سورة المائدة | ح 1011 | 64 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة المائدة يقول ربنا سبحانه وتعالى: "وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا"، واللعن هو الطرد من الرحمة، وهذا سبب طردهم من رحمة الله سبحانه وتعالى أنهم يعتدون على الله، ولقد ثبت في التاريخ اليهودي المكتوب بأقلام يهودية صرفة أن اليهود بعد موسى عبدوا الأوثان، وأنه تم افتتاح
نحو خمسة معابد لعبادة الأوثان في فلسطين، وهذا ثابت هم الذين يكتبونه. في فترة من التاريخ عبدوا فيها الوثن، فكان هذا سبباً في لعنهم وغضب الله عليهم، وكذلك لما اعتقدوا في الله سبحانه وتعالى غير الحق فإن الله سبحانه وتعالى رد عليهم باللعن والطرد من الرحمة. بعض اليهود يقولون إننا نعبد الإله الأصلي وأنتم تعبدون النسخة المشوهة. ما هو الإله الأصلي؟ أنه يلعب الشطرنج
مع الملائكة؟ وما هو الإله الأصلي؟ أن يده مغلولة؟ وما هو الإله الأصلي؟ أنه جسد يغير رأيه وفكره متى أراد، ويوحي الإله الأصلي أنه اتخذهم أبناءه وأحباءه، وأنه قد جعل الأمم كلها خدمًا له. هذا هو الإله الأصلي! سبحان الله! صورة محرفة مشوهة عن الرب سبحانه وتعالى. أما الله فقد أخبر عن نفسه في قرآنه الذي هو مهيمن على ما بين يديه من الكتب فقال. قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد
ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد وقال ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وقال لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وقال ولا يظلم ربك أحداً وقال قل صدق الله، ما هذا! ما هذه الروعة! هذا هو ربنا ثم أخبر عن نفسه يعني أخبر عن نفسه إجمالاً وأخبر عن نفسه تفصيلاً، ففي مائة واثنين وخمسين صفة في القرآن تصف الله سبحانه وتعالى التي نسميها
الأسماء الحسنى، والتي يقول فيها "وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا". أول ما يصدر يقول ماذا؟ "بسم الله الرحمن الرحيم"، ماذا هذا؟ "بسم الله الرحمن الرحيم" أول آية في... الفاتحة أو الآية في القرآن عنوان الخطاب، وبعد ذلك يقول لك: في هذه الفاتحة، ما الذي تفعله بها؟ قال: يصلي بها كل يوم سبع عشرة ركعة، فجعلها لنسق مفتوح يشمل الإنسانية كلها، رجالها ونسائها، فقرائها وأغنيائها، حكامها ومحكوميها. ليس لدينا دم أزرق ولا دم أصفر ولا دم
ثقيل ولا... دم خفيف كله عباد الله، فيقول: "الحمد لله رب العالمين"، هكذا هو. من هم العالمون هؤلاء؟ قال ما سوى الله، فيكون منه عالم الغيب وعالم الشهادة، فيشمل الإنس والجن والملائكة والحيوان والجماد والنبات. "الحمد لله رب العالمين"، أتخجل منها؟ هذه لا تخجل وأنت تقولها. "مالك يوم الدين" هو المالك الحقيقي ليوم نعود. هناك إلى ربنا يوم القيامة للحساب للعقاب والثواب. لماذا تخجل منها؟ لماذا تخجل أن تقولها للناس؟ يعني
