سورة المائدة | ح 1018 | 67| تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة المائدة يقول ربنا سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ﴾ الكافرين هنا خطاب لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونرى أنه لم يخاطبه في القرآن باسمه وإنما بوصفه، فلم يقل في القرآن قط "يا محمد" على الرغم من أنه قال للكبار
كذلك "يا إبراهيم" "أعرض عن هذا" "نادى موسى" و"نادى يوسف"، ولكنه عندما خاطب النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم خاطبه "يا أيها الرسول" وفي هذا بيان علو مقامه الشريف على سائر الأنبياء والمرسلين. كان يقول عن نفسه مخبراً عن الحقيقة ومعلماً لأمته ومتواضعاً لربه: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر"، يعني أنا لا أقول ذلك افتخاراً، وإن كان له الحق أن يفتخر، ولا يقول ذلك بطراً ولا
كبراً. حاشاه صلى الله عليه وسلم، فقد كان مصطفى وكان منوَّر القلب وكان موفقاً من عند ربه صلى الله عليه وسلم. "تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله"، والنبي صلى الله عليه وسلم كلمه الله وأوحى الله له بكل وسائل الوحي، فأوحى له بالكلام مواجهةً وأوحى له بالكلام. وحَيّ وأوحى له بالكلام عن طريق الملك وفعل ذلك كله لعلو قدره صلى الله عليه وآله وسلم، فقد جمع الله فيه العالم
وليس على الله بمستغرب أن يجمع العالم في واحد، وقد كان هذا الواحد هو سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، حتى أنه قد أجرى على يده الشريفة أمام. أعطى الله للناس جميع المعجزات التي أجراها على كل الرسل من قبله وختم به الرسالة. يا أيها الرسول كلمةٌ فيها علو قدر النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، حيث أنه عدل عن مناداته باسمه الشريف، واسمه قد ورد في القرآن أربع مرات "محمد" حتى سُميت به سورة اسمها سورة محمد، إلا أنه... لم يناده به أبداً ويبين
ذلك أنه المصطفى المختار وأنه سيد ولد آدم كما أخبر عن نفسه الشريفة. "يا أيها الرسول بلغ" فعل أمر يفيد مهمة الرسول الشرعية وهي البلاغ. "ما على الرسول إلا" ما وإلا تفيد الحصر مثل "لا إله إلا الله"، نفي وإثبات يفيد الحصر، "ما على الرسول". إلا البلاغ يعني إذا البلاغ هو الواجب الشرعي المكلف به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم
الرسل، فقد أصبحت وظيفة البلاغ في عنق كل مسلم. "بلِّغوا عني ولو آية"، ليست كثيرة ولا شيء. تخيل كل شخص عندما يبلغ من خلفه هذه النظرة. الهرم الممتد واحد، قال لعشرة، فكل واحد من العشرة قال لعشرة، فكل واحد من العشرة الآخرين هؤلاء الذين هم مائة قال لعشرة، أصبحنا ألفاً، فكل واحد من الألف قال لعشرة، أصبحنا عشرة آلاف، فأصبحنا مائة ألف، فأصبحنا مليوناً، وما زلنا نعيش كما نحن هكذا، والهرم قائم يمتد ويتسع. ببساطة
هكذا هو دخل في الهرم، مَن؟ البدوي والحضري والأمي والجاهل والمتعلم والذكي والعبقري والشاعر والحكيم، دخل فيه في هذا الهرم كل الناس ومعلمهم مَن؟ سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم كانت عنده بإذن الله وميزة منحها الله إياه أنه كيف يحول الأمور الصعبة إلى أمر سهل، يريد أن يقول لك كن. نظيفٌ، حسناً، قبل أن تكون نظيفاً، كيف؟ حسناً، تمضمض واستنشق واغسل وجهك، هذا هو
الوضوء. نعم، آمين. والوضوء هذا لا ينظفك فقط، والله، لا ينظفك في الظاهر فحسب، بل ينظفك أيضاً من ذنوبك. وهذا الوضوء الذي جعلك تصلي نظّفك من ذنوبك مرة أخرى. والصلاة هذه نظّفتك مرة أخرى، فتجد المسلم هكذا وجهه منير. لماذا لا نوصِّل له أن الذي يتوضأ وجهه يصبح جميلاً في أمرٍ بسيط كهذا. وما هو الوضوء؟ الوضوء هو ما يفعله كل الناس، كل الناس تفعله عبر القرون. بعض الناس يستغربون قائلين: "هل تتوضؤون كذا مرة في اليوم؟" قل له: "نعم، والله نحن في ديننا لم تنقطع المياه لمدة شهر". والشيوخ... حسناً ماذا أفعل؟ الأمر لله! علم صلى الله عليه
وسلم، وعندما نجلس لنرى هذا العلم وهذا البلاغ، كان يخلل بين أصابعه ويفعل هكذا وهو يتوضأ، فيقول لك إن هذه الحركة تنشط دورة الأمواج، أي أن هناك دورة دموية ودورة عصبية ودورة طاقة في الجسم. هذا الكلام اكتشفوه حديثاً في هذه الأيام، فعندما تفعل... هكذا يكون كالخرطوم الذي يضخ المياه، ماذا يحدث عندما تضغط عليه؟ إنه ينتفخ. عندما تمنع عنه المياه تحبسها هكذا فينتفخ، ثم عندما تترك المياه فإنها تندفع. هذا ما يحدث بالضبط. هل أخبرنا بذلك؟ هل قال لنا أن هناك أمواجاً؟ لا، هذا أمر خاص بالله، الله وحده هو العالم به. قال... لنا عندما تفعلون
هكذا فإنكم تنشطون أجسامكم وتفعلون هكذا. أبداً لم يقل، فلا يأتي أحد ويقول لي إن تخليل الأصابع فرض في الوضوء. قالوا لا، هذه سنة وليست فرضاً ولا شيئاً، لأن الستة مليارات ونصف هؤلاء الذين لنا يريدون أن يتوضؤوا، ليس ضرورياً أن يؤدوا الحركة التي فيها كمال الاستفادة، إنما هي سنة، حسناً. سنة، يعني دعنا نتركها إذًا، ما دامت سنة. أنت حر أن تكون زاهدًا في الخير. حسنًا، عندما تؤديها، ستجد أن جسمك استفاد وأنت لا تدري. أنت تدلك وجهك هكذا، تجعل الدورة الدموية تجري فيه، وتستفيد من الموجات والطاقة والدورة الدموية والتنفسية والدورة
العصبية، وكل ذلك في الوضوء. الناسُ الذين نوَّر الله بصيرتهم اكتشفوا هذه الأشياء بالملاحظة. رأوا الشاب الذي يتوضأ وجهه منير، والشاب الذي لا يتوضأ وجهه مُظلم غير منير، لا يوجد فيه نور. وعندما توفي الإمام الشافعي سألوا السيدة نفيسة، قالوا لها: كيف كان الشافعي؟ كانوا ينتظرون منها أن تقول إنه كان عالماً مجتهداً تقياً نقياً. مثلًا معلمًا يعني هكذا هو يعني شيئًا هكذا قالت رحمها الله كان يُحسن الوضوء كان يُحسن الوضوء، الوضوء
ليس لا لم تقل ليس، لم تقل كان يُحسن الوضوء ليس فقط، بل قالت شيئًا تستدل به على القصة كلها أنه كان يُحسن الوضوء، فلما كان يُحسن الوضوء فصلاته مقبولة وإذا قُبلت. صلاتُه فهو مرضيٌ عنه في دائرة الرضا، وما دام كذلك فهو موفق، وهذا التوفيق "واتقوا الله ويعلمكم الله". وإلى لقاءٍ آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.