سورة المائدة | ح 1031 | 77 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة المائدة يقول ربنا سبحانه وتعالى: "قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل". هذه هي دعوة المسلمين لأهل الكتاب، المطالبة بالاستواء وليس بالغلو في التفكير وفي
العمل. لا تغلوا في دينكم، هيا نرجع إلى النصوص، نرجع إلى العلم، نرجع إلى العقل، نرجع إلى أن نبتغي الحق، نريد الحق. المشكلة هي ترك العلم والالتجاء إلى الموروث وإلى العاطفة. وجدنا آباءنا على أمة وإننا على... آثارهم يعني طيب واحدة لكن في العلم قال: طيب وماذا أفعل؟ أنا أحبه الذي هو الهوى. "ولا
تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا". اتبعوا العلم، تعالوا لكن نتناقش بهدوء. وكان من أثر الجدل الديني الذي حصل عبر القرون أن انتشر الإسلام في جدل ديني كبير حصل في مدرسة. أنطاكية وفي جدلٍ دينيٍّ كبيرٍ حدث في قبرص وفي جدلٍ دينيٍّ كبيرٍ حدث في الهند وفي جدلٍ دينيٍّ كبيرٍ حدث في إسبانيا في الأندلس وفي جدلٍ دينيٍّ كبيرٍ حدث في مصر، كبيرٍ ضخمٍ استمر سنواتٍ طويلة، وبموجبه أسلم الناس ودخلوا في
دين الله أفواجًا عندما كانت هذه هي المعايير. عدم الغلو وعدم الهوى وعدم الاتباع أو التقليد الفاسد والإخلاص والإنصاف، وهذه هي الخمسة التي من أجلها نجح الجدال الديني وأتى ثمرته، ورأينا الناس تدخل في دين الله أفواجًا. في الحروب التي سُميت بالحروب الصليبية، كان هناك بعض فرسان المعبد لما رأوا حال المسلمين أسلموا
وعادوا إلى أوروبا وكوّنوا بعض. المنظمات السرية علمت بهم الكنيسة وأبادتهم عن آخرهم قتلاً وتصفية جسدية هكذا في أوروبا. التاريخ مليء بالعجائب، ولكن في هذا العصر الذي نحن فيه، أُصيب قومنا بقلة القراءة. الأمور التي أصابتنا هي قلة القراءة والتتبع والتوثيق الذي كان آباؤنا يفعلونه ويقومون به خير قيام. إذًا في هذه الآية يقرر ربنا
قواعد الجدل الديني: إذا أردتم الحوار والجدال بالعلم فلا بد أن نتخلص من الغلو، ولا بد أن نتخلص من الهوى، ولا بد أن نتخلص من التقليد الفاسد، ولا بد من الإخلاص في النية، ولا بد أيضاً من العدل والعلم. هذه الآية لو تأملتها تجد فيها كل هذه المعادن. لنجلس إذاً ونجد العجب العجاب والأمر المستغرب. من أين
هذا العجب؟ لماذا هكذا؟ ومن أين تأتي أسباب التصميم؟ فنجد أن اتباع الهوى والدنيا المؤثرة والتكبر أمور عجيبة، وكل ذي رأي متمسك برأيه، مع شح مطاع وتقليد أعمى. قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق. حسناً، وإذا كان هناك شيء وهذه هي الأرضية التي بيني وبينك، أما الحق فتمسك به وتمسك به بشدة، لكن
لا تُدخل في دينك غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا، هذا هو التقليد، ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا، التقليد الفاسد من قبل لأجل أن يقولوا لنا أنه ميراث موجود، وأضلوا كثيراً وأضلوا كثيراً، حجاباً بين الحق سبحانه وتعالى وبين الخلق، جاء أحدهم فترجم القرآن إلى اللغة الإنجليزية، فترجمه ترجمة قبيحة لا علاقة لها
بما نعرفه من كتاب الله. لماذا؟ قال: لأجل حماية الناس من الدخول في الإسلام. هل هذا يصح؟ أن تكذب لكي تمنع الناس من الدخول في الإسلام؟ الترجمة موجودة بين أيدينا، ليست وهماً ولا شيئاً آخر، إنها موجودة معنا. لقد تُرجمت معاني القرآن إلى اللغة الإنجليزية مائتين وستة وسبعين مرة، منها الترجمة الأولى هذه التي من يقرأها يضحك كثيراً على نفسه. لماذا تفعل هكذا؟ لماذا تترجم هذه الترجمة؟ قال: لكي لا يدخل أحد في الإسلام.
حسنًا، وهذا شرفٌ، وما تفعله أنت هو الحق. الكذب هو الذي يجعلنا هكذا، وما زلنا إلى يومنا هذا والكذب مستمر ويُضِلُّ كثيرًا. صناعة الإضلال موجودة ولها فن، وصناعة الكذب موجودة ولها قواعد. لكن في النهاية، ماذا سيحدث؟ أنه يكون حجابًا بين الحق والخلق، حسنًا، انتهى الأمر. فعلتُ ذلك وارتحت. النقطة الثانية، رَكِبَكَ الاسم. النقطة الثالثة، أنت
أصبحت ضالاً. انتبه جيداً، وضلّوا عن سواء السبيل هم ونفسه بالإضلال أصبح ضالاً. والله يفعل ما يريد، وإذ بالإسلام ينتشر ويزيد كل يوم من غير حول منا ولا قوة. وبعد كل هذا التشويه والتحريف والتخريف والإضلال ينتشر الإسلام، فلا حول. ولا قوة إلا بالله. الحمد لله الذي جعلنا مسلمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.