شرح الأربعين النووية | حلقة #1 | المقدمة | د. علي جمعة | English Subtitle

شرح الأربعين النووية | حلقة #1 | المقدمة | د. علي جمعة | English Subtitle - الأربعين النووية, حديث
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. في مجالس الحديث النبوي الشريف نعيش هذه الأيام المباركة، والنبي صلى الله عليه وسلم من
الله علينا به ومن على العالم به، فقد بعثه الله رحمة للعالمين، وكما حفظ كتابه من التحريف وحفظ أهل حفظ الله سنة نبيه من الضياع وأقام لها العلماء عبر العصور يصدون عنها تأويل المخرِّفين والمدمرين حتى يومنا هذا. ومن أبدع ما أُلِّف في هذا المقام، مقام حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ما تركه لنا أبو زكريا الإمام الفاضل العالم
يحيى بن شرف النووي، وهو من قرية بالقرب من تسمى نوى على بعد نحو ستين كيلومتراً منها، عاش في دمشق نحو ثمان وعشرين سنة. كان آية في التقوى وآية في العلم، منَّ الله به علينا وعلى المذهب الشافعي وعلى العرب وعلى المسلمين بمثل هذه النماذج الرائعة الفائقة. سيدنا محيي الدين النووي، سيدنا محيي الدين النووي ألّف الأربعين النووية. وهي التي سنجلس معها في مجالس حديثنا هذه ونقتطف
منها الثمرات ونرويها بالسند المتصل عنه ثم عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. يقول الإمام النووي رحمه الله تعالى ورضي الله تعالى عنه: "أما بعد، فقد رُوينا" - وهذه لفظة ضبطها ابن الصلاح في مقدمته وضبطها علماؤنا ونحن... نقرأ عليهم الحديث بهذه الكيفية وليست روينا، بل روينا فقد روينا عن علي بن أبي طالب وعبد
الله بن مسعود ومعاذ بن جبل وأبي الدرداء وابن عمر رضي الله تعالى عنهما وابن عباس رضي الله تعالى عنهما وأنس بن مالك وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم أجمعين من طرق كثيرة بروايات متنوعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حفظ على أمتي أربعين حديثاً من أمر دينها بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء"، وفي رواية: "بعثه الله تعالى فقيهاً عالماً"، وفي رواية أبي الدرداء: "وكنت
له يوم القيامة شافعاً وشهيداً"، وفي رواية ابن مسعود. قيل له ادخل من أي أبواب الجنة شئت، وفي رواية ابن عمر كُتِبَ في زمرة العلماء وحُشِرَ في زمرة الشهداء. واتفق الحفاظ على أنه حديث ضعيف وإن كثرت طرقه، وقد صنف العلماء رضي الله عنهم في هذا الباب ما لا يُحصى من المصنفات، ثم أخذ في سرد بعض المصنفات في... هذا المقام حيث جمع كل عالم منهم أربعين حديثاً من أجل أن ينال شرف هذا الحديث النبوي وهذه البشارة النبوية. نأخذ من هذا فعل
أولئك العلماء والسلف الصالح الأتقياء وموقفهم من قضية الحديث الضعيف، فهذا حديث اتفق العلماء على أنه ضعيف وبالرغم من ذلك فقد اعتمدوا عليه وألفوا فيه ومن. أجله الأربعينيات فبعضهم ألف أربعين حديثاً عن أربعين شيخاً مختلفاً وبعضهم ألف أربعين حديثاً عن أربعين بلداً مختلفةً وبعضهم ألف أربعين حديثاً في معنى واحد وفي موضوع واحد وبعضهم ألف الأربعين في معانٍ مختلفة وأراد الإمام النووي أن يجمع الأحاديث التي ذُكرت كأساس
للإسلام فمثلاً بعض العلماء يقول إن هناك ثلاثةُ أحاديثَ هي كلُّ الإسلام: "إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نَوَى"، والحديثُ الثاني هو: "الحلالُ بَيِّنٌ والحرامُ بَيِّنٌ وبينَهما أمورٌ مُشتَبِهاتٌ"، والحديثُ الثالثُ: "مِن حُسنِ إسلامِ المرءِ تَرْكُهُ ما لا يَعنيهِ". واعتَبَروا أنَّ هذه الأحاديثَ الثلاثةَ يَرِدُ إليها كلُّ الدين، فمَن أرادَ العملَ وإخلاصَ النيَّةِ للهِ وأن يَشتَغِلَ. بنفسه لا بالناس وأن يقيم الإسلام في نفسه فعليه بالتمسك بهذه الأحاديث الثلاثة فإذا به يصل إلى درجة التقوى ودرجة الإحسان.
بعضهم جعل ذلك أربعة أحاديث وأضاف لها "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، وبعضهم جعل ذلك خمسة أحاديث أو جعلها ثلاثة أو أربعة لكنها تختلف. عن هذه الثلاثة أو عن هذه الأربعة أخذ الإمام النووي في تتبع هذا من الكتب حتى جمع اثنين وأربعين حديثاً تتكلم في أصول الإسلام، تتكلم في أن هذه هي الأحاديث التي نعلمها لأبنائنا وطلبتنا، ونجلس عليها للدراسة، نجلس عليها من أجل أن نفهمها، نجلس عليها من أجل أن يحفظها أبناؤنا. الصغار نجلس عليها
ونحن نشرحها، ولذلك نرى ابن رجب وقد ألّف كتاباً ضمّ إلى هذه الأربعين عشرة أحاديث أخرى، وهذه الأحاديث العشرة أصبح هناك خمسون حديثاً بين أيدينا، وشرحها، شرح هذه الأحاديث شرح أناس كثيرون، الأربعين النووية شروحات مختلفة، بعضها قليل وبعضها واسع، حتى أن الإمام النووي نفسه قد ألّف. في شرح الأربعين النووية التي ألّفها، في حلقة ولقاء آخر سنبدأ في تلاوة وشرح الأحاديث الأربعين النووية.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.