شرح الأربعين النووية | حلقة 27 | حديث | 35 - 36 | أ.د علي جمعة | English Subtitle

شرح الأربعين النووية | حلقة 27 | حديث | 35 - 36 | أ.د علي جمعة | English Subtitle - الأربعين النووية, حديث
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ للهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالَاهُ. مَعَ الْحَدِيثِ الْخَامِسِ وَالثَّلَاثِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا
تَدَابَرُوا وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ". وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه ولا يحقره. التقوى هاهنا - ويشير إلى صدره الشريف ثلاث مرات - بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه. رواه مسلم. لا تحاسدوا فالحسد مذموم، والحسد حقيقته تمني الآخر فهو نوع من أنواع الحقد غير المبرر ولا
تناجشوا وكان بيع النجش عندهم في الجاهلية ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجش ولا تبغضوا يعني لا تتسببوا في البغض والقطيعة بين الناس خاصة إذا كانت أرحاماً ولا تدابروا يعني لا يعطي كل واحد منا ظهره لأخيه بمعنى وعدم التكاتف وعدم التشارك وعدم الود ووجود الخصام، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا. فالقصد من هذا الحديث إنشاء المجتمع المسلم المتراص
المتكاتف، فالمسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضًا، والمسلم أخو المسلم. وهذه القوة تحتم عليه ألا يظلمه ولا يخذله، فلتكن هناك نجدة، ولا يكذبه، أي... لا يتأخر في الوفاء بالعهود ولا يحقره فإن هذا التحقير من شأنه الفرقة. التقوى هي هنا - ويشير إلى صدري ثلاث مرات -. التقوى ليست أعمالاً ظاهرة بقدر ما هي شيء يستقر في القلب، وهي علاقة بين العبد وبين ربه. فالتقوى هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد وكلها من أعمال القلب بحسب،
يعني يكفي المرءَ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. فتحقير المسلم أمر في غاية الخطورة، وهو من جنس الشر الذي نهى عنه رسول الله. كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه، كل ذلك لا، أبداً لا يجوز أبداً الغيبة والنميمة والوقيعة بين الناس. الحديث السادس والثلاثون عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر، يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر
مسلماً، ستره الله في الدنيا والآخرة". واللهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أخيهِ، ومَنْ سَلَكَ طريقاً يَلْتَمِسُ فيهِ عِلْماً سَهَّلَ اللهُ لهُ بهِ طريقاً إلى الجَنَّةِ، وما اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بَيْتٍ مِنْ بُيوتِ اللهِ يَتْلونَ كِتابَ اللهِ ويَتَدارَسونَهُ بَيْنَهُمْ إلا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكينَةُ وغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وحَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ وذَكَرَهُمُ اللهُ فيمَنْ عِنْدَهُ، ومَنْ بطأ به عمله لم يسرع به نسبه، رواه مسلم بهذه الألفاظ. حديث عظيم جميل هو الذي بنى ثقافة المسلمين عبر القرون وبنى عقليتهم وحثهم
على فعل الخير وعلى إنشاء المجتمع المتكاتف المتراص وعلى الشعور بهم الآخرين. من نفس كربة عن مؤمن من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب. يوم القيامة كلام في منتهى الرحمة وفي منتهى رقة القلب، وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا علمنا ديننا. من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا - والكربة هي الشدة والضيق - والمؤمن في غاية الأسى والأسف، فإذا به يأتي من
يلمسه لمساً حانياً وينفس عنه كربته نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر - والتيسير على المعسر إما بتأجيل دينه وإما بالتنازل عن ذلك الدين - ولذلك هذه واحدة مما يكون فيه المندوب أحسن من الفرض. أفضل دائماً من المندوب، ولكن ما الواجب بيني وبين المعسر؟ "وإن كانت ذو عسرة لكنني سوف أتنازل عن ديني، هذه نافلة، لكنها نافلة أفضل من الفرض. يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة. إذا نحن ننسى هذا المعنى، فالناس
بدأت تحسب حياتها بالورقة والقلم ونسيت كيف تتعامل مع الله سبحانه وتعالى. ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، وهذا نساه كثير جداً من... الناس أن من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، ستراهم إذا عرفوا ذنباً وقع فيه أخوهم المسلم أو أختهم المسلمة أذاعوا به، وهذا أمر من أمور الجاهلية لا علاقة له بالإسلام. وحينئذ يتعجبون كيف لا نشيع هذا الأمر المنكر حتى يحذره الناس، وهو كذب، خوَّله لم يعلم أن ستر. المسلم في الدنيا فيه ستر له هو نفسه، وكل ابن آدم خطّاء، وخير الخطائين
التوابون في الدنيا والآخرة، وإن من فعل هذا من فضيحة المسلم وإذاعة الذنوب فإنه يريد أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقاً يلتمس فيه. علماً سهّل الله له طريقاً إلى الجنة. هذا الكلام لم يقله أي حكيم ولا نبي ولا أديب ولا شاعر عبر التاريخ أن طريق العلم نهايته الجنة، وأن من سعى لشراء كتاب أو لحضور مؤتمر أو لعمل بحث علمي أو لنشره بكل وسيلة فإنه يكون قد سلك طريق الجنة مع الفكر. لا بد من الذكر، ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله
يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه. حررنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من التفاخر بالآباء والأجداد والقبائل والأحساب. والأنساب وجعل الإنسان مع عمله والسلام عليكم ورحمة
الله وبركاته
    شرح الأربعين النووية | حلقة 27 | حديث | 35 - 36 | أ.د علي جمعة | English Subtitle | نور الدين والدنيا