شرح الأربعين النووية | حلقة 19 | حديث | 22 - 23 | أ.د علي جمعة | English Subtitle

شرح الأربعين النووية | حلقة 19 | حديث | 22 - 23 | أ.د علي جمعة | English Subtitle - الأربعين النووية, حديث
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع مجلس الأحاديث النبوية الشريفة المنيفة مع الأربعين النووية في الحديث الثاني والعشرين عن
أبي عبد الله جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت إذا صليت المكتوبات وصمت رمضان وأحللت الحلال وحرمت الحرام ولم أزد على ذلك شيئاً، أأدخل الجنة؟ قال: نعم. رواه مسلم. ومعنى كلمة "حرمت الحرام" أي أنني اجتنبته وتركته وجعلته عليّ محرماً كما أن الله حرمه، فإنني أحرمه على نفسي وأجتنبه ولا أقربه أبداً. صليت المكتوبات ولم أزد على... ذلك شيئاً وصمت
رمضان ولم أصم الاثنين والخميس ولا الأيام الثلاثة البيض من كل شهر ولا العشر ولا غير ذلك من المواسم الإسلامية أو من الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومها، وأحللت الحلال أي فعلته وتوسعت فيه، فتمتعت بكل شيء حلال، وحرمت الحرام فاجتنبته ولم أزد. على ذلك شيئاً، هذا الإنسان وكأنه فعل ذلك وتمسك به مؤمناً بالله، لكنه لم يجعل لنفسه حصة من الذكر، ولا حصة من القرآن، ولا حصة من الزيادة على
الفروض. أيدخل الجنة؟ قال: نعم. وفي هذا المعنى فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيّن لنا أن الإسلام بُني على خمس. شهادةُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّ محمداً رسولُ اللهِ وإقامُ الصلاةِ وإيتاءُ الزكاةِ وحجُّ البيتِ وصومُ رمضانَ. وهو حديثٌ مرَّ معنا في أولِ الأحاديثِ النوويةِ الأربعين. النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم جاءهُ أعرابيٌّ وقال: يا رسولَ اللهِ، أنتَ تزعمُ أنَّ اللهَ أوحى إليكَ وأنهُ قد فرضَ علينا في اليومِ. واللَّيلة خَمس صلوات. قال: نعم. قال: آه، اللهُ؟ أسألك بالله، الله أوحى لك بذلك؟ قال:
نعم. قال: يا رسول الله. وأخذ يسأله عن هذه الأركان الخمس. قال: فإذا فعلتُها لا أزيد عليها ولا أنقص، أأدخلُ الجنة؟ قال: نعم. فولَّى الرجل وهو يقول: والله لا أزيد عليها ولا أنقص. فقال النبي. صلى الله عليه وسلم: "أفلح وأبيه إن صدق، إن صدق". ذلك الرجل واستطاع أن يحافظ على أركان الإسلام، وسُمِّيت أركان الإسلام لأنها الحد الأدنى، لأنها هي الأساس، فإنه يدخل بذلك الجنة. هذا الحديث يجعلنا لا نتكبر بعباداتنا على الآخرين، ولنعلم أن هذا الذي قد نتكبر عليه بعباداتنا
أو بكثرتها أو... بقلتها قد يسبقنا في دخول الجنة وقد يكون أكثر رضاً عند الله منا وأنه محل نظر الله سبحانه وتعالى أكثر منا، ولذلك فهذا الرجل الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحد الأدنى سأله عن حل الحلال وحرمة الحرام وأن هذا هو الذي يرضي الله سبحانه وتعالى أباح. لنا في هذا الحديث أن نتمتع بكل ما أراده الله لنا من الحلال، ولذلك فدين الإسلام واسع. في بعض الأحيان نترك شيئًا من الحلال خشية أن نقع في الحرام، وهذا شعور طيب يسمى
بالورع. وكان الصحابة الكرام يتركون سبعين بابًا من أبواب الحلال خشية أن يقعوا في باب من أبواب الحرام هذا الورع بخلاف حد الحلال والحرام. هذا الحديث يبين لنا هذا المعنى أن هناك فارقاً بين حد الحلال والحرام والذي إذا ما التزم به الإنسان دخل الجنة، وبين التقوى وزيادة الورع والذي لا يضيع الله سبحانه وتعالى أجر من أحسن عملاً فيها، ولا يضيع الله أجر المحسنين. التفرقة بين حد الحلال والحرام وبين حد الورع تحكمت في أذهان الفقهاء وفي أذهان كثير من المسلمين،
لكنها أيضاً فُقدت عند كثير من المسلمين للأسف. فُقدت عندهم لأنها لم تعد واضحة في أذهانهم، فرأينا من يتنطع في دين الله ومن يتشدد في دين الله، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "هلك المتنطعون". ويقول إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق وينهى عن التشدد وينهى عن أن تخرج عن سنته في العبادة فيقول: "ومن رغب عن سنتي فليس مني"، وليعبد أحدكم ربه طاقته، يعني على قدر طاقته، فإن الله لا يمل حتى تملوا. والحديث
الثالث والعشرون عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري. رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماوات والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها". رواه مسلم وهو حديث. عظيم جمع بين أمور كثيرة مهمة في دين الله، الطهور شطر الإيمان، ولذلك فالوضوء مهم، ورأينا أن
من حافظ على وضوئه حافظ على صلاته، فالصلوات خمس، ولذلك ينبغي أن يكون الوضوء كما ورد في الأثر أن يكون سلاح المؤمن، وسلاحه ضد نفسه وضد الدنيا والهوى والشيطان، فإذا حلت به الصلاة. فإنه يصلي في أي مكان كان، والنبي كان يقول: "جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا"، وذكر الله به تطمئن القلوب، "ألا بذكر الله تطمئن القلوب"، "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون"، "واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون"، والنبي صلى الله عليه وسلم ينبهنا إلى الكلمات العشر الطيبات: سبحان الله والحمد لله ولا... لا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله وسماها بعضهم
الباقيات الصالحات كذلك استغفر الله وحسبنا الله ونعم الوكيل وإنا لله وإنا إليه راجعون وتوكلت على الله والصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه عشر كلمات علمنا إياها الشرع الشريف الحمد لله سبحان لا إله إلا الله، وهكذا أكد صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أيضاً على الصلاة واعتبرها نوراً، والصدقة لأنها تذهب الخطيئة وتطفئها كما يطفئ الماء النار، والصبر ضياءً، والقرآن حجة لك أو عليك. ولذلك رأينا في دعاء الصالحين: "اللهم اجعل القرآن حجة لنا ولا تجعله حجة علينا" يتأولون. هذا
الحديث: كل الناس يغدو يعني يذهب إلى السوق، فبائع نفسه فمعتقها من النار أو موبقها ومهلكها. نسأل الله السلامة، ونرجو من الله أن نكون من عتقائه. اللهم آمين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.