يحيى - سيدنا يحيى أيضاً موجود في القرآن - كتاباً، وهذا الكتاب مطبوع وموجود، خاص بالصابئة، ويطبعونه بالعكس، أي أن نصف الكتاب تفتحه من اليمين وتقلبه هكذا لتفتحه من الناحية الأخرى من اليمين. طريقتهم هكذا، والكتاب مطبوع نصفه بشكل معتدل ونصفه الآخر مقلوب
من الناحية الأخرى، حتى عندما تقلب الكتاب تفتح العدد الذي معه. موجود أمامنا، ماذا سنفعل الآن؟ سنُّوا بهم سُنَّةَ أهل الكتاب، ويبقى الأمر موجهاً إليهم والخطاب موجهاً إليهم: "يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير". هذا الكتاب ظل مجهولاً لا يعرف عنه أحد شيئاً إلى أن تمت طباعته أخيراً في السنوات الأخيرة الخاصة بنا، قبل عشر هكذا لا أحد رآه، ولا أحد تحدث عنه، لماذا يُخفونه؟ ذهبنا إلى
الهند، وألّف البيروني "تحقيق ما للهند من مقولة ممدوحة في العقل أو مرذولة"، وذكر فيها أنهم حينما دخلوا الهند وجدوا عقائد عند الهنود، وعندهم كتاب، وهذا الكتاب يسمونه الفيدا، وهذه الفيدا تنقسم إلى عشرة أقسام فيها أغانٍ وأناشيد وكذا إلى آخره هو أيضاً نوع من أنواع الحكم، وهناك البوذية وبعضهم يقول إن بوذا هذا نبي، ربما يكون بوذا هذا نبياً، حسناً، من هو نبي الهندوس؟ هم أنفسهم لا يعرفون. انظر كيف بدأت
الأمور، لماذا لم تكن واضحة هكذا؟ فهي تحتوي على اشتباه حقيقي. أهل وكتاب وأيضاً مؤمنون. بخالق ولكن غير مؤمنين بيوم آخر، أليست هذه المسألة مشوشة بعض الشيء؟ فاستبدلوا الإيمان باليوم الآخر بالقول بتناسخ الأرواح، أي أن الروح حينما تخرج من شخص تحل في شخص آخر. ولديهم كلام عجيب غريب لطيف في مسألة التناسخ هذه، يقولون لك: هناك تناسخ، وهناك تراسخ، وهناك تفاسخ. ما هذا الكلام! ما سمعناه ولا نعرفه، قال لك إن التناسخ هو أن روحك تخرج ثم تدخل في ماذا؟ في إنسان، أما التراسخ فروحك تخرج وتدخل في شجرة مثلاً أو في
شيء كهذا، أما التفاسخ فقال لك إن روحك تخرج وتدخل في صرصار أو في نملة وبعد ذلك تعيش حياة أخرى، عقائد كهذه نقول لهم يا أهل الكتاب تعالوا إلينا لتشاهدوا نبينا، دين عالمي ودعوة عالمية. وإلى لقاء آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.