شرح الأربعين النووية | حلقة 5 | حديث 4 | د. علي جمعة | English Subtitle

شرح الأربعين النووية | حلقة 5 | حديث 4 | د. علي جمعة | English Subtitle - الأربعين النووية, حديث
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، مع الأحاديث النبوية الشريفة في هذا المجلس الحديثي المبارك مع الإمام النووي في أربعينه في الحديث الرابع، حيث يقول وهو يتكلم، هذا الحديث عن مراحل خلق الإنسان
وتقدير رزقه وأجله وعمله عن أبي عبد. عن عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه وأرضاه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو الصادق المصدوق: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بكتابة رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد. فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل
أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها. رواه البخاري ومسلم. هذا حديث عظيم وهو الحديث الرابع الذي يرى الإمام النووي أنه من الأحاديث الأصول التي بُنِيَ عليها الإسلام فيه نوع من أنواع معرفة الحقائق الربانية الإلهية وموقف الإنسان من الحياة وعلاقة الإنسان بربه وبدء الخلق كما أن فيه أيضاً أحكاماً شرعية استنبطها
الفقهاء. إن أحدكم يُجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، هذه هي الأربعون الأولى، ثم يكون علقة مثل ذلك، هذه هي الأربعون الثانية، يكون مضغة مثل ذلك، هذه هي الأربعين الثالثة. فوصلنا حتى الآن إلى مائة وعشرين يوماً، يعني أربعة أشهر. وعندما يتم الجنين هذه الأيام، ثم يُرسَل الملك فينفخ فيه الروح. إذاً، فهذه الأيام المائة والعشرون لم تُنفخ فيه الروح بعد، ولكننا نرى
بأعيننا وبالآلات في الخبرة القديمة والخبرة الحديثة الطبية أن نموًا وأن هذه النبوءة معها حركة حتى أن الطبيب يستطيع أن يرى هذه الحركة ويرى هذا النمو، فكيف لم تُنفخ الروح بعد؟ هذا الكلام لم يُكتشف قريبًا ولم يُكتشف حديثًا، هذا الكلام معروف منذ آلاف الآلاف من السنين، منذ ما خلق الله آدم وشعرت حواء بالحركة كما أنها ترى وبدون النمو كما أنّ المرأة عندما تُسقط جنينها فإنها قد تُسقطه وهو
في الأربعين الأولى أو تُسقطه علقةً أو تُسقطه مضغةً أو تُسقطه بعدما اكتمل وأصبح له شيء من الخلق أو تُسقطه وقد نبتَ العظم، ولذلك عرفت البشرية من هذه الإسقاطات المختلفة في الأزمنة المختلفة مراحل تكوين الجنين. ولكن الغيب الذي في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الروح تُنفخ بعد مائة وعشرين يوماً، ولذلك نرى بعض الفقهاء لم يرتبوا على الإجهاض عند الحاجة إليه، وليس مطلقاً، عند الحاجة إليه لم يروا أي ضرر لأنه لم تُنفخ الروح بعد، فهناك
فتوى عند الحنفية وعند يرى الشافعية جواز الإجهاض عند الحاجة إليه، وكلمة "عند الحاجة" تختلف عن قولنا "عند الضرورة"، فإنه عند الضرورة فهذا إجماع، ولكن عند الحاجة فلا بد علينا أن ننظر إلى المائة والعشرين يوماً الأولى التي قد نحتاج فيها إلى التخلص من الجنين، إما لمصلحة الجنين، وإما لمصلحة الأم، وإما لأوضاع أخرى. تكتنف هذا الأمر وهي كثيرة جداً يضيق الوقت عن ذكرها، إنما العلماء أخذوا من هذا الحديث هذا المعنى، ويُؤمر بأربع كلمات عند النفخ، وبعد أربعة
أشهر (مائة وعشرين يوماً) تكون هناك أربع كلمات أساسية، يُكتب رزقه، وهذا أمر لا تعلمه الآلات ولن يعلمه البشر، أغني هو أم فقير، أم أنه فقيراً فيغتني أو يكون غنياً فيفتقر، رزقه حلال أو حرام، لأن الرزق يُطلق على الحلال والحرام فيما وصل إلى الإنسان. هذا الذي أدخل على نفسه الحرام فهو رزق، لكنه رزق حرام يمنع من استجابة الدعاء، لكنه رزق في النهاية لأن الله ساقه إليه ولكن عن طريق المعصية التي سيُؤاخذ عليها. يوم القيامة يُكتب
رزقه، هذه الأولى، وأجله، وهذا يبين أن الرزق والأجل بيد الله، ومن هنا فإن الإنسان يجب ألا يخاف من أحد سوى الله، ولا يطلب ويلح في الطلب إلا من الله. أجمِل في الطلب لأن الرزق بيد الله، وهو كالأجل لا يزيد ولا ينقص، لا يتقدم ولا يتأخر. ولذلك فإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. إذاً، فكتابة الرزق وكتابة الأجل تحرر الإنسان وتجعله أيضاً متوكلاً على الله، وتجعله يفهم حقائق
العلاقة بين الإنسان وبين ربه وعمله. أي أن الهداية هي العمل؛ فهناك من يزيد في العمل فيزيد الإيمان، وهناك من ينقص عمله، وهناك من يتوسط بين ولذلك فأيضًا أن الله سبحانه وتعالى خلقكم وما تعملون، فالعمل هذا مخلوق لله سبحانه وتعالى، فالتوفيق بيد الله، والهداية بيد الله، وشقي أو سعيد يعني الخاتمة، ونسأل الله حسن الخاتمة لأن الخاتمة مهمة، ولا بد علينا من أن نهتم بالدعاء لحسن خاتمتنا. فسر رسول الله صلى الله عليه
وسلم هذه. الرابعة فهذا حديث يجمع الرزق والأجل والعمل وأيضاً النهاية والخاتمة، فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة - هذا معنى الشقي والسعيد - حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، والعكس وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها. ومن هنا يجب علينا ألا نغتر بأنفسنا ولا بأعمالنا، ثانياً ألا نحتقر الناس فنقول: هذا أنا أفضل منه لأنني على طاعة وهو على معصية. اسأل الله السلامة
وتواضع لله يرفعك. وإلى لقاء آخر، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.