سورة المائدة | ح 1030 | 76 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

سورة المائدة | ح 1030 | 76 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة - تفسير, سورة المائدة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة المائدة يقول تعالى: "قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً والله هو السميع العليم". أساس التوحيد مبني على أن الله هو الضار النافع والنافع. الضار المحيي المميت والحي القيوم وأنه هو الخلاق الرزاق مبني على أنه لا إله إلا الله نفي الألوهية والقدرة المطلقة عن من سوى الله. إذا تقرر هذا الأصل فالعجب العجاب والأمر المستراب
من أقوام يشركون مع الله عبادة أي شيء آخر. والبشر تفننوا في الشرك لأهواء متبعة ولجهل وانقطاع عن أمر النبوة الأولى ولمصالح دنيوية يخادعون بها الناس ولأمور كثيرة، رأينا من يعبد الطوطم. وعبادة الطوطم هي أن تعبد القبيلة شيئاً ما تقدسه ويصل التقديس له إلى حد العبادة وإلى حد إقامة الشعائر لذلك الطوطم.
من هذه الطواطم الأنهار، فرأينا القبائل تعبد النهر، وكان فيه معنى إعطاء الحياة، رأوا أن يأتي بالماء، والماء ينبت الزرع، فذهبوا عابدين النهر جهالة، ومن المعبودات الأشجار، ومن المعبودات الأشياء مثل أن يعبد الأسد ويعبد الفيل لأنه كبير هكذا ضخم. ووجدنا طائفة في الهند تسمى الجنس، وهؤلاء يعبدون الفأر لماذا الفأر؟ قال إن
الله حل فيه، وهي طائفة قليلة لكنها موجودة. لا إله. إلا الله وهناك من عبد الوثن وهناك من عبد الأشخاص فقال له الحكام. قال فرعون: "أنا ربكم الأعلى"، وعبدوا أشياء كثيرة. وجاء الرسل - كل الرسل - لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ومن الشرك إلى التوحيد، ومن طريق الانحراف العقلي والوجداني إلى طريق النور والرحمة والسعادتين: سعادة الدنيا وسعادة هو
الأساس "لا إله إلا الله" ولا يوجد إله مع الله، وهنا قال: "أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً"، وهل كان هذا الفأر يملك لكم ضراً أو نفعاً؟ هل هذا النهر يملك لكم ضراً أو نفعاً؟ إنه لو أن الله أمسك السماء لوصلنا إلى حالات. الجدب والتصحر والمجاعة وكل ذلك بإذن الله، ولذلك لدى المسلمين صلاة تسمى صلاة الاستسقاء نطلب فيها الغيث والمطر الوفير من الله حتى ينبت الزرع. كل ذلك بيد
الله وهذا أمر لا حيلة لنا فيه. قد نساهم في الإفساد في الأرض بأن نقضي مثلاً على الغابات أو على الحيوانات. أو على شيء من هذا فهذا فعل حرام ويجب عليك أن تحافظ على البيئة التي خلقها الله، إنما الكون كله بيد الله خلقه وأحسن خلقه. أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً؟ فمن الذي يملك سوى الله، ولذلك لا بد لهذا الذي يريد أن يعبد فرعون
أن يكون هو الله، لا توجد فائدة، ولا حل لها إلا هكذا، لابد أن يقول إنه الله. حسناً، عندما جادل إبراهيم عليه السلام النمرود، فقال له النمرود: أنا أحيي وأميت، يعني أضر وأنفع. كيف؟ فأتى بشخص وقال: هذا محكوم عليه بالإعدام، براءة! فيكون قد أحياه، وأتى بشخص إذا أماته فإنني أحييه وأميت، ترك المجرم الذي يستحق القصاص ظلماً وقتل
البريء الذي سيطالب بدمه عند الله يوم القيامة ظلماً، فوقع المسكين في محاولة إثبات شيء من الضرر والنفع في الظلم، وهكذا شأن البشر، وذلك للعجز وعدم القدرة، وأن هذا الشعور إنما هو شعور وهمي بأنه يستطيع أن يعفو. عن هذا وأن يُقتل هذا، هذه لا قوة ولا هكذا، أن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتِ بها من المغرب، فبُهِتَ الذي كفر، والله لا يهدي القوم. لا يهدي، انظر استعمال كلمة "يهدي" لماذا،
ما خصوصية الهداية هنا، يعني كان من الممكن أن النمرود يقول شيئاً وربنا يهديه بها، نعم عندما قال له إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتِ بها من المغرب، فوجئ النمرود ولم يستطع الرد عليه، وكان يقول له: "هذا ليس في مقدوري ولا استطاعتي". فلو جعل الله الشمس تأتي من المغرب، ماذا كان سيفعل؟ هل تدرك أن سيدنا إبراهيم قالها بديهياً، وكان السؤال بسيطاً، بل هو من البداية أي من البداية، يُحيي ويُميت، هذه قوية.
وبعد ذلك وجده أنه افترى وظلم بغباء، فذهب وأحضر له شيئاً بسيطاً جداً، يعني يستطيع أن يرد عليها أي أحد، فلم يهده الله لأنه يستطيع الرد عليها، فبُهِتَ الذي كفر، والله القوم الظالمين القوم. انظر كيف "فبُهِتَ الذي كفر"، يعني ارتبك، أنه عابد وأنه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً وليس للآخرين، فكيف نعبد أمثال هؤلاء؟ والأنبياء جاؤوا ليبينوا التوحيد وأنهم براء من هذا الهراء. وإلى لقاء آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.