سورة المائدة | ح 1026 | 73 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

سورة المائدة | ح 1026 | 73 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة - تفسير, سورة المائدة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة المائدة وعند قوله سبحانه وتعالى: "لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة" وتقف، ولذلك تليها ميم، يعني ممنوع تكمل "وما من إله إلا إله واحد". هذا ليس... من كلامهم، ليس من كلام هذه الطائفة التي قالت إن الله ثالث ثلاثة، "وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم". إذاً، فمن عبد إلهين كأتباع
زرادشت - عبدوا الظلام إله الظلمة وإله النور - ومن عبد ثلاثة، ومن عبد تسعة، كل واحد منهم، "لقد كفر الذين ثالثاً، وأيضاً عندما تكلمنا في هذا المعنى قالوا: "نعوذ بالله، إنما نعبد إلهاً واحداً، نعبد إلهاً واحداً". فوراً تقول له: "ما هذا؟ لا تقل له، بل قل له: حسناً، هذا ما نريده". واحد في ذاته، واحد في صفاته، وليس أجزاء. عندنا أنه واحد أحد لأجل...
نزيل اللبس فإن الواحد قد يتكون من أقانيم لكن الأحد لا يتكون إلا من واحد، فهو واحد أحد. وإذا كان واحد أحد، إذاً فالطائفة التي قالت أنه ثالث ثلاثة قد ماتت منذ زمن، ولم يحدث شيء، والحمد لله. ولكن على فكرة، لقد كفر الذين قالوا إن الله... ثالث الثلاثة إذا كانوا لا يقولون أنه ثالث ثلاثة
وأنه إله واحد، فقد وافقوا المسلمين ويكون هذا الكلام على أناس مضوا في الزمن الماضي. وإذا كان ثالث الثلاثة، فهناك أناس كثيرون يعبدون ثالث ثلاثة، الهندوس مثلاً يقولون إنهم يعبدون مشنة وكرشنة وفشنة، فهم ثلاثة أيضاً، وهم مليار شخص. يفعله هكذا يعبدون فِشنة وكرشنة ومشنة، لكن إذا قال أحد أنه ثالث ثلاثة، ربنا غاضب علينا. إذا انسحب الناس الآن في عصرنا الحاضر وقالوا: لا، نحن لا نقول ثالث ثلاثة، نوافقهم مباشرة ونقول لهم أهلاً، حسناً، جيداً، وما
من إله إلا إله واحد، هذه حقيقة، وإن لم ينتهوا عما يقولون للذين كفروا منهم عذاب أليم إذا أُجِّل الحساب إلى يوم الدين. اختلف معي في العقيدة وتباعد وسار فيما يظنه خلاصاً عند الله سبحانه وتعالى، ولكن حسابه عند ربه. أما أنا في الدنيا فقد أمرني ربي أن أكرمه لعله في يوم من الأيام أن يهتدي إلى الإسلام. تعايش معه واقرأ. اتفقوا على دار عبادته، اتفقوا
على تعليم أبنائه، اتفقوا على قانون أحواله، اتفقوا على بقائه في أوطانكم متعايشًا، وأنت إذا كنتَ في بلادهم فعلتَ مثل ذلك. إذن، التعايش شيء والمفاصلة في العقيدة شيء آخر. كما لا أتدخل في عقيدتك، لا تتدخل في عقيدتي. واضحة عرفها الجاهل والعالم والأمي والحضري. والبدوي والصغير والكبير يعلمون أن ربنا واحد وأنه موصوف بالصفات العُلى، تسعة وتسعين اسماً، مائة إلا واحد، تُسمى الأسماء الحسنى. والقرآن فيه مائة واثنان وخمسون صفة
واضحة. لا نقول من تعبدون، بل نحن نعرف من نعبد. نحن نعبد الرحمن الرحيم، الملك القدوس، السلام المؤمن، المهيمن العزيز، الجبار المتكبر، الخالق البارئ. المصوِّر، نعبد الغفار، القهار، الواحد، الفتاح، العليم. لا نعلم نحن من نعبد. الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، الحي، القيوم، المحيي، المميت، الفرد، الصمد، الأحد، الواجد، الماجد. هذا نعلم نحن من نعبد، نحن نعلم. وعندما تقول لي اجلس معي أستمع إليك مائة واثنين وخمسين صفة من هذه: العليم، المريد، القدير، الباقي. الوارث الصبور، نحن نعرف مَن نعبد. أسماء الله
الحسنى أزالت كل وهم، وعرفنا مَن نعبد. نحن نعبد القوي المتين، نحن نعبد الذي يقول للشيء كن فيكون، نحن نعبد الذي لا يُظلم عنده أحد، نحن نعبد مالك يوم الدين، نحن نعبد الذي نؤمن به ونستجيب له فيستجيب لنا. الدعاء: "فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون". نحن نعلم جيداً من نعبد، ولا يزايد أحد على المسلمين فيمن يعبدون. من تعبدون؟ إنكم تعبدون واحداً لا صورة له سبحانه وتعالى. أتعلمون لماذا نقول سبحان الله؟ حتى نطرد كل صورة من أذهاننا عنه سبحانه وتعالى، وننزهه عن كل نقص. ونجعله
سبحانه وتعالى هو فوق الكائنات، الرحمن على العرش استوى سبحانه وتعالى. إذاً فالقضية واضحة، لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة، والحقيقة أنه ما من إله إلا إله واحد، وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم. لم يقل لك اذهب واكرهه، أو أفهمه بالقوة، في الحائط وقل له: أنت لا تفهم. أليست الأمور واضحة وضوح الشمس في النهار؟ لم يقل لك هكذا، وإنما قال لك: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي"، وقال: "ما على الرسول إلا البلاغ"، وقال: "وما
أنت عليهم بمسيطر"، "وما أرسلناك عليهم حفيظاً"، وقال: "إنك لا تهدي من ولكن الله يهدي من يشاء وقال له قل لكم دينكم ولي دين إنا لله ونعم وأنا ماذا سأفعل؟ ما على الرسول إلا البلاغ. أتكلم فقط، حسناً والحساب الحساب يوم الحساب، حسناً والعقاب العقاب يوم العقاب. أنا ليس لي شأن ولا اهتمام، ما علي أن أفعله في الدنيا هو أن أبلغ. وأن أعيش وأن أمشي في سلام لأننا لدينا سلامنا الذي يُسمى عندما تنتهي الصلاة "السلام عليكم ورحمة الله"، تُسلِّم على مَن؟ إنك تصلي وحدك. سلِّم على الكائنات كلها، سلِّم على مَن حضر، سلِّم على الملائكة، سلِّم على هذا الكون المسبِّح، وإلى لقاء آخر،
أستودعكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته