شرح الأربعين النووية | حلقة 2 | حديث 1 | د. علي جمعة | English Subtitle

شرح الأربعين النووية | حلقة 2 | حديث 1 | د. علي جمعة | English Subtitle - الأربعين النووية, حديث
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع الأحاديث الأربعين النووية رأينا الإمام النووي وهو يضع حديث "إنما الأعمال بالنيات" أول حديث في كتابه هذا، ولقد
فعل ذلك أيضاً الإمام البخاري في صحيحه، فإننا رأيناه وقد روى هذا الحديث في تسعة. مواضع في صحيح البخاري في بعضها زيادات وفي بعضها اختصارات، ولكنه إذا ما فتحنا صحيح البخاري وجدنا أول حديث فيه هو حديث "إنما الأعمال بالنيات". والإمام السيوطي في الأشباه والنظائر يرى أن هذا الحديث يدخل في سبعين باباً من أبواب الفقه، ويرى أن القاعدة التي تقول "الأمور بمقاصدها" إنما أُخذت... من حديث "إنما الأعمال بالنيات" قاعدة "الأمور بمقاصدها"
هي قاعدة من القواعد الخمس الكبرى التي بُني عليها الفقه الإسلامي كله، وهي قاعدة من القواعد التي اهتم بها المذهب الشافعي. ولذلك يقول الناظم الذي يجمع هذه القواعد الخمسة: "ضرر يزال، وعادة قد حُكمت، وكذا المشقة تجلب التيسير، والشك لا ترفع به نية إن أردت دراسة خمس قواعد محررة في مذهب الشافعي تكون بها بصيراً، وهذه هي القواعد الخمس: الضرر يزال، والعادة محكمة، والمشقة تجلب التيسير، والأمور بمقاصدها، وإخلاص النية
لا بد منه. الضرر يزال، والعادة قد حُكمت، وكذلك المشقة تجلب التيسير، والشك لا يُرفع به المتيقن، ولذلك اليقين لا يزول بالشك. هذه الخمسة هي القواعد التي بُني عليها الفقه الإسلامي كله وهي القواعد التي تفرعت منها كل القواعد الفقهية فيما بعد. الحديث يذكره الإمام النووي أول حديث في كتابه الأربعين النووية عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول. إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته
إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه. رواه إمام المحدثين البخاري ومسلم. هذا الحديث حديث عظيم تكلم به سيدنا عمر على المنبر، ولذلك سمعه الصحابة. كثيرٌ ولم يتكلم واحدٌ منهم أنه لم يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أنكر على عمر أنه ينسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك يعدُّه العلماء مما يُسمى بالتواتر المعنوي لأنه متواتر في المعنى "العمل بالنية". هناك حديث أخرجه البيهقي بهذا المعنى ولكن "إنما الأعمال..." "إنما
الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" هو الحديث الذي رواه سيدنا عمر، ولكنه لم يرد إلا عن سيدنا عمر، وكان سيدنا عمر له كنية وهذه الكنية أبو حفص، لأن ابنته هي السيدة حفصة أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم. سيدنا عمر بن الخطاب كان دقيقاً الأحاديث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث المدخل الذي هو مدخل لكل الدين إنما - وإنما تفيد القصر والحصر - "إنما الأعمال بالنيات". لا يقبل الله سبحانه وتعالى العمل من المؤمن إلا بالنية المخلصة، والنية في
المعنى اللغوي هي القصد، ومراتب القصد على خمس درجات، مراتب هاجس ذكر فخاطر فحديث النفس فاستمع يليه هم فعزم، كلها رُفعت سوى الأخير، ففيه الأخذ قد وقع. فهناك خاطر هاجس، وبعد الهاجس خاطر، وبعد الخاطر حديث النفس، وبعد حديث النفس الهم، وبعد الهم يأتي العزم، والعزم هو النية، القصد المؤكد. كل هذه المراتب من مراتب القصد مرفوعة، ولكن في النهاية. القصد المؤكد هو المأخوذ به وهو النية. موجودة في العبادات، فهناك نية في الوضوء وفي الصلاة
وفي الزكاة وفي الصيام وفي الحج. وهناك نيات أيضاً في قضايا الطلاق وفي قضايا المعاملات. ولذلك فالنية لا بد منها. أحكام النية أنها محلها القلب، ولذلك لا نتلفظ بالنية في الصلاة ولا. في الوضوء ولا في شيء من هذا إلا في الحج، ونحن ننوي الحج أو العمرة. محل النية القلب، ومعناها القصد، ولا بد فيها من الإخلاص لله رب العالمين. زمن النية هو بداية الفعل غالباً، فبداية الوضوء غسل الوجه، وبداية الصلاة تكبيرة الإحرام، وبداية فعل الصيام متعذر أن نبدأها بالنية لأن...
بداية الصيام هي الفجر، والفجر لا يستطيع أحد أن يجلس ويترصده، ولذلك تكفي النية فيه ولو في أي وقت من ليل الصيام. إذا كان الإنسان يفطر يقول: "اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت، ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله". ونويت صيام غد من رمضان، يكفي هذا. أو عند السحور أو في أي وقت في الليل فإنه يكفي لنية الصيام، والنبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نبيت نية الصيام بالليل. إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، حتى لو لم يعمل، فإنما الأعمال بالنيات. لا يقبل الله العمل إلا بنية مخلصة له، وإنما
لكل امرئ. ما نوى فلو نوى الإنسان الخير ولم يفعله فإنه يثاب عليه، ولو فعله لأعطي عشر حسنات، ولذلك أمرنا أن نحرر هجرتنا إلى الله ورسوله، وأمرنا ألا نجعل الهجرة إلا لله ولرسوله، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "المهاجر من هاجر ما نهى الله عنه". السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته.