سورة المائدة | ح 992 | 52 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة المائدة يقول ربنا سبحانه وتعالى: "فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما" أصرّوا في أنفسهم نادمين، يتحدث ربنا سبحانه وتعالى عن أمن الجماعة الداخلي وعن أمن الدولة الداخلي. يتحدث ربنا سبحانه وتعالى عن أن أمة الإسلام وجماعة المسلمين ودولة المسلمين ينبغي ألا تميل بقلوبها لمن كان ضداً لهذه
الدولة والأمة والجماعة، فترى الذين في قلوبهم مرض منافقون أسلموا بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم. يرون أن المصلحة مع الخارج وليس مصلحة الوطن، يرون أنهم يخدمون الآخرين لأنهم معجبون بهم، فتراهم يسارعون في كل شيء يأتي من عند الآخر، فيكون مقدماً على مصالحنا وعلى مبادئنا. نحن لدينا المبادئ ولدينا المصالح، ويجب أن نقوم بالتوازن بينهما كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان الإنسان. الكامل في
التوازن بين المبادئ والمصالح لم يترك المبادئ ولم يفرط في المصالح وعلمنا كيف نكون من الحكماء الذين يوازنون بين المصالح والمبادئ فنأتي لهؤلاء الذين في قلوبهم مرض من جماعتنا من إخواننا من المسلمين نراهم يتكلمون بألسنتنا ويعيشون في أوساطنا وتعلقت قلوبهم بثقافات الآخرين يدعوننا إلى شيء ليس فيه مصالحنا ولا علاقة له بمبادئنا، قد يكون في تحقيق لبعض مصالح هذه الفئة المنافقة قد يكون هناك مصالح آنية على
حساب المبادئ، ولكنهم بذلك يخرجون عن مبادئنا ومصالحنا. "فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون" انظر إلى الكلمة يا أخي، أي يسعى بسرعة، يسارع سرعة، وهذه السرعة بما تقتضيه أنه... لم يتأمل، لم يفكر تفكيراً عميقاً، فكر تفكيراً سطحياً لكنه ليس عميقاً، لم يرَ الشيء مع علاقاته. الشيء عندما نطبقه نبحث فيه، وبعد ذلك نبحث في علاقاته، ماذا سيفعل؟ حسناً، في المنطقة الفلانية، كيف سيؤثر في المجتمع؟
كيف سيؤثر في الاقتصاد؟ كيف سيؤثر في السياسة؟ نجلس نفكر إذن، وأنتم فإن في مصلحتنا بدأنا نقول حسناً، كيف نفعله بحيث لا نفرط فيما بدأنا؟ فإن وجدنا نقطة الالتقاء بين المصلحة والمبدأ فعلناها وطبقناها، أليس هذا فكراً عميقاً؟ نعم، إنه فكر عميق. أما الآخر الذي يتسرع فهو فكر غير عميق. ماذا ينتج عن الفكر غير العميق؟ أول شيء أنه لا يفهم الفكر. السطحي المتسرع أول شيء أنه لا يفهم، لا يفهم الذي يسمعه
من الآخرين. فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم. يقول جان بول سارتر وهو فيلسوف فرنسي وجودي في مقدمته لقصة معذب الأرض، وهو ينعى على هؤلاء ويرى أن هذا الطابور يضر بمبادئهم أكثر مما ينفع مبادئهم. هم ليسوا مبادئنا نحن مبادئنا نحن خلاص هم تجاوزوها ولا يريدونها، حسناً، تلك مبادئهم هم، يقول
والعجب من هؤلاء أننا إذا قلنا هنا - يقصد في باريس - إخوة، الواحد يكون أخاً للمواطن الذي له، فيكون هناك إخوة في المجتمع، والأخوة تقتضي منك أن تكون شهماً، والأخوة تقتضي منك أن تكون رحيماً، وأن تكون متعاوناً، وأن تكون منتمياً. إخوة صاحوا: "هناك خو، خو". لا بدّ يا جماعة من الأخوّة. أخوة! وقبل أن تصل إليهم، لأنهم سمعوها بسرعة.
يسمعونها: "أيه؟ أخوة؟". طيب يا جماعة، "خ... خو..." ماذا تعني؟ لا يوجد شيء اسمه "خو". طيب، أنتم تدّعون الشيء الذي لا وجود له، ويأخذ. بالك هناك لها معنى، الأخوة لها معنى. ليتك هنا تصرخ وتقول: "أخوة، أخوة"، لكن هذا يصرخ ويقول: "خو أخوة"، فلا هو فاهم ولا نحن فاهمون ولا الذين في الخارج الذين قلدوهم فاهمون. ماذا تقولون؟ هذا ما نعيشه، أيرضي ربنا؟ لا يرضي ربنا، هذا لا يرضي ربنا. لماذا؟ لأنه جهل وليس علماً. أخي، حتى وصلت
إلينا أصبحت "أخي"، والشاب متشدد فيها "أخي، أخي" وهو لا يعرف أصلاً ماذا تعني "أخي" لأنها ليس لها معنى، وهم هناك لا يقولون "أخي". وقس على هذا. كن علامة. الحريري يقول ماذا في هذا الأمر الخاص به "ملحة الإعراب"، والحرف ما. ليس له علامة وقِس على ذلك تكن علامة. فهذا الزمن الذي نعيش فيه هكذا؛ أناس تقوم وتزعج وتتلفظ بكلام وهي لا تعرف معنى هذا اللفظ ومن أين جاء. وهذا مصداق قوله تعالى وهو يصفهم من فوق سبع سماوات وهو أصدق القائلين: "فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم". من السرعة، يعرف لو درس وفهم ونقل
واقتنع لكان سيصبح، يا عيني، متقدماً مع الوقت، لكنه ليس لديه وقت. إنه يريد أن يلتقط من هناك ويعطي هنا. يقولون: "نخشى أن تصيبنا دائرة". يعرفون لو لم تفعلوا هذا الأمر الذي لا معنى له، سنتخلف. العالم كله يتقدم ونحن نتخلف لأجل ذلك. نحن لم نقم بتطبيق الأخوة، إذاً يجب علينا أن نطبق الأخوة. نعم، ما هي الأخوة؟ إنها شيء من الجنة. هل أنت منتبه؟ يقولون: "نخشى أن تصيبنا دائرة". أنتم سبب تخلف المجتمع. أنا سبب تخلف المجتمع؟ حسناً، موافق. تريدون أن نتقدم؟ قولوا لنا
إذاً خطة واضحة، لكن اشرحوها. يقول لك: "على أنتم تكفرونني هكذا؟ نحن لا كفرناك ولا سنكفرك إن شاء الله. نعم، ولكنني لست مؤمناً بما أنتم مؤمنون به. وما المشكلة؟ بماذا تؤمن؟ أنا لست مؤمناً بالإله. كيف تكون مسلماً إذن؟ في الخارج كانوا يملكون الجرأة وقالوا: يا إخواننا، أنا ضد الكنيسة، أنا ملحد، أنا لا أصدق بالله. قال الله ضد الكنيسة يقول أنا لست مسيحياً، حسناً، عرفنا أنك تريد أن تكون مسيحياً، هذه الكنيسة أمامك. إذا كنت تريد أن تكون ملحداً، فهذا الإلحاد أمامك. لكن يا مسكين هنا متحير، يسب الله ويسب رسوله ويسب الإسلام ويسب التاريخ
ويسب الواقع ويسب الفقه ويسب الشريعة ويسب العلماء، ثم يقول: انتبهوا، أنا... مسلم وإياك أن تقولوا على كتابي هذا أنه غير مسلم. يا أخانا، الكتاب الذي ألفته ليس له علاقة بالإسلام، انظر إلى الظلاميين، انظر إلى المتخلفين، انظر إلى الأوضاع غير السليمة. لا، بل أنت هكذا، أليس كذلك؟ أنت الشجاع، أفصح عن نفسك وقل: أنا لست مسلماً وهذا الإسلام لا أريده، أما أصبح هنا لكن هؤلاء هنا يوجد لماذا "فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة" وإلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.