شرح الأربعين النووية | حلقة 21 | حديث 25 | أ.د علي جمعة | English Subtitle

شرح الأربعين النووية | حلقة 21 | حديث 25 | أ.د علي جمعة | English Subtitle - الأربعين النووية, حديث
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع الحديث الخامس والعشرين من الأربعين النووية نقرؤه في هذا المجلس الحديثي النبوي المبارك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. في هذا الحديث يشكو
أهل الفقر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. أن أهل الغنى أهل الدثور ذهبوا بكل الأجر وذلك أن عندهم أموالاً يستطيعون أن يتصدقوا بها والفقراء ليس عندهم هذه الأموال والنبي صلى الله عليه وسلم علمهم أن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وأنك اتق الله ولو بشق اتق النار ولو بشق تمرة وفي ذلك تقوى الله وعلمهم أن الصدقة شيء عظيم ولذلك فقد نظروا إلى الأغنياء وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الأمر ورسول الله صلى الله
عليه وسلم بين لهم أن هناك مساواة بين الأغنياء وبين الفقراء عند الله وأن الفقير في فقره يستطيع أن يعبد الله كما يفعل الغني وقد يكون أكثر مما يفعل غني ولذلك أرشدهم إلى الذكر وأرشدهم إلى توجيه النية في الأعمال كلها. أما الذكر فقد امتدحه الله سبحانه وتعالى في كتابه وأمر به ونوع أقسامه للمؤمنين: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب"، "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون"، "والذاكرين الله كثيرا والذاكرات"، "واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون". وهنا أمرهم. بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير وجعل
ذلك كأجر الصدقة تماماً، وأما الإخلاص فقد أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنية الخالصة "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"، قال تعالى: "مخلصين له الدين ولو كره الكافرون"، وعلى ذلك يسير المؤمن في طريقه إلى الله وهو يشعر بأن الله لا يظلمه وأن الله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر المحسنين. عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه أن ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي: "يا رسول الله، ذهب أهل الدثور (أي أهل الغنى) بالأجور. يصلون كما نصلي،
ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم" يعني وهم ليس معهم أموال يفعلون بذلك. قال: أليس قد جعل الله لكم ما تتصدقون به؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وبكل تكبيرة صدقة، وبكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة. والبضع هو اجتماع الرجل مع زوجته. قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر. قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام فكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر"، رواه مسلم.
هذا حديث عظيم يُكوِّن عقلية المسلم، وأنه في كل حال من الغنى ومن الفقر فإنه يستطيع أن يكون قريباً من الله، وأنه بالنية يوجه الأعمال. وتميز الصحابة بهذا. التوجيه فإنهم كانوا يلحقون كل مندوب بالواجب يفعلونه كأنه واجب، ويلحقون كل مكروه بالحرام يبتعدون عنه كأنه حرام، ويذهبون إلى المباح ويوجهونه حسب الحال بالنية لله رب العالمين. فإذا كان عنده ثوب جميل عظيم المقدار يلبسه إظهارًا لنعمة الله عليه، وحتى يتعرض له الناس
في طلب قضاء حوائجهم، وحتى يأخذ. زينته عند كل مسجد، يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد، وحتى يفعل كذا وكذا من النيات الصالحات الكثيرات. وإذا لبس ثوباً متواضعاً فإنه ينوي إظهار التواضع لله وعدم كسر خاطر الفقراء وستر العورة وغير ذلك من النيات الصالحات. كانوا دائماً يوجهون المباح بالنيات وبالإخلاص. هذا حديث عظيم وجهنا. فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن الإنسان كيف ما كان سواء كان غنياً أو فقيراً يستطيع أن يكون قريباً
من الله. لمّا سمع أهل الدثور بمثل هذا الحديث ذهبوا وداوموا على التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل، فذهب أهل الفقر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة أخرى. بعد هذا الحديث يشكو أهل الدثور ويقولون: "يا رسول الله، لقد سمع أهل الدثور ما قلت فبدؤوا في التسبيح والتكبير والتحميد، وبذلك أصبحنا مرة أخرى لا نستطيع أن نسابقهم لأنهم تميزوا بأموالهم التي منَّ الله عليهم بها". فأغلق النبي صلى الله عليه وسلم هذا النوع من التنافس بهذه. الكيفية فقال لهم ذلك فضل
الله يؤتيه من يشاء إذا كان الله سبحانه وتعالى قد وفق الغني لأن يكون أيضاً تقياً وزاد من فضل الله عليه فضلاً في العبادة فإن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وكان النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر بين أن من قال مائة مرة كذا وذكر لهم ذكر فقال لا يأتي أحد بأفضل من هذا إلا رجل قال أكثر من هذا. إذًا، فإذا كان الغني هذا يسبح مائة، فلك أن تسبح ألفًا، وإذا كان هذا الغني يحمد مائة، فأحمد أنت ألفًا، وهكذا أبدًا.
ولذلك فالمنافسة لا تتأتى بالشكوى وإنما تتأتى بالعمل. والسلام عليكم. ورحمة الله وبركاته،
    شرح الأربعين النووية | حلقة 21 | حديث 25 | أ.د علي جمعة | English Subtitle | نور الدين والدنيا