شاهد حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم التي في عنق كل مسلم | أ.د علي جمعة

شاهد حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم التي في عنق كل مسلم | أ.د علي جمعة - سيدنا محمد, فتاوي
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك مما تركه لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهتدي به إلى الله نعيش هذه اللحظات عسى أن يحتسب الله هذا المجلس مجلس علم عنده يجعله في ميزان حسناتنا ويذكرنا في ملأ عنده وينزل علينا السكينة وتغشانا الرحمة وتحفنا الملائكة كما وعد ربنا سبحانه
وتعالى لمجالس العلم التي تذكر فيها آياته وأحاديث نبيه صلى الله عليه وآله وسلم اللهم آمين ونسأل الله سبحانه وتعالى الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة لسيدنا النبي وأن يجازيه عنا خير ما جاز نبياً عن أمته ورسولاً عن قومه، آمين. يسأل سائل فيقول: ما حق
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ ومن خلط الكافة في الفهم عن سيدنا وفي الفشل عن تحويل ما فهمناه إلى واقع المعيش. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما بعثت لأتمم مكارم". الأخلاق وإنما
في لغة العرب تفيد الحصر والقصر أي أن الهدف الوحيد والأساس من بعثته صلى الله عليه وآله وسلم هدى للعالمين هو مكارم الأخلاق، فأين هذا من برنامجنا اليومي؟ كل واحد يسأل نفسه. لما روى الصحابة الكرام ما سمعوه من سيد الخلق رووا عنه أمرين: الأول رووا عنه القرآن. الكريم وتكفل الله بحفظه فحفظ على أبدع ما يكون حفظ
بما لم يحفظ به شيء قط لا حفظت الكتب السابقة كحفظه ولا أشعار الشعراء كحفظه ولا خطب الخطباء كحفظه ولا كتب المؤلفين كحفظه كما أنه لم يحفظ تاريخ أحد من البشر كما حفظ تاريخ سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم فحفظ له كل سكنة وحركة. لا وجود أمامنا وعلى عبر
التاريخ مثل هذا التأييد الرباني الذي ليس بيد أحد من البشر، لا بيد محمد ولا بيد غيره، أن يحفظ هذا الحفظ. ذلك الرسول المؤيد محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا يستطيع أن يحافظ على نسله وأبنائه وقد انتقل. إلى الرفيق الأعلى وحافظ ربنا عليهم. لا يستطيع محمد أن ينشر دينه، ودينه فيه التزام وقوة وحزب.
ليس هناك دين في الأرض يخاطب الجميع سوى الإسلام. فُرضت الصلاة على الرجال والنساء، على الشباب والشيوخ، على الأصحاء والمرضى، وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين. هذه الصلاة خمس مرات في اليوم، سبع عشرة. ركعة فيها من القيام والركوع والسجود والقراءة والدعاء والذكر ما فيها، ليس هناك أمة تسجد لربنا سبحانه وتعالى في الأرض سوى المسلمين، وفي كل يوم ينتشر الإسلام بيد محمد هذا أو
بيد المسلمين أو بيد أحد من العالمين، هذا الإسلام الذي حُورِبَ من الروم والفرس ومن المشركين ويهود ومن التتار. والصليبيين ومن المستعمرين عبر التاريخ والمسلمون يُضربون، وفي كل مرة يُضربون يزدادون، ويدخل التتار ليحتلوا بلاد المسلمين فيُسلمون، ويعود الصليبيون إلى بلادهم وكثير منهم قد أسلم ودخل الإسلام. أهذا بيد المسلمين أم أنه بيد رب العالمين؟ "إنا نحن
نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"، "إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر". إن شانئك هو الأبتر. من شانئه هذا الذي عيره بأنه لم يأتي إلا ببنات لا تحملن اسمه! والله لا نعرف ذكر أهل التفسير تسعة أسماء، ولا نعرف من منهم الذي كان شانئهم. ذهب مع الريح وعاد أبتر، وصدق ربنا: "إنا أعطيناك الكوثر". أي أن أهل البيت تكاثروا وتناسلوا من اثنين فقط. من الحسن والحسين فملؤوا الأرض وصاروا بالملايين، كل أبناء
الحسين ماتوا وكان يمكن أن يموت علي زين العابدين، كل أبناء الحسن ماتوا وكان يمكن أن يموت زيد الأبلج والحسن المثنى وانتهى الأمر، لكنه لم ينته. تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا: كتاب الله وعترة أهل بيتي. وما الذي أدراك يا محمد وقد مات أبناؤك أمامك ودفنت بناتك أمامك وقلت لفاطمة إنك أسرع أهلي لحوقًا بي عليها السلام، من أدراك أن نسلك ينتشر وإذا به قد انتشر. من عند من هذا؟ من تأليف المسلمين؟ من اختراع المشركين؟
إن الله سبحانه وتعالى أيد هذا النبي الأمي الرسول الخاتم. فحقه علينا أن نؤمن به لأن دلائل نبوته فاقت الحصر، ولأنه في نبوته وأمره بالأخلاق تعدى الزمان والمكان، ولأنه صلى الله عليه وسلم هو مقياس رضا الله. تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب، ولأنه خاتم النبيين فنحن لا نعلم ما الذي يرضي الله. وما الذي يغضب الله، فترك
لنا أمرين: ترك لنا القرآن نبياً مقيماً، وترك لنا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هدايةً وتطبيقاً. ترك لنا المطلق كتاب الله الذي هو ليس بمخلوق، بل هو كلام الله الذي هو صفة من صفاته، وكأنه يتنزل علينا الآن، وترك لنا تطبيقاً معصوماً لهذا. الكتاب ولذلك كل من قدح في السنة أو أراد إنما هو يريد أن يقدح في القرآن لأن كل ما اعترض عليه المعترض من السنة فهو في القرآن وهذا ينبهنا إليه الإمام الشافعي
فيما رواه عنه البيهقي بسناده المتصل أن كل ما ورد في السنة فأصله القرآن فالذي يشكك في سنة المصطفى غداً سترى نفسك أمام القرآن تقرأه فإذا فيه ما تشككت فيه فتتشكك في القرآن وهو المطلوب عند هؤلاء الناس ونحن ننبه المسلمين لا تتعجلوا ولا تفرحوا بكلام مزوق فإن من البيان لسحراً وهذا السحر منه حلال ومنه حرام لأن السحر الحرام هو الذي استعان بالجن لكن لما
أدرك السحرة عصا موسى خروا سجداً، بكلمات بسيطة ينهدم البنيان على رؤوسهم. فحق رسول الله في أعناقنا أن نؤمن به. قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول، وإن تطيعوه تهتدوا. القرآن هو الذي قال لنا هكذا، فلا بد أن نؤمن به وأن نطيعه صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وقال تعالى: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله"
وقال صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني مناسككم" وقال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" وقال: "ومن رغب عن سنتي فليس مني". الأمر أوضح من الواضحات وأجلى من البينات في وجوب الإيمان برسوله صلى الله عليه وآله وسلم وأنه مؤيد من الله وأننا قد أمرنا بالرجوع إليه: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾، فعباد الله الساعون إليه، المنورة
بصائرهم، المؤيدون باستجابة الدعاء لهم، الموفقون في إقامة الطاعات والبعد عن القاذورات، يحبون رسول الله صلى الله عليه وآله. وسلم يجب علينا إذًا أن نؤمن به وأن نطيعه وأن نلتمس الهدى منه باتباعه، ليس فقط أن نمتثل الأمر أو ننتهي عن النهي، بل إننا نراه كمثال أتم هو محل نظر الله، كيف كان يأكل، كيف كان يمشي، كيف كان يعيش، كيف كان
يتعامل، كيف كان إنسانًا زوجًا أو معلمًا. مفتيًا تاجرًا قائدًا كيف كان ونرى ما كان عليه سيدنا ونتبع حتى في خلاف الأوامر والنواهي بل لالتماس البركة منه لأن هذا المثال هو الإنسان الكامل وهو المثال الأتم الذي أراده الله سبحانه وتعالى مثالًا وأسوة للعالمين حذرنا الله من مخالفته فليحضر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ومن يشاقق
الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ولا بد علينا أيضا كحق من حقوقه في رقابنا وأعناقنا أن نحبه وأن نتدله بحبه صلى الله عليه وآله وسلم ومن هنا اهتم المسلمون بمثال النعل الشريف لرسول الله فوضعوه على رؤوسهم وعلى غطاء الرأس ووضعوه على أعتاب بيوتهم حتى
إذا ما دخلوا البيت دخلوا من تحته وجعلوه في خواتمهم والنساء في صدورهن في قلائدهن حباً في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. رسول الله ينبغي علينا أن نحبه فوق الطاعة وفوق الإيمان وفوق الاتباع وفوق عدم المخالفة، هذا أمر. آخر يجب أن نحبه حباً وجدانياً عقلياً روحياً فعلياً قلبياً، حباً تتحرك فيه الأرواح. ولذلك
ترى المحبين قدموا أحمد شوقي أمير الشعراء على حافظ إبراهيم. أحمد وحافظ كانا كفرسي رهان، إلا أن أحمد - رحمه الله تعالى - تعلق قلبه برسول الله، فكتب مادحاً فيه القصائد الكثيرة. هو الذي كتب "ولد الهدى". سماه هدى ولد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء. هو الذي ألف
وأنشأ نهج البردة. البردة للبوصيري كانت سبباً في شفائه من شدة تعلقه بحبه لرسول الله، فكتب: "أمن تذكر جيران بذي سلم مزجت دمعاً جرى من مقلة بدم، أم هبت الريح من تلقاء كاظمة وأومض البرق في الظلماء". من إضمِ فما لعيناك إن قلت كففا همت وما لقلبك إن قلت استفق يا همي هو الذي يقول أبان مولده عن طيب عنصره يا طيب مبتدئ
منه ومختتم هو الذي يقول كالبحر في كرف والبدر في شرف والبحر في كرم والدهر في همم فإن فضل رسول الله ليس له حد فيعرب عنه ناطق بفمه صلى الله عليه وسلم، فجاء شوقي يقول: "ريم على القاع بين البان والعلم أحل سفك دمي في الأشهر الحرم"، من شدة تعلقه بحبه بالجناب الأجل. وهكذا يكتب البائية والهمزية والميمية مدحاً في رسول الله صلى الله عليه وسلم. فعلى
درجات علي حافظ، لماذا مقياس هذه الأمة؟ هو سيدنا النبي يجب علينا أن نحبه وأن نظهر حبه، أما هذا الذي يريد أن يتعامل معه كما يتعامل مع سائر البشر فهو مخطئ. قال تعالى: "قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي"، ولذلك لما جاء أحد المؤلفين وكتب الآية مبتورة "قل إنما أنا بشر مثلكم"، رد عليه العلماء قالوا. لا يوجد آية في القرآن هكذا. ما هو كالطالب يقول: "فويل للمصلين". لا، لا توجد آية هكذا في القرآن. يقول له: ما هي
الآية؟ لا، "فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون". "لا تقربوا الصلاة"؟ لا توجد آية في القرآن اسمها "لا تقربوا الصلاة". أي آية؟ لا، ما أنت... وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي، حذفتها لماذا؟ لأنه يريد أن يجعل نفسه متساوياً معه، هكذا هو يكون فيما نسميه عندنا غباءً، غباءً متشتتاً، والله غباءً متشتتاً، الذي يريد... هذا سيد الخلق، هذا سيد الكائنات، هذا حبيب الرحمن، هذا... المؤيد من رب العالمين ألَّف
الإمام الجزولي صلوات على النبي جمعها من أهل الله وسماها دلائل الخيرات في الصلاة على سيد السادات. عندما رجعنا إلى المخطوطات التي في الأرض من التراث الإسلامي وجدنا عجباً، وجدنا دلائل الخيرات أكثر عدداً من المصاحف، والمصاحف كثيرة ودلائل الخيرات أكثر! ما هذا؟ ما هذا لتعلق. الأمة تحب الجناب الأجل صلى الله عليه وآله وسلم،
فيأتي شخص مسكين لا يعرف كوعه من بوعه ولا مفاصل يده من كرسوعه، ويقول إنها دلائل الشرك. إذاً هذا الذي ربى داعش وربى الإخوان المسلمين وربى القاعدة وربى المفسدين في الأرض أمثال هذا الإنسان العجيب الغريب الذي لا يفقه ما دلائل. الخيرات وكيف حببت الناس في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. جهالة ثويبة، كانت رقيقًا وعبدة عند
أبي لهب، فلما وضعت آمنة عليها السلام سيد الخلق، كان حاضر الولادة ثويبة. فلما نزل وشرف الدنيا صلى الله عليه وآله وسلم، ذهبت ثويبة إلى سيدها لدى الكعبة أبي لهب وقالت له. بالخبر السعيد بميلاد محمد بن عبد الله، ففرح أبو لهب وأعتقها. كان أبو لهب يحب سيدنا النبي، انظر إليه هكذا، يحبه كما كان فرعون يحب موسى. هكذا هو فرعون، ليس جيداً، لكنه كان يحب سيدنا موسى. "وألقيتُ عليك محبةً مني ولتُصنع على عيني"، ينظر إليه
هكذا، لا يستطيع أن... لا يحبون عقله، فعقله يقول له: هذا سبب هلاكك الذي سيميتك، وقلبه يقول له: لست قادراً، "واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه". أبو لهب هذا خطب رقية وأم كلثوم لابنيه هذين، وابناه عتبة وعتيبة. كان يحب سيدنا محمداً، إنما الشيطان تمكّن منه ولم يرضَ أن يؤمن بسبب زوجته التي كان اسمها أروى، فأبو... لهب راح أعتق ثويبة عند سماعه للميلاد فعتق، فلما
حُكم عليه بالنار لأنه: "تبت يدا أبي لهب وتب، ما أغنى عنه ماله وما كسب، سيصلى ناراً ذات لهب، وامرأته حمالة الحطب". فأبو لهب لما حُكم عليه بهذا مات، فرآه العباس أخوه عم النبي، قال له: ماذا صنع الله بك يا أبو لهب هم سموه أبا لهب لأنه كان أبيض مشرباً بحمرة، فقال: خفف عني العذاب كل يوم اثنين. قال: بماذا؟ قال: بعتقي لثويبة.
يعني لما أعتق ثويبة ربنا يخفف عنه العذاب. هكذا هو في النار كل يوم اثنين يقولون له: ما هذا التخفيف؟ هذا جزاء أنك فرحت الفرحة. هذه حتى لا يكون له عندنا شيء. حب سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم فرد، ليس حبه هكذا بالعقل بل حبه بالكل، وهذا الحب أرشدنا إليه رسول الله. جاءه رجل وقال:
يا رسول الله، ادعُ الله لي أن أدخل الجنة، لأنني يعني ما الدنيا هكذا تلاهي؟ ها، كأنه يعني... هكذا الدنيا تُلهي، مليئة بالملاهي، تركوها كما هي. أدعو الله أن أدخل الجنة، خلاص ننتهي. فقال: "ما أعددت لها؟" ما هي الجنة هذه يعني؟ هذا التزام. قال له: "ما أعددت لها كثير صلاة ولا صيام". الحقيقة يعني يعترف أنه لا يصلي كثيراً - قال ثرود وخلاص - ولا يصوم كثيراً أيضاً. رمضان انتهى وما أعددت له كثيراً من الصلاة ولا الصيام. لن أقول لك أنني أقوم طوال الليل وأصوم طوال النهار. وكما
أنه ليس لدي ما أعددت له كثيراً من الصلاة ولا الصيام ولا الصدقة، ولكنني أحب الله ورسوله. أنا مدلة جداً بحب الله ورسوله. قال صلى الله عليه وسلم: "أنت مع..." مَن أحببتَ يكون مع سيدنا النبي لأنه يحبه، يعني حبك له ليس مجاناً، بل حبك له في مقابل، والمقابل في الحقيقة ضخم جداً، وهو حب قلبه، لا
يوجد فيه مجهود ولا تعب ولا غرامة، فيما يظن الظان أن الصدقة غرامة، لكنه لا يُنقِص مالاً، وللممسكين تلفاً. ستُمسك فيتلف ما في يدك وتذهب مصاباً بالأمراض وستُنفق. قم يقيك الله الشر ويقيك السوء. وبشرنا سيدنا وقال: "من أشد أمتي لي حباً ناس
يكونون من بعدي، يود أحدهم لو رآني بأهله وماله"، يعني الواحد منا لو قالوا له: "هات أهلك ومالك وسنريك رسول الله"، يقول: "خذوا الأهل والمال". ها أنا فقط أرى أناساً هم أشد الناس حباً له، قوم لم يروه وإنما جاؤوا من بعده، وهم مثلنا تماماً. تدفع مالك وأهلك وتنال رؤية لرسول الله في اليقظة، فتلتقي به. نعم، مات دنيا، فالدنيا كلها ثلاث دقائق، لكن عندما ألقى رسول
الله، خلاص، ضمنت الجنة وضمنت رضا الله. وضمنت كل شيء، حتى بعد أن تراه تقول: "يا رب، أعِد إليّ المال وأعِد إليّ أهلي". ثم تعود. لو كنت عاقلاً لفعلت هكذا: خذ المال ها هو، وأهلي أيضاً، وتأتي وأنت ترى القبلات وكل شيء وما إلى ذلك وما شابه، وتقول له: "يا رسول الله، دعهم يعودون إليّ". شيء عليه الصلاة والسلام أريد أن أقول لك أنه خير كبير، أريد أن أقول لك نشهد الله أننا من هؤلاء الذين أحبوه بمالنا وولدنا، ومن ضمن علامات الحب كثرة الصلاة
عليه، ولذلك قالوا: هداية ربي عند فقد المربي، فإذا فقد أحدنا المربي المرشد الذي يرشد إلى طريق الله فعليه بكثرة الصلاة على. الحبيب المصطفى فيكون له مرشداً، وحدوا هذه الكثرة بألف مرة على الأقل كل يوم، ولذلك أمثال هذه المجمعات ككنوز الأسرار، ومثل سعادة الدارين، ومثل دلائل الخيرات، كلها معمولة من أجل أن تكون لك علاقة بكثرة ذكر رسول الله والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم. أمة حضارة عرفت كيف تسير في الحياة أمرنا
الله بأن نعظم شأنه صلى الله عليه وسلم "يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه" أي فأمرنا بأن نوقره وأن نعلي من أمره وأمرنا ألا نخاطبه هكذا باسمه "يا محمد"، لا تقول سيدنا محمد، تقول يا رسول الله، يا نبي الله، ونحن نقولها في التشهد: "السلام عليك أيها
النبي"، وهو في التشهد هكذا. فالأجيال الثانية الناشئة غير قادرة على الاستيعاب، فنقول: "أيها النبي". أو عندما نقول: "السلام عليك يا رسول الله"، ولا حتى "يا رسول الله" لن تنفع. وهكذا الخيبة ليس لها نهاية، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق. حبه في صدورنا وأن يجعل هذا الحب مؤثراً في حياتنا مع الخلق حتى يرى منا ما يحب وإلى لقاء آخر أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.