سورة المائدة | حـ932 | 17 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة المائدة يقول ربنا سبحانه وتعالى: "لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه". ومن في الأرض جميعاً ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير. جاء الإسلام بخالص التوحيد، جاء بأن الرب رب وأن العبد عبد، وأن هناك فارقاً بين المخلوق والخالق. فالفارق بين المخلوق والخالق
أن الخالق لا بداية له ولا نهاية له وهو الأول والآخر. وأنه ليس بمخلوق وأنه لا يحتاج إلى أحد فهو قيوم السماوات والأرض، أما المخلوق فله بداية وله نهاية، ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى رفض أن يكون أحدا من البشر قد تسمى باسمه سبحانه، ولا أنه له علاقة البنوة أو الحلول أو الاتحاد، وقالت اليهود عزير بن الله، وقالت النصارى المسيح. إن الله وهنا يرد على من قال لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم. وكلمة
المسيح تعني الملك، فقد جاء لإعزاز بني إسرائيل في مواجهة أعدائهم بعد الأسر البابلي الذين سيموا فيه سوء العذاب، فسمي بالملك. والمسيح هو ابن مريم، وهذا الاسم هو اسم هذه المرأة. الكريمة الجليلة عليها السلام هو المذكور وحده في القرآن وذُكِر من أجل نسبة الأشياء إلى حقيقتها، فسيدنا المسيح خلقه الله بلا أمر وخلقه
من أم هي سيدة نساء العالمين السيدة مريم. قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد. فاعترف بذلك حيث كذبه. اليهود ولم يقر بالألوهية حيث وقع فيها كثيرون ومما حمى الله سبحانه وتعالى نبيه بعد أن دعا وقال اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد أنه لم يعبده أحد أبداً ممن انتسب إلى الإسلام وهذه آية عظمى وفضيلة عجيبة غريبة للخلق أجمعين أن أحداً
من المسلمين ولو أنه خالف الإسلام وضل وكفر وخرج عنه بالكلية فإنه لا يستطيع أن يعبد محمداً الله، كيف هذا؟ يعني بيد من هذا؟ إننا جالسون نمدح النبي، نمدح النبي، نمدح النبي، فكان يعني الضلالي قريباً أن يعبدوه هكذا وانتهى الأمر. أبداً، حفظ الله سبحانه وتعالى قلوب الخلق من أن تعبد النبي المصطفى صلى. الله عليه وسلم أبدًا لم يعبده أحد. عبد الحاكم بأمر الله الفاطمي حاكم. الحاكم بأمر الله الفاطمي هذا يعني في سوق البشر، يعني ضعيف. يعني
جاءت فرقة وعبدت سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أيضًا. يعني ليست شيئًا مهمًا. يعني السبئية لماذا هكذا تُقبِل سيدنا. لماذا هذا كفر؟ جاءت البهائية وعبدت بها الله، سموه بها الله وعبدوه. طيب لماذا لا يصح؟ يعني طيب ألم يكن عد الجنون في دماغه وعبد محمداً؟ إذاً من الذي منع هذه القلوب من أن تفعل هذه الأفعال؟ شيء واضح: الله. فهذا شيء غريب عجيب، يعني ليس... المسلمون
منزهون من أنهم يضلوا، لا في منهم ضلوا عبد الحاكم، منهم ضلوا عبد علي، منهم ضلوا عبد البهاء، منهم ضلوا عبد كذا. كان هناك مؤلف قديم اسمه الأستاذ عمر عناية جمع المتألهين حتى الناس الذين قالوا أنا ربنا اتجنب وأنا مربنا واتبعوا ثلاثة أربعة خمسة ستة اسمه الدعاء. من المتألهين والمتنبئين والمتمهدين وليس عليها روح المهدي، فالناس تتجمد ولا تدري شيئاً، لكن لماذا سيدنا النبي؟ لأن هذا هو الدين الخالص، ولأنه قال هكذا: "يا ربي اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد". عبادة البشر مرفوضة في
دين الإسلام. قل: فمن يملك من الله شيئاً إن أراد أن يهلك؟ المسيح ابن مريم وأمه أناس صالحون، فالمسيح هذا نبي، ولكن هناك من الأنبياء من قُتل. هذه أمه التي لا نعرف أن نقول عنها ماذا، نقول عليها السلام، والله تعالى يقول فيها: "وأمه صديقة". ونحن دائماً عندما نتحدث نقول سيدتنا مريم، فلا نعرف أن نقول مريم بمفردها هكذا، بل نقول السيدة مريم. ونسمي بنات المسلمين "مريم" تبركاً بها، فمن يملك من الله شيئاً أن يهلك المسيح ابن
مريم وأمه؟ من الذي سيقول لله لا؟ لا أحد سيحاقق مع الله. حسناً، خذ هذه الآية: "ومن في الأرض جميعاً". افترض أنه أهلكنا كلنا وأعدمنا، ومن هنا، هذا الذي نحن نعيش به سبحانه وتعالى. نحن في خلق مستمر، أي أنه لو انقطع النور من فوق شعاع الخلق، فنحن لن نكون أمواتاً، بل سنفنى وننتهي. كل هذا مثل السينما، أتعرفون شاشة السينما؟ أتعرفون التلفاز؟ أغلق التلفاز وانتهى الأمر، ذهب الشيء وذهبت الصورة. فلو أنه في لحظة ما بين الكف والنور... الكل أنه سيُفني
هذا الخلق، سيُفنيه إعداماً، يعني لن نكون موجودين، ليس كجثث، ليس أن أرواحنا ستخرج، بل إن جثثنا نفسها لن تكون موجودة. الأرض ولا السماء ستكون موجودة، العرش ولا الكرسي سيكون موجوداً. فعل الله ذلك وأغلق الإمداد. من الذي سيحبونه؟ ما هو أحد. كل من عليها فانٍ ويبقى. وجه ربك ذو الجلال والإكرام، من هو؟ لا أحد سيبقى موجوداً، لا ملك ولا نبي ولا صالح ولا طالح، ولا من رأى في نفسه أنه لا يوجد الله، ولا من رأى أنه يوجد الله، ولا أحد. ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما، يخلق ما يشاء، والله على كل.
شيء قدير، فيبقى فضلك أي شيء ولا شيء إلا أنك تسلم وترضى وتتوكل على الله بإيمان وتقول يا رب. وإلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.