سورة المائدة | ح 1016 | 66| تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

سورة المائدة | ح 1016 | 66| تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة - تفسير, سورة المائدة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالَاهُ. مَعَ كِتَابِ اللهِ وَفِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ يَقُولُ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: "وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ وَيَسْعَوْنَ في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين، حقيقة نسبها الله إليهم وتبرأ منهم وبيّن أنه لا يحبها وأنه يكرهها، والله سبحانه وتعالى بيّن لنا ما يكره وما يحب في كتابه، وهي حدود الله، وقال:
"تلك حدود الله فلا تقربوها". الله لا يحب الفساد والله لا يحب المفسدين، والفساد ضد الصلاح. والمفسد ضد المصلح، والصلاح فيه نماء وفيه بقاء وفيه تعمير، أما الفساد ففيه تدمير. فالتعمير صلاح والتدمير فساد، وينبغي على كل إنسان منا أن يتأمل ما يعمل حتى لا يكون من المفسدين، فيخرج
من دائرة حب الله إلى دائرة غضبه، ومن دائرة رضاه إلى دائرة عقوبته، والعياذ بالله تعالى والله. لا يحب المفسدين، لا يحبهم في الدنيا ولا يحبهم في الآخرة، ولذلك فهذه الصفة التي كانت في أقوام سابقين لا بد أن نتبرأ نحن منها ونخرج من كل فساد وإفساد. رسم الله لنا الطريق الشرعي الذي يحبه، أمرنا ببرنامج واضح، أمرنا بالصلاة خمس مرات في اليوم والليل، وعندما
نريد الصلاة. يجب علينا أن نتطهر بالوضوء وأن نتطهر في ثيابنا وأن نتطهر في المكان وأن نتطهر من كل نجس ورجس. أمرنا أن نصلي الفجر ركعتين وأن نصلي الظهر أربع ركعات والعصر أربع ركعات والمغرب ثلاث ركعات والعشاء أربع ركعات. هذا هو الصلاح والفساد بضده، ولذلك فإن أحدنا يترك الصلاة من وطأتها. الحياة عليه وانشغاله بتحصيل لقمة العيش أو انشغاله بالضغوط التي حوله وينسى الصلاة وهذا
أول الفساد، فإن الله سبحانه وتعالى وهو رحيم يجيب دعوة الداعي إذا دعاه بشرطين: "فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون"، ولذلك فلا بد أن نؤمن به، فمن كفر بالله لا يدعوه لأنه لا يؤمن به، ومن من لم يستجب لله فإن الله لا يستجيب له دعاءً. استجب لله يستجب الله لك، وترى الله في كل شيء. تراه في نفسك وقد هدأت، وتراه في من حولك وقد منّ الله
سبحانه وتعالى عليهم. تراه في أبنائك وفي أهلك، وتراه في رزقك، وتراه في قناعتك ورضاك. وأول ذلك الصلاة، هل تُصلي أنت؟ إذا لم تكن كذلك، فاجعل محطة مثل محطة رمضان بداية لهدايتك. وتكون بداية الهداية، تكون بداية للهداية، بداية الهداية. أمسِكْ البرنامج الرباني السهل، توضأ. هذا الوضوء سهل، قال لك توضأ. ربنا سهَّلها عليك. توضأ. ما علاقة الوضوء باستجابة الدعاء؟ إنك عندما تتوضأ يكون معك
السلاح من... أجل أن تصلي في أي وقت حلَّت عليك فيه الصلاة، وجُعِلَت لي الأرض مسجداً وطهوراً. وعندما يأتي رمضان تصوم شهر رمضان الذي أُنزِل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان، فمن شهد منكم الشهر فليصمه يعني من حضر منكم الشهر فليصم. هذه بداية الصلة بالله، هذه بداية الصلاح، الوضوء. والصلاة والصيام وهذا مع الشهادتين الإيمان بالله مقدور لكل أحد، كل واحد يستطيع أن يفعل ذلك، يعني سواء كان معك مال أم ليس معك مال، غنياً أم فقيراً، فإنك تستطيع
أن تشهد الشهادتين وأن تتوضأ وأن تصلي وأن تصوم. وهناك أمر متعلق بمن منَّ الله عليه بمِنَن، ومِنَن الله كثيرة الله لا تحصوها الزكاة والحج هذا للمقضي عليه والقادر على ذلك الغني، إذاً هذا هو الصلاح وضده الفساد. فإذا لم تتوضأ ولم تصلِّ ولم تصم وإذا لم تذكر ربك حيث قال: "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون"، فإنك في الفساد والله لا يحب المفسدين. أكثِر من ذكر الله، قال: "فاذكروني فإذا ذكرتَه في نفسك
ذكرك في نفسه، وإذا ذكرته في ملأٍ ذكرك في ملأٍ خيرٍ منه، هذا هو يقول عن نفسه هكذا جلَّ جلاله: "فاذكروني أذكركم"، يعني شرط "اذكرني هنا أذكرك هنا"، أنت لا يذكرك ربنا، نعم أنت، فبنو آدم بنيان الرب، يعني رب، ربنا الذي خلقك وسوّاك هكذا. على هيئة سيدنا آدم، فربنا جل جلاله يذكرك، ألا بذكر الله تطمئن القلوب والذاكرين الله كثيراً والذاكرات. هذا هو الصلاح، بداية الصلاح، لأنه جاء وقال ماذا: إن الصلاة تنهى
عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر. فالصلاة هذه ستمنعك من فعل السوء وتجعلك تسير في طريق السبيل. الصلاة هذه ستدفعك إلى... فِعْلُ الخيرِ قال تعالى: "وافعلوا الخير لعلكم تفلحون". إذا فعلنا هذا، فهناك برنامجٌ قد حدده الله لنا، وهو برنامجٌ قابلٌ للتطبيق. لا يأتي أحدٌ ويقول لي: "ماذا أفعل؟" فالله عز وجل قد أخبرك بذلك: اشهدِ الشهادتين، توضأ، صلِّ، صُمْ، اذكرِ الله. وهذا الكلام مرتبٌ ومقدورٌ عليه بكل سهولة، وبعد ذلك سألك عبادي عني فإني
قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون. فربنا يجعلنا من المصلحين ولا يجعلنا من المفسدين، ويجعلنا ممن يدعون ربهم فيستجيب لهم. وإلى لقاء آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    سورة المائدة | ح 1016 | 66| تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة | نور الدين والدنيا