سورة المائدة | ح 1046 |89| تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

سورة المائدة | ح 1046 |89| تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة - تفسير, سورة المائدة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله، وفي سورة المائدة وعند قوله تعالى: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان"، تكلم العلماء عن اليمين الذي ينعقد، فقالوا أولاً: لا بد فيه من النية، وهذا... الفرق بين اليمين المنعقد ويمين اللغو هو النية. ثانياً، لا بد أن يكون باسم من أسماء
الله تعالى أو بصفة من صفاته وإلا لا ينعقد. هل هناك من يحلف بشيء غير الله؟ قالوا: نعم، هناك كثيرون يفعلون ذلك للهروب من انعقاد اليمين وليؤكدوا لك أنهم يقولون شيئاً عزيزاً جداً عليهم. يقوم يقول لك وبيت الله وبيت الله والكعبة والمصحف، قالوا لا ينعقد اليمين، فيصبح هذا عندما لم ينعقد خرج من كونه ماذا؟ من كونه يميناً منعقداً يكون عليه كفارة إلى دائرة
اللغو، قالوا لكن يعني ليس عليه شيء، قال والمصحف، قال والكعبة، قال وسيدنا الإمام الشافعي، هذا حدث، طيب والحسين قال سيد الكل أصبح والنبي عليه الصلاة والسلام حدث أو لم يحدث أو كذا إلى آخره، حسناً والنبي كذا، أنا أقول لك ها أنت لا تصدقني، حسناً والنبي حدث كذا. فما حكمه؟ قال الإمام الجويني إنه مكروه قطعاً، فيكون الحلف بغير الله مكروهاً قطعاً. لماذا؟ الإمام الجويني يقول وهو... مكروه قطعاً، لأنّ هناك
أشخاصاً يسألونه: "هل هو حرام أن أعطي ديناراً واحداً؟" فأجابهم: "لا، ليس حراماً، إنما مكروه". وهناك أشخاص يسألون: "هل هو شرك؟" فقال لهم: "لا، ليس شركاً، إنه مكروه". عجباً، وما الذي يجعل هؤلاء الناس يطرحون مثل هذه الأسئلة؟ لابد أن هناك شيئاً دفعهم لأن يقولوا هذا. حرام وبعضهم قال هو هذا شرك، من أين أتوا بها؟ لماذا خطر في بالهم هكذا؟ قال: نعم، هم معذورون، خطر في بالهم هكذا لأن عندنا حديثين عن سيدنا المصطفى يجب أن نعرف معناهما، فيسألونه عن معناهما. الحديث الأول الذي جعل الذي يقول: يا
فضيلة الإمام الجويني، هل هذا حرام الذي هو الحديث "من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت" يعني النبي يقول لنا ماذا؟ لا تحلفوا بغير الله. طيب، هذا النهي من النبي يجعل المسألة حراماً يا فضيلة الإمام أم مكروهة؟ فأجاب قائلاً: مكروهة قطعاً، هي مكروهة قطعاً. وهذا الحديث صحيح أم ما حقيقة روايته؟ أخرجه مسلم، إذن... صحيح، حسناً، وما الذي يجعله يقول له هذا شرك أو ليس بشرك؟ لا بد أن هناك شيئاً أو حديثاً آخر قال: "من حلف بغير الله فقد أشرك". هذا حديث، قال إنه فضيلة الإيمان: "من
حلف بغير الله فقد أشرك". هذا حديث، أليس كذلك؟ ما القصة؟ أخرجه أبو داود، قال. أقول لهم: لا، هذا ضعيف من ناحية السند، ضعيف فلا يُحتج به مقابل حديث "من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت". هذا هو الصحيح. أما حديث "من حلف بغير الله فقد أشرك" ففيه ضعف، فدعوه. حسناً، وما الأمر الثاني يا فضيلة الإمام؟ قال: هناك أشياء تخالف هذا الحديث. توجد أمور تتعارض مع هذا الحديث، وهي ما أخرجه مسلم عندما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من قِبَل رجل قال: "لا أزيد على ذلك ولا أنقص يا رسول الله"، أي أنه سيصلي الصلوات الخمس فقط، وسيصوم رمضان فقط، وسيحج إلى البيت فقط، وهكذا
إلى آخره. فقال الرسول: "أفلح كان النبي يُقسم بماذا في باب الرجل الأعرابي هذا على سبيل ما كانت عليه العرب من ذلك؟ حسناً، لماذا يفعل ذلك النبي؟ لكي يُبين لنا أنه ليس حراماً أن يقولها مرة واحدة، فيوضح لنا الجواز ويقول لنا: "لا تقولوا أنتم هكذا"، لكي يُبين الأدب الذي سنسير عليه دائماً. النبي كان... يفعل هكذا عندما ينهانا عن شيء ويأتي فاعلاً له مرة واحدة، فمعنى ذلك أنه مباح لكن الأفضل تركه، فيكون مكروهاً. فالنبي قال - وهذا أخرجه مسلم وهو حديث قوي - "أفلح وأبيه إن صدق". حسناً، إذا كان الحلف
بغير الله فماذا يكون؟ إنه مكروه قطعاً. هذا بداية كلام الإمام الجويني قال أحمد: "لا، أنا لدي كلام آخر. لدي كلام آخر يا فضيلة الإمام أحمد بن حمد الإمام الكبير". قال: "أظن أنه نعم، والمصحف والكعبة والعرش العظيم وجبريل وما إلى ذلك، يعني أيضاً مكروهاً، لكن الحلف بالنبي ينعقد اليمين لعلو شأن مقامه صلى الله عليه وسلم. والله، الحلف بالنبي ينعقد باليمين". الإمام من الذي يقول إمام أحمد بن
حنبل له ما هو وجهة نظرك؟ بينما نحن جالسون نذكر الأدلة، والشيخ الجويني يقول مكروه. انقطعنا. الجويني جاء بعد الإمام أحمد طبعاً. قال لأنه أحد أركان الشهادتين، لا يدخل الإنسان الإسلام إلا بهما: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول أحد ركني الشهادتين فتنعقد اليمين بهما دون ما سواهما، يعني لو قلت وإبراهيم وموسى ونوح وعيسى أبداً لا يصح، لماذا؟ لأنه ليس أحد أركان الشهادتين، فمن هما الركنان اللذان يشكلان الشهادتين؟ الله ورسوله سيدنا الإمام
محمد، تفرد بهذا يعني الجمهور كما يقول الإمام الجويني أن الحلف بغير الله مكروه سواء كان بالنبي أو بغير ذلك من المقدسات كالمصحف والعرش ومثلاً الملَك من الملائكة ونبي من الأنبياء وأي شيء من هذه المقدسات العظيمة، لكن كل هذا يكون مكروهاً. طيباً، هذا ما استقر عليه أمر جماهير المسلمين، فينبغي علينا أن نعلم هذا لكي لا يأتي أحد ويقول. لك والنبي ويقول لك قُلْ لا إله إلا الله، أنت أشركت، أنت كفرت، أنت فعلت كذا
وكذا. هذا بعض الشيء زائد عن اللزوم. لماذا لا يصلح هذا؟ لأن السلف كانوا هكذا. نحن نريد أن نكون مثل السلف. الخير كله الخير في اتباع من سلف، والشر كله الشر في ابتداع من ماذا؟ توقف عند المثال الذي تركه لنا هؤلاء الأولياء في فهمهم للكتاب والسنة، إذ هناك يمين ينعقد وهناك يمين لا ينعقد باتفاق، وهناك يمين اختلف فيه العلماء بين انعقاده وبين عدم انعقاده، وهو الحلف بسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم. فإذا سرت مع رأي الجمهور فهذا حسن وجيد،
فلتسر مع هكذا وقُلْ وهو مكروه قطعاً وإلى لقاء آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.