سورة المائدة | ح 948 | 29 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة المائدة يقول ربنا سبحانه وتعالى: "واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق"، ثم يقول بعد أن بيّن المقتول أنه يمتنع عن القتل لأنه يخاف ربه سبحانه وتعالى: "لئن بسطت إلي". يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك
يدي ويدي لغتان وبهما قرئ القرآن أمي وأمي وهكذا يا إلا المتكلم قد تكون ساكنة وقد تكون مفتوحة ولم هذا في اللغة هكذا يعني وردت ساكنة ووردت مفتوحة مثل وهو بسكون الهاء وهو بضم الهاء، ما الفرق بين وهو وهو؟ لا شيء في النطق فقط، ولكن هذه نطقت بها العرب وهذه نطقت بها العرب. ولذلك تجد في القراءة هذه موجودة وهذه موجودة. مثل قولك
مثلاً: عليهِم، عليهُم، فهذه موجودة وهذه موجودة. فتجد قراءة "عليهِم" والقراءة الثانية "عليهُم". ما الفرق؟ ما الذي... حدث في الإعراب ما لا يوجد إعراب ولا شيء، هذه لغة أمي وأمي هكذا كتابي كتابيه، إذاً فهناك لغات وهذه اللغات يجوز القراءة بها إذا وردت، يعني ليس كل لغة يجوز القراءة بها، لا، قد تكون في اللغة صحيحة ولكن في القراءة غير صحيحة لأنها لم ترد القراءة إذا وردت. سنة
عن النبي صلى الله عليه وسلم أخذنا بها بشرط أن تكون موافقة للعربية، فإذا وافقت العربية ووردت بسندها ووافقت رسم المصحف أخذنا بها، وإذا فقدت شيئاً من الثلاثة يبقى ماذا؟ محل كلام، إذن لا نأخذ بها. إني أخاف الله رب العالمين، إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من. أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين. إني أريد أن تبوء يعني يكون نصيبك هذا. تبوء تقع في
هذا الإثم بإثمي وإثمك. أن تبوء بإثمي وإثمك يعني أنك أنت الذي ستأخذ الذنبين. طيب أين الذنبان؟ إثمي كيف؟ يعني أنا مقتول. قال: لأن المقتول كان يمكن له أن يدافع عن نفسه فلم يفعل. ولمّا أن كان كذلك وامتنع عن الدفاع عن نفسه فهو آثم، ولمّا كان هو آثماً لكن جعل هذا الامتناع من أجل
الله، تحمّل القاتل الإثمين معه: إثمه هو لأنه قاتل، وإثم المقتول لأنه لم يدافع عن نفسه. فإذا لم يدافع عن نفسه من غير نية كان آثماً، لكن بالفهم والنية. حَمِّل إثمه على القاتل، وانتبه أن ننبهه، وقال له: "على فكرة، أنا لن أمد يدي عليك، وعندما لا أمد يدي عليك فهذا حرام لأنه يجب أن أدفع المعتدي، ولكنني درءًا للفتنة سأرتكب أخف الضررين وسأتركك، لكنك
أنت من ستتحمل غلطتي هذه، وهي غلطة في الظاهر ستتحملها أنت بالإضافة". إلى عدوانك فأنا واعٍ، أنا لن أمد يدي عليك. لماذا؟ أنا أستطيع أن أمد يدي عليك ولكني أخاف الله وأريد أن تبوء بإثمي وإثمك. فأنا أفعل هذا عن وعي، ولذلك يقولون هنا ماذا؟ امتنع عن السعي بوعي، امتنع عن السعي بوعي، ليس امتنع عن السعي بلا وعي، هذا عجز. إن الامتناع عن السعي بلا وعي هو عجز، أما الامتناع عن السعي
بوعي فهو شيء آخر، إنه قوة. فالمقتول كان عند الله قوياً، تأمل وتدبر "إني أريد أن تبوء بإثمي"، كيف وهو المضروب؟ ما إثمه إذن؟ "بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين". معنى معنى آخر، بعض المفسرين يقولون لك: لا، هذا عندما يأتي يوم القيامة كما ورد في الحديث أنه سيُقضى بين الخلق حتى
أنه يُقتص من الشاة الجلحاء من الشاة القرناء. الشاة القرناء شاة لها قرون، والشاة الجلحاء شاة ليس لها قرون، يا عيني، يعني مكسورة القرون، انكسرت. فالشاة القرناء تفتري على الشاة الجلحاء لأنها تملك قرنين والأخرى لا تملك، فتأتي وتنطحها، فتجدها تزداد هكذا، فتأتي وتنطحها أكثر ظلماً، فسيأتي يوم القيامة وسيقفون ويُقتص من الشاة القرناء لصالح الشاة الجلحاء. قال له: سيحدث هكذا في البشر. أتدرون من المفلس فيكم؟ قالوا: الذي ليس
معه دراهم ولا. دينار الفقير المديون يعني قال: "لا، المفلس فيكم الذي يأتي يوم القيامة وقد شتم هذا، وسب هذا، وأكل مال هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، حتى إذا لم يبق له حسنة وضعوا عليه من سيئاتهم". هذا هو المفلس المديون يوم القيامة. فقال له بإذني: معناه أنه يوم القيامة سنأتي وقد. ظلمتني ستأخذ آثامي
قال طيب ولماذا لم يقولوا له سآخذ حسناتك؟ قال لأن القتل مما يبطل الحسنات ويبطل الأعمال، فهو سيأتي يوم القيامة وليس له حسنات إلا أن يتوب كما سنرى الآن، إلا أن يتوب ويعلن التوبة ويندم، فإن لم يفعل هو أصلاً أبطل وأحبط عمله، فالقتل هذا من محبطات الأعمال تعني أنه لا توجد له حسنة، فكيف يأخذ من حسناته إذا لم تكن موجودة؟ فماذا يفعل إذن؟ يتحمل من آثامه وسيئاته. وجاء قوله: "إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب
النار"، وأصحاب النار معناها أنه خالد فيها، وذلك جزاء الظالمين. وبالرغم من كل هذا، فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله. وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.