شرح الأربعين النووية | حلقة 24 | حديث 29 | أ.د علي جمعة | English Subtitle

شرح الأربعين النووية | حلقة 24 | حديث 29 | أ.د علي جمعة | English Subtitle - الأربعين النووية, حديث
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع الحديث التاسع والعشرين من الأحاديث الأربعين النووية، عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه قال: قلت يا رسول الله أخبرني
بعمل يدخلني الجنة. وكان الصحابة حريصين على هذا المعنى، تعلقت قلوبهم بطاعة. الله وتعلقت قلوبهم بالخوف من غضب الله، يعرفون أن رضا الله يُدخلهم الجنة وأن غضب الله يُبعدهم عن الجنة. أخبرني بعمل يُدخلني الجنة ويُباعدني عن النار. قال: لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسَّره الله تعالى عليه. تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة. وتصوم رمضان وتحج البيت، ثم قال: "ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جُنّة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من
جوف الليل". إذا عرض علينا أركان الإسلام من الشهادتين والصلاة والصيام والزكاة والحج، ثم رغّبنا في النافلة من بعد ذلك، "الصوم جُنّة"، ولذلك كان سيدنا رسول الله. كان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم على صيام الاثنين والخميس من كل أسبوع، ومن سنته أنه كان يصوم الأيام البيض أو الليالي البيض. وسميت بيضاً لأن البدر يكتمل فيها وينير ليلها، وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر، تبدأ بوتر وتنتهي بوتر، فالثالث عشر وتر والخامس وكان كثيراً
ما يصوم السبت والأحد ولكنه لم يكن يداوم على ذلك، وكان كثيراً ما يصوم المحرم وكثيراً ما يصوم شعبان، وكان يصوم يوم عاشوراء بصفة مستمرة حتى قال: "لئن أبقاني الله إلى السنة القادمة لأصومن تاسوعاء وعاشوراء"، وانتقل في هذه السنة إلى الرفيق الأعلى فلم يصم تاسوعاء وإنما ثبت أنه رغب في ذلك وكان يصوم التسعة أيام الأولى من ذي الحجة وكان يأمر بصيام يوم عرفة وأنه يكفر السنة
التي مضت وأنه خير أيام السنة كما أن ليلة القدر هي خير ليالي السنة إذاً فصيام رسول الله صلى الله عليه وسلم كان خارج رمضان كثيراً فلو أنه ثبت عنه إتمامه للمحرم وإتمامه لشعبان، وهناك مئة يوم تقريباً، وعدد الأسابيع في الاثنين والخميس. وهذه المئة يوم تعادل ثلاثة أشهر. ونلحظ أنه كان يصوم مع ذلك ثلاثة أيام من كل شهر في أحد عشر شهراً ما عدا رمضان، وستة أيام من شوال يُتم بها صومه في رمضان،
وأيضاً يوم عرفة أو الأوائل فإننا نصل إلى أنه كأنه كان يصوم ستة شهور، وهذا الذي ذكره لعبد الله بن عمرو بن العاص إذ صام يوماً وأفطر يوماً، وهذا صيام نبي الله داود. قال: بي قوة يا رسول الله. قال: ليس هناك أفضل من ذلك. لو جمعنا صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم. المتفرق لوجدناه أنه وكأنه صام نصف السنة، صام يوماً وأفطر يوماً بعدد الأيام وإن لم يكن فعل ذلك، وأن هذا هو صيام نبي الله داود النبي صلى الله عليه وسلم. إذ يبين لنا أن الصوم جُنَّة، لأنه
يسبب التقوى والهدوء النفسي، وجُنَّة لأنه يدرب الإنسان على أن يمتثل إلى كثير من الأوامر منها قول النبي: "بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا بد فاعلاً، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه". ومنها هذا الأمر بذكر الله، وربنا سبحانه وتعالى جمع بين الصيام وبين التقوى، وجمع بين القرآن وبين التقوى، وقال تعالى: "كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين لعلكم تتقون. وقال تعالى في شأن القرآن: "ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين". إذاً فالصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، والصلاة صلاة الرجل من جوف
الليل. "قم الليل إلا قليلاً نصفه أو انقص منه قليلاً أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً". "ومن الليل فتهجد به نافلة". لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً، ثم تلا بعد هذا: "تتجافى جنوبهم عن المضاجع" حتى بلغ "يعملون". يعني قال: "تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون، فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون". ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر. وعموده وذروة سنامه قلتُ بلى يا رسول الله قال رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد فكلمة
ذروة وذروة لها نطقان بالكسر والضم للذال ثم قال ألا أخبرك بملاك ذلك كله قلتُ بلى يا رسول الله فأخذ بلسانه ثم قال كف عليك هذا قلتُ يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به، فقال: ثكلتك أمك، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وهذا الحديث من الأحاديث الأمهات التي هي من أسس الدين، والنبي صلى الله عليه وسلم علمنا مسؤولية الكلمة، وكان يقول:
اضمن لي ما بين لحييك. وفخذيك أضمن لك الجنة، والنبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن اللغو. قال تعالى: "قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون". ونهانا عن شهادة الزور "والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما". ونهانا عن الكذب، أيكذب المؤمن؟ قال: لا. ونهانا عن الغيبة. والنميمة والبهتان ونهانا عن السب والقذف ونهانا عن أمور كثيرة تتعلق باللسان. إلا أنه بالنهي عن اللغو أيضاً أمرنا بألا نخوض فيما لا يعنينا، فمن
حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.