أنت بهذا ضد حقوق الإنسان أو ضد حقوق النساء أو ضد حقوق الصبيان أو ضد حقوق أي شيء؟ لا، وأنت واقف هكذا تقول كلامك هذا يعني أمام كل الناس "إياك نعبد وإياك نستعين". تخجل منها، "اهدنا الصراط المستقيم"، اهدنا جميعاً، يعني هكذا أنا والمستمعون، وهؤلاء المستمعون مسلمون وغير مسلمين، عرب وأعاجم، أي شيء. أتخجل أن تقولها؟ أقول لك لا تخجل "صراط الذين أنعمت عليهم"، تخجل لك لها: من قال لك مَنْ هم الذين أنعم الله عليهم؟ لم يقل تفصيلاً،
لم يفصّل "غير المغضوب عليهم ولا هل يوجد أحد في العالم يحب أن يكون مغضوباً عليه؟ حتى المغضوب عليه نفسه لا يحب ذلك. وهل يوجد أحد في العالم يريد أن يكون من الضالين؟ أي يقول: يا رب اجعلني من الضالين؟ أبداً. إذاً تعال لترى الفرق بين كلام ربنا وكلام البشر. يأتي في التفسير - بشر, فيقول النصارى النصارى والضالين اليهود أو المغضوب عليهم اليهود والضالين النصارى. الله ربنا وسّعها وجعلها حلوة وجعلها شاملة لكل الناس، لماذا تُضيقها؟ فيأتي ليجلب لك مشاكل لأن النصراني سيغضب منك. يعني لو كان ربنا أنزل في
الفاتحة غير اليهود والنصارى، كان سيغضب منه قوم آخرون ويقولون: الله أنت تشتمني، هل أنت منتبه الفرق بين كلام الله وكلام البشر، انظر كيف أن كلام ربنا واسع. نعم، كلام ربنا واسع. فعندما يسمعني المسيحي أو اليهودي وأنا أقول "غير المغضوب عليهم ولا الضالين"، إنهم يقولون "آمين آمين". هم الذين يقولون، ليس أنا. أقول آمين أيضاً، ولكن انظر كيف لو قرأتها مثلاً في الأمم. واقف هكذا في الأمم المتحدة وذهبت لقراءة الفاتحة، فكل الموجودين سيقولون آمين، أي يا رب استجب هذا الدعاء الجميل. هذا هو الإسلام. تعال الآن إلى صلاة اليهود، ما داموا قد فتحوا على أنفسهم، أليسوا هم الذين فتحوا وتركوا ربنا؟ حسناً،
هيا لنتحاسب الآن. ما هي صلاة اليهود في الصباح؟ الحمد... لله الذي خلقني ذكراً، الله، الحمد لله الذي خلقني ذكراً. حسناً، ماذا تقول البنت؟ الله! كيف ستعبد ربنا إذن؟ إننا عندنا المرأة والرجل والولد والبنت، الجميع يقول: الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم، صلّوا. حسناً، وكيف تجيبون على هذه؟ ستعرف. حسناً، هذا في حضرة النساء الآن، أما المرأة فتقول... ماذا تستحي أن تكون امرأة، أو لا تعبد، والذي يعبده الرجال فقط. إن هناك مفاهيم خاطئة كهذه، أن المرأة شيطان فكيف تعبد. دعنا منها فعندما تسير وأنت رافع رأسك، قل: الحمد لله الذي جعلني مسلماً، لأنه دين متسامح يفتح
ذراعيه. للعالم كله، كل العالم يقول للأعور: أنت أعور في عينك، وللأعمى يقول له: أنت أعمى في عينك. هكذا هو الحال، فالأعور أعور والأعمى أعمى، ولكن سبحان الله يرأف بالأعور ويرأف بالأعمى أيضاً. فلينظر إلينا، يقول له: رب، ربنا يعيد إليك بصرك ثانيةً. ذلك هو الذي لم يهتدِ، يقول له: رب. أهديك ويقول على فكرة إذا كنت سبباً في إرجاع بصرك الذي هو بمعنى الهداية - بصيرة القلب - أدخل أنا الجنة لأن "لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير
لك مما طلعت عليه الشمس وما غربت". فسيكون لك ثواب عظيم، تأمل أن الشمس تطلع على الكون كله، فتخيل مقدار هذا الثواب كل شيء إلى لقاء آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله