شرح الأربعين النووية | حلقة 13 | حديث 13 - 14 | د. علي جمعة | English Subtitle

شرح الأربعين النووية | حلقة 13 | حديث 13 - 14 |  د. علي جمعة | English Subtitle - الأربعين النووية, حديث
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. في هذا المجلس الحديثي النبوي المبارك ومع الحديث الثالث عشر من الأحاديث الأربعين النووية، عن أبي حمزة أنس
بن مالك رضي الله تعالى عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" رواه البخاري ومسلم. علَّق النبي صلى الله عليه وسلم أمر الإيمان بأمر أن تحب لأخيك ما تحبه لنفسك. وكلمة "أخيك" في الحديث، هل هو أخوك المسلم أو هو أخوك في الرحم أو هو أخوك في الإنسانية أخوك؟ في الرحم نكون قد ضيقنا واسعًا لأن
الإنسان قد لا يكون له أخ شقيق أو لأب أو لأم، وقد يكون له لكنه واحد أو اثنان أو عشرة. ولكن عندما نحمله على المسلمين يتسع الأمر ويعم الخير ويصبح الإنسان يحب لأخيه المسلم ما يحبه لنفسه من الخير ومن فعله ومن الالتزام. بالشريعة الغراء أو أن هذا الأخ هو أخ في الإنسانية، يقول الشيخ في شرحه على الأربعين النووية الشيخ الشبرخيتي المالكي
أن الأخوة هنا هي أخوة العالم كله وأخوة الإنسان، وأن الإنسان يحب الهداية لجميع الناس، ولذلك فهو يحب لأخيه الإنسان الهداية كما يحبها لنفسه، ويحب أن يهدي الله سبحانه وتعالى. كل مَن على الأرض كما أنه يحب أن يموت على الهداية، لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه في الإنسانية ما يحب لنفسه. والحب للنفس قد يكون للدنيا وقد يكون للآخرة، والحديث عام يشمل الدنيا والآخرة، قد يكون متعلقاً بالهداية
وقد يكون متعلقاً بالتمكن في الأرض، والحديث يشمل كل ذلك. إذا تحقق الإنسان من الحب فعليه أن يعلم أن الحب عطاء فيحب فهو يعطي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه أن يعلّم أحدهم جيرانه وأن لا يبخل عليهم بهذا التعليم وأن لا يتأخر أحدهم عن ذلك، ولذلك غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أقوام يتركون جيرانهم. على جَهالةٍ كان يحبُّ أن يشيعَ التعليمَ في الناسِ ويقولُ: مَن سلكَ طريقاً يلتمسُ فيه علماً يسَّرَ اللهُ له طريقاً إلى الجنةِ. أحبِبْ
لأخيكَ الصحةَ، وأحبِبْ لأخيكَ العلمَ، وأحبِبْ لأخيكَ الهدايةَ، وأحبِبْ لأخيكَ عملَ الخيرِ، وأحبِبْ لأخيكَ ما تحبُّهُ لنفسِكَ من الخيرِ ومن الأرزاقِ، والدالُّ على الخيرِ كفاعلِهِ، ومَن سنَّ. سُنَّةٌ حَسَنَةٌ فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. الحَدِيثُ الرَّابِعَ عَشَرَ: عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ المُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي هَذَا. الحديث يبين
رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمة الدم ويبين أن المسلم عزيز وأن دمه لا يستهان به بعكس ما نراه اليوم في العالم من استهانة الناس بدم المسلمين فإنا لله وإنا إليه راجعون. فالمسلم أصبح مظلوماً بين قوى الشر ومحاولات الشر التي تعمل على إهلاكه وكأنه لا يساوي حتى بعض العصافير، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وحسبنا الله ونعم الوكيل. سيغنينا الله من فضله ورسوله. ولقد صبر المسلمون على ما فعل بهم عبر التاريخ من اليهود ومن المشركين ومن الفرس
ومن الروم ومن المغول ومن الصليبيين ومن قوات وجحافل الاستعمار الحديث ومن القوة ومن الشر الذي حدث لهم. في الشيشان وفي البوسنة والهرسك وفي العراق وفي أفغانستان وفي الصومال وفي إفريقيا حدث لهم شر عظيم، بعضه نتج من تصرفات بعض المسلمين الذين جهلوا دينهم، وكثير منه نتج من تقاعس وتداعي الأمم على المسلمين، والنبي صلى الله عليه وسلم يحذرنا من هذا اليوم الذي تتداعى فيه الأمم على. المسلمين وهنا لا يحل دم امرئ مسلم إلا
في حالات محددة، وهذا الحصر في الحقيقة حصر شرعي، بمعنى أنه يمكن للشرع أن يضيف إلى هذه الثلاثة ولكن بدليل مستقل وبحديث مستقل. لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني وعقوبتها الرجم، وقد ثبت الرجم بالسنة المشرفة، والرجم ثبت. في حديث ماعز وفي حديث الغامدية والرجم كان قليلاً جداً في تاريخ المسلمين لأن الإسلام جعل هذه العقوبات زاجرة ومبينة لعظم الذنب، ولذلك جعل شروط تطبيقها
في غاية التركيب والصعوبة، وأكد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ادرؤوا الحدود بالشبهات"، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن تُقام الحدود في أثناء الحرب أو في دار الحرب، ضيَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الحدود؛ لأنها زواجر من ارتكاب الذنب وليست انتقاماً من المذنب عندما يتوب، ولكن جعل للثيب الزاني عقوبة الرجم، وثبت هذا بالسنة المشرفة، والنفس بالنفس هو القصاص، قال تعالى: "ولكم في القصاص حياة يا". أولو الألباب درءاً للقتل وللاعتداء الناس بعضهم على
بعض، فنهى رسول الله ونهى ربنا سبحانه وتعالى عن قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وجعل القصاص مهدئاً للبال ومانعاً لوقوع الجريمة، إلا أنه لم يحتم، بل جعل هناك دية وجعل هناك عفواً، ومكّن ولي القتيل من أن يعفو أو أن يُقتل قاتلُ والديه والتارك لدينه المفارق للجماعة، ولذلك فإن المرتد المعتدي على الجماعة الذي يخون النظام العام ويخرج عنه ويهاجمه بالبطلان حقه القتل. وهذا أمر تقرر عند العقلاء في كل الدنيا أن الذي ينقلب على النظام والذي يخرج على الجماعة والذي يقوض
أركان المجتمع حقه الاستئصال، ولذلك نرى أن كل أنظمة العالم تحكم على الجاسوس وتحكم على المفرط في أمن الدولة بالخيانة العظمى، وهذه الخيانة العظمى حقها القتل عند جميع الأنظمة القانونية في العالم. أخذوا ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم: "المفارق للجماعة"، ولم يرتب صلى الله عليه وسلم حد القتل على من ترك دينه فقط، بل هناك صفتان. التارك لدينه والصفة الثانية المفارقة للجماعة، وهذا حديث صحيح يُؤخذ
منه قاعدة مهمة من قواعد الدين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.