شرح الأربعين النووية | حلقة 7 | حديث 6 | أ.د علي جمعة | English Subtitle

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ الحمدُ للهِ والصَّلاةُ والسَّلامُ على سيِّدنا رسولِ اللهِ وآلِهِ وصحبِهِ ومَن والاهُ. معَ الحديثِ السَّادسِ مِنَ الأحاديثِ الأربعينَ النَّوويَّةِ عن أبي عبدِ اللهِ النُّعمانِ بنِ بشيرٍ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: "إنَّ
الحلالَ بيِّنٌ وإنَّ الحرامَ بيِّنٌ وبينَهُما مُشتبهاتٌ". لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله تعالى محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد. الجسد كله ألا وهي القلب، رواه البخاري ومسلم، حديث صحيح متفق عليه. فكل ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما يسمى متفق عليه. هذا الحديث من
أركان الإسلام ومن أركان العقل المسلم، سواء كان فقيهاً وعالماً أو مفكراً، وسواء أيضاً كان عامياً ويسير في طريق الله. إن الحلال بيِّن وإن الحرام. بين الحلال البين كالصلاة والصيام والزكاة والصدق والرحمة حلال بين، والحرام البين كالمعاصي كالربا والزنا والفاحشة والسب والقذف وشهادة الزور ونحوها متفق على ذلك بين الناس جميعاً وبين المسلمين جميعاً، وبينهما مشتبهات، والاشتباه
قد يكون في نطاق التكليف وقد لا يكون في نطاق التكليف، فهناك الشبه الثلاثة: شبهة الفاعل وشبهة... المحل وشبهة المذهب شبهة الفاعل هي كالحادثة قضاءً وقدراً، يعني أن الفاعل لا يعلم، بل يظن أن هذا الطعام حلال وهذا السائل ماء، فشرب، فاتضح أن هذا الطعام حرام وأنه ميتة أو خنزير، واتضح بعد ذلك أن هذا السائل ليس ماءً وإنما هو خمر، فلا إثم عليه لأنه
تناوله [دون هذا الأكل كان يعتقد اعتقاداً جازماً بأنه حلال ثم تبيّن خطأ اعتقاده، أو أن هذا السائل هو ماء قراح ثم تبيّن وظهر أنه ليس كذلك، فلا إثم عليه. شبهة الفاعل منزوعة الإثم، ولذلك هو خطأ، هو وقع قضاءً وقدراً، يمكن أن نسميه حادثة بمعنى أنه بلا قصد ولا نية ولا أي شيء من هذا القبيل، فشبهة المحل تأتيني بطعام فأتردد فيه: هل هذه ذبيحة شرعية بذكاة شرعية أم أنها ميتة؟ تحيرت في هذا الأمر، فيجب الاحتياط.
واجب أتى به العوام من هذا الموقف، لأن الاحتياط في مقابلة شبهة المحل واجب. يرى هذا السائل ماءً أو أنه عصير. أو أنه خمر لا أعرف، فالاحتياط واجب، عليك أن تبتعد عن هذا المحل. يا ترى هذه الفتاة في هذه العمارة، أخبرتني أمي أنها أرضعت فيها فتاة، والعمارة هذه فيها عشر شقق، ولا أعرف أي فتاة هي من العشرة. يحرم أن أتزوج من هذه العمارة، لماذا؟ لأنني عندي شبهة تسمى... بشبهة المحل والاحتياط في شبهة
المحل واجب. الشبهة الثالثة تسمى بشبهة المذهب أو الطريق. الإمام الشافعي يقول إن لمس المرأة كلمسي لزوجتي ينقض الوضوء، ويقول أبو حنيفة إنه لا ينقض الوضوء. ولذلك رأيت إمامين كل منهما يستدل بالأدلة المعتبرة من الكتاب والسنة، ولكنهما اختلفا في الحكم هنا في هذا الاجتهاد. يكون الاحتياط مندوباً فالخروج من الخلاف مستحب وليس واجباً. إذن، فشبهة المحل الاحتياط فيها واجب، وشبهة المذهب الاحتياط فيها مستحب. فإذا لم أحتط ولمست المرأة وصليت
فصلاتي صحيحة، لأن هناك أدلة تدل على ذلك. وإذا كانت هناك امرأة أختي في الرضاع في مدينة القاهرة في غير المحصور، مدينة القاهرة أصبحت... الآن ستة عشر مليون، فيجوز لي أن أتزوج منها، في حين أنه لما كانت محصورة في عشرة كانت حراماً، لأنه يمكن أن أبتعد عن العشرة لأنها شبهة محل. لكن لما أصبحت في هذا المكان الكبير جداً أصبحