شرح الأربعين النووية | حلقة 6 | حديث 5 | د. علي جمعة | English Subtitle

شرح الأربعين النووية | حلقة 6 | حديث 5 | د. علي جمعة | English Subtitle - الأربعين النووية, حديث, سيدنا محمد
زكريا برهان رسول الله وآله وصحبه ومن والاها، مع الحديث الخامس من الأحاديث النبوية الشريفة التي ذكرها الإمام النووي في كتابه الأربعين النووية. عدّه الإمام النووي أنه
أصل من الأصول التي يُبنى عليها العقل المسلم، عقل الفقيه، عقل العالم، عقل المسلم. فيه إنكار للزيادة في الدين وللبدع المذمومة، وفيه تحرير. أيضاً بدقة لمعنى البدعة، ولذلك كان من الأحاديث المهمة ورأينا المسلمين ينقسمون على أنفسهم لعدم تحريرهم معنى البدعة، وكل فريق يتمسك بمذهبه ورؤيته، ثم يحدث بعد ذلك فتنًا في التفريق بين الأمة. عن أم المؤمنين أم عبد الله عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.
رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد". هذا الحديث ترويه أم عبد الله عائشة رضي الله تعالى عنها، وعائشة رضي الله تعالى عنها هي أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم بنت... سيدنا أبو بكر وعائشة لم تُنجب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً، ولكن بالرغم من ذلك لها كنية، فكانت العرب تجعل للإنسان كنية حتى لو لم يكن له ولد، فتسمَّت بأم عبد الله يعني تكنَّت بأم عبد الله بالرغم من أنه ليس لها ولد اسمه عبد
الله ولم تنجب. هي أصلاً ولكن بالرغم من ذلك فإن العرب كانت تعتبر الكنية نوعاً من أنواع الاحترام والتبجيل، ولذلك تجعل لكل شخص كنية حتى لو لم تكن هذه الكنية لها علاقة بقضية الولد. فكانوا يسمون عبد الرحمن بن صخر أبا هريرة، نقول له: يا أبا هريرة، وذلك لقصة مع هريرة صغيرة. قطة صغيرة كان يربيها، لكن أبو هريرة كنية. أبو بكر نفسه كان اسمه عتيق ولكن كنيته أبو بكر. كانت الكنية تمثل قيمة عند العرب، ولذلك تسمت أو تكنت عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها أم المؤمنين بأم عبد
الله. والحديث: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو..." ردَّ أفصح العرب، سيد الخلق، يقول ما ليس منه، ولم يقل: "من أحدث في أمرنا شيئاً فهو رد". ولذلك، فكون هذا الدين قد تجاوز الزمان والمكان، فلا بد أن يكون هناك أشياء لتحقيق المقاصد الشرعية والمصالح المرعية تُستجد مع الأزمان، لكن لا بد أيضاً أن تكون من هذا الدين على. نمط هذا الدين على قواعد هذا الدين هذا هو المنهج النبوي، فمن جاء وأراد تجميد الدين وأراد أن يقف الدين عند عصر رسول
الله صلى الله عليه وسلم ولا يتعداه فقد خالف مراد الله وخالف مراد رسوله صلى الله عليه وسلم وعكس القضية. رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد. للإسلام أن ينتشر وأن يعم وأن يقوم في العالمين وأن يحدث فيه ما هو منه، وعبّر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسنة الحسنة فقال: "من سنّ سنةً حسنةً فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم الدين، ومن سنّ سنةً سيئةً فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى". يَوْمُ الدِّينِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤَكِّدُ هَذَا الْمَعْنَى فَيَقُولُ: "فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ". رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْعَلُ الْإِسْلَامَ نَسَقًا مَفْتُوحًا، وَيُرِيدُهُ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَكُونَ نَسَقًا مُغْلَقًا عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى لَا يُؤْمِنَ أَحَدٌ مِنَ الْبَشَرِ. رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم يترك العبادة في علاقة واضحة بين الحق والخلق، ولكن بعض الناس يكون حجاباً بين الخلق والحق سبحانه وتعالى، فيصدون عن سبيل الله بغير علم. هذا الحديث يبين لنا معنى البدعة، أن البدعة هي الحادث المخالف لما عليه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وما عليه أمر. الصحابة من بعده وما عليه أمر أصول الشريعة، ولذلك إذا ما حدث حادث من الشريعة وعلى نمط الشريعة كان سنةً حسنةً، وأخذنا
