شرح الأربعين النووية | حلقة 29 | حديث 40 -41 - 42 | أ.د علي جمعة | English Subtitle

شرح الأربعين النووية | حلقة 29 | حديث 40 -41 - 42 | أ.د علي جمعة | English Subtitle - الأربعين النووية, حديث
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع الحديث الأربعين من الأحاديث الأربعين النووية، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه، أخذ رسول الله صلى
الله عليه وسلم بمنكبي فقال: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل". وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك. رواه البخاري. هذا حديث عظيم، كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر السبيل، ولذلك لو أن الإنسان تملكه هذا الشعور لم يرتكب معصية قط، ولو أن هذا الشعور تملك. الإنسان لم يكنز الكنوز ولم يتعلق بالدنيا ولم يخف أحداً من الناس ولم يسعَ لإرضائه
على حساب الشريعة. البراءة لو أن هذا الشعور تملَّك الإنسان لوصل إلى مرحلة التقوى وإلى مرحلة المصداقية والصدق وإلى مرحلة الشفافية والوضوح مع النفس ومع الناس. كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل وهناك. من الأقوال ما يؤكد هذا المعنى، فمنها مثلاً: "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً". فهذا فهمه بعض الناس فهماً مختلفاً، "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً" فيذهب لبناء العقارات وتأسيس
الأسس وكأنه سيعيش أبداً، والأمر ليس كذلك، بل الأمر فيه عدم التكالب على الدنيا بأنك ستعيش أبداً. فما فاتك من فرصة في الدنيا في هذا اليوم فإنك ستحصل عليها غدًا أو بعد غد أو في العام المقبل، لأنك سوف تعيش أبدًا، ولذلك فعليك ألا تتكالب على الدنيا، وألا تعتقد كأنك سوف تموت غدًا، ولذلك تريد أن تحصل منها ما تستطيع. أما الآخرة فاعمل لها كأنك تموت غدًا حديث يأمر أن نكون في الدنيا كالغرباء أو كعابر السبيل. سيدنا ابن عمر ينصح من أجل تملك
هذا الشعور قائلاً له: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء". وهذا هو ما كان عليه حال سيدنا عمر بن الخطاب حيث كان يحاسب نفسه بالأنفاس، فلا يأخذ نفساً ويأمل يخرج ولا يخرج نفس ويأمل أن يخرج، ولذلك فهو في حالة دائمة من التعلق بالله رب العالمين. والنصيحة الثانية أن تأخذ من صحتك لمرضك. كثير من الناس يؤجل الأعمال الصالحة حتى يكبر في السن، ولكنه عندما يكبر لا يستطيع أن يفعل شيئاً لأن جسده لم يعد قادراً على ذلك. من الناس من يؤجل فعل الخير وهو غني، فإذا ما ضُيِّق عليه رزقه
فإنه لا يستطيع أن يفعل ما كان يود أن يفعله. الحديث الحادي والأربعون: عن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به. حديث صحيح رُوي في كتاب السنة لأبي بكر بن عاصم، وكذلك رواه الحافظ السلفي في معجم السفر، وعزاه الحافظ ابن حجر إلى الحسن بن سفيان، ورجاله رجال ثقات. صححه النووي أيضًا فقال:
رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه". تبعاً لما جئتَ به فلا بد أن تذوب حباً في رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تصبح رغباتك هي السنة المشرفة وتصبح اتجاهاتك هي أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الإخلاص. والقرآن كما بدأ بالفاتحة والتي فيها التجاء إلى الله، انتهى في موضوعه بسورة الإخلاص. ثم بعد ذلك جاءت صورة المعوذتين كالدعاء لله
أن يستجيب منا هذا الالتجاء إلى هذا الإخلاص، فبدأ بالالتجاء وانتهى بالإخلاص، ثم أكد ذلك بذلك الدعاء. وعندما ذهب إلى ذلك ابن مسعود ظن الناس أنه ينكر قرآنية المعوذتين، والأمر ليس كذلك، فقد نص ابن مسعود أنه من القرآن ولكنه يتكلم. عن موضوع القرآن وأن آخره هو الإخلاص في سورة الإخلاص أما المعوذتان وهما من القرآن فهما كالدعاء لله رب العالمين أن يحفظنا وأن نستمر فيما أخذناه وتعلمناه من الكتاب الكريم مع الحديث الثاني والأربعين عن أنس رضي الله عنه قال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي. يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك. يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة. رواه الترمذي وقال حديث. حَسَنٌ، وهذا الحديث يُبَيِّنُ سَعَةَ مَغْفِرَةِ اللهِ سبحانه وتعالى، وأنه سبحانه وتعالى في غاية الرحمة وفي غاية السَّعَةِ في هذه الرحمة. هذا آخر حديث أورده
الإمام النووي في الأربعين، وبه نختم رواية هذا الكتاب الجليل. وختمناه في رمضان من سنة ألف وأربع مائة وثلاثين من الهجرة النبوية الشريفة في اليوم. التاسع والعشرين من رمضان في اللقاء الثاني نتلو عليكم سندنا بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ونروي لكم المسلسل بالأولية ونذكر لكم سندنا في فقه الإمام الشافعي مروراً بكتب الإمام النووي والإمام زكريا الأنصاري رضي الله
تعالى عن الجميع. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.