سورة المائدة | ح 968 | 38 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

سورة المائدة | ح 968 | 38 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة - تفسير, سورة المائدة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة المائدة، يضع ربنا سبحانه وتعالى حداً شديداً إزاء جريمة من جرائم المجتمع، الجرائم التي تصيب المجتمع بعدم الأمن وعدم الاستقرار، وهي جريمة السرقة. يضع إزاءها عقوبة شديدة وحداً من... حدود الله وكما قلنا مراراً أن الكبيرة هي التي ورد فيها لعن من الشارع من الله أو رسوله أو ورد بإزائها حد كالسرقة
والزنا والحرابة والقتل وأنواع هذه الجرائم أو الذنوب، أو ورد بشأنها خلود في النار. فإذا ورد شيء من هذا كانت من الكبائر. علامة الكبيرة أن يرد فيها. شيءٌ من هذه الثلاثة وهنا قال تعالى: "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما"، "فاقطعوا أيديهما" حدٌّ. إذا "فاقطعوا أيديهما" جعلت السرقة كبيرة من الكبائر، وكلمة كبيرة معناها أن
تركها يخل بأساس المجتمع. السرقة عدوان على المال، والمال في ملك صاحبه، فالسرقة عدوان على الملك في أساسها، إذاً يحرم ربنا العدوان على الملك. وتعتبر الشريعة الإسلامية العدوان على الملك عدواناً على مقصد إلهي من الخلق ومن الشرع قد حُفظ في كل الأديان: حفظ النفس، حفظ العقل، حفظ الدين، حفظ كرامة الإنسان ونسميها العرض،
حفظ الملك. فمن اعتدى على النفس فقد ارتكب كبيرة، ومن اعتدى على العقل فقد ارتكب كبيرة، ومن اعتدى على الدين. فقد كبيرًة ومن اعتدى على كرامة الإنسان فقد كبيرًة ومن اعتدى على ملك الإنسان فقد كبيرًة فمقصد الشرع من شرعه أن يشعر الناس في الاجتماع البشري بالأمن والأمان. والسارق والسارقة، وهنا يعلمنا ربنا سبحانه وتعالى
المساواة بين الرجل والمرأة في التكاليف، في الحقوق، في الواجبات، في المآلات. في المحاسبة، فإن الرجل والمرأة معًا مسؤولان مسؤولية تامة أمام الله سبحانه وتعالى. ومن أجل ذلك بيّن لنا منذ بداية الأمر في قصة آدم مع زوجته التي نسميها حواء - والقرآن لم يذكر اسم حواء إنما ورد في السنة "أمكم حواء"
- حاسب الاثنين، وعندما تكلم بشأن الاثنين أنهما قد استجابا للشيطان ليست المرأة هي التي أغوت لا, ولا الرجل هو الذي ضغط على المرأة أبداً، بل قال: "فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه". انظر إلى المساواة، ومع ذلك يتهمون الإسلام بغير ذلك. فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون. إن الإسلام في أصل الخلقة جعل الرجل والمرأة مكلفين، وهناك سورة النور: الزانية والزاني فاجلدوا كل... الله إذا
في وحدة في التكاليف، وحدة في الحقوق، وحدة في الواجبات، وحدة في المآل، ووحدة في المحاسبة في مساوئه، حتى وإن لم يكن هناك تساوٍ. فأقام الله الرجل لوظيفة وخصيصة ومركز قانوني وضعه فيه، فكلفه بإزاء هذا المركز القانوني وأعطى له حقوقاً ورتب... عليه واجبات ترتيب وتقسيم، وجعل للمرأة شيئاً آخر يتناسب مع خصائصها ووظائفها ومراكزها القانونية، ومنع الخلط بينهما. وقال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله المتشبهين من
الرجال بالنساء"، لأنك تريد إفساد الكون، "ولعن الله المتشبهات من النساء بالرجال". هذه حدود فاصلة، هي حدود الإسلام. هناك أفكار أخرى، هناك أفكار. تدعو إلى التساوي، لكم دينكم ولي دين، هذه العبارة تُقال هنا: لكم دينكم ولي ديني. نحن نراها هكذا، لا يوجد تمييز ضد الأنثى في الإسلام، ولكن يوجد توزيع للأدوار، واحترام للخلقة، وسير في خضم الفطرة وتيارها، ولكن ليس هناك أي تمييز. الذي
يريد أن تغلب الحرية على الخلقة فيجوز للرجل... أن يختار ما يشاء من كونه رجلاً أو غير رجل، ويجوز للمرأة أن تختار ما تشاء، هذه رؤية هكذا، لكن لا علاقة لها بدين الإسلام. نقول لهم: لكم دينكم ولي دين. أنا أعيش هكذا، أما المرأة المسلمة فترضى بأمر الله، وهي مسرورة بذلك ولا تستطيع أن تخرج عن هويتها ولا... عما أمرها الله به وتربط كل ذلك في الدنيا بالآخرة. راضية، مبسوطة الله .فيأتي ليقول لها "لا، دافعي عن حقوقك". فتقول له: "أنا حقوقي معي وآخذة إياها، أنت
، ماذا تريد يريد أن نقلده، لا يريد أن نعطي حقوقنا لأنفسنا. عندما تكون المرأة راضية بكونها امرأة وفخورة بذلك، والرجل راضٍ. بأنه رجل وفخور بأنه كذلك رجل، فما شأنك أنت؟ تريد أن تجعل المرأة رجلاً والرجل امرأة لكي تثبت الحرية المزعومة، وهم يريدون أن يطيعوا ربهم. أوليس من الحرية أن تتركني أدخل الجنة كما أنه من الحرية أن أتركك تدخل النار؟ أين هي الحرية الآن؟ دعك من هذا، أنا أقول. عليك أن تدخل النار ودعك من "لا إكراه في الدين"
و"قد تبين الرشد من الغي" و"لكم دينكم ولي دين" و"فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر". حرية! حرية في ماذا؟ في أن يكفر؟ في أن يختار طريق النار؟ هو حر. "ما على الرسول إلا البلاغ" و"ما أنت عليهم بمسيطر". أنا مالي أنا بلغت ولكن أليس من العدل أن تتركني أدخل الجنة كما أنه من العدل أن أتركك تدخل النار. كلما أقول لهم هكذا يقولون: لا، تقل هكذا لأننا لن ندخل النار. ما السبب؟ قال: لا توجد نار، خلاص لا توجد نار. أنت حر، أنا قلت ما بداخلي من عقيدة أنه في نار وأنك أنت إن شاء الله ستدخلها إذا لم ينجك الله سبحانه ويهديك فإذا
لم يهدك فقد كتب الله عليك هذا. "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما". وإلى لقاء آخر نستودعكم الله عند هذه الآية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.