به ودلّ ذلك على مرونة الشرع ومرونة الإسلام، سواء كان ذلك في مقام الأشياء أو في مقام الأحداث أو في مقام الأعمال أو في أي مقام كان، المهم. أن يكون من أمر الشريعة مبنياً على أمر الشريعة، ومن هنا أجاز جماهير فقهاء الأمة من السلف والخلف القياس، فألحقوا الفرع بالأصل حتى لا يخرج حكم الفرع عن الشريعة، ولذلك ألحقنا الأشباه بأشباهها والنظائر بنظائرها، وقسنا الأمور بعضها على بعض، أي ساوينا الفرع بالأصل في علة الحكم وفي الحكم. في حكم هذا الأصل هذا هو الذي ينصح به عمر عندما يرسل رسالته الشهيرة التي شرحها الإمام
ابن القيم في كتابه الماتع "إعلام الموقعين عن رب العالمين"، رسالة عمر لأبي موسى الأشعري في القضاء: "فانظر وضمّ الأشباه إلى أشباهها والنظائر إلى نظائرها". البدعة النبي صلى الله عليه وسلم. وَسَلَّمَ عَلَّمَنَا فِي مَنْهَجِهِ كَيْفَ أَنَّ الْإِنْسَانَ الْمُسْلِمَ لَهُ أَنْ يَذْكُرَ وَأَنْ يَدْعُوَ وَأَنْ يَعْبُدَ مَا دَامَ مِنْ نَمَطِ الشَّرِيعَةِ وَإِنْ لَمْ يُعَلِّمْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُقِرَّهُ، فَفِي مَرَّةٍ شَخْصٌ عِنْدَمَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ ذَكَرَ فَقَالَ: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا طَاهِرًا مُبَارَكًا فِيهِ مِلْءَ السماوات والأرض وملء ما شئت من شيء،
فالنبي بعد ما انتهى من الصلاة قال: "مَن الذي قال عندما رفع من الركوع ما قال؟" فخاف الرجل وظن أنه قد فعل شيئاً سيئاً، فقال: "مَن الذي قال؟ فإنه لم يقل إلا خيراً". قال: "أنا يا رسول الله". قال: "ماذا قلت؟" فعلّمه ما قاله. ماذا قال رسول الله؟ فقال رسول الله وهو يعلّمه: "رأيت بضعاً وثلاثين ملكاً يبتدرونها، أيّهم يصعد بها إلى السماء". الملائكة تعرف الحقيقة، وأن هذا الرجل الذي أتى بقول لم يعلّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شيئاً، أرادت أن تصعد به إلى السماء لما رأته كلاماً طيباً. كذلك يا بلال سمعت خشخشة
نعليك قبلي في الجنة، فبم هذا؟ قال: لا أعرف يا رسول الله، إلا أنني كلما توضأت صليت ركعتين. كلما يتوضأ الإنسان يصلي ركعتين. لم يعلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد، ولكن بلال جمعها. الوضوء من الشريعة، والصلاة من الشريعة، والربط بينهما لا بأس به. به ليس هناك ما ينهى عنه من الشريعة ولذلك ليس ببدعة، رسول الله يعلمنا. ولذلك لما دخل الشافعي مصر فوجد الناس يكبرون بما يكبرون به الآن قال: "فإن كبر بما يكبر به الناس الآن فحسن"، لماذا؟ لأنه يفهم الشريعة. فالسلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن الأئمة المتبوعين فهموا معنى البدعة. ولذلك فإنَّ الاحتفال بالمولد النبوي وبليلة القدر وبالنصف من شعبان وبالمواسم
الإسلامية من الهجرة ومن تحويل القبلة ومن الإسراء والمعراج ونحو ذلك ليس بالبدعة؛ لأننا أصبحنا في عصر نحتاج فيه إلى إثبات الهوية الإسلامية، لأننا في عصر نحتاج فيه إلى أن نتذاكر وأن نطبق قوله تعالى: "فذكرهم بأيام الله" مثلاً، والأمر... كبيرٌ وكثيرٌ ولكننا يجب أن نفهم معنى البدء إلى لقاء آخر. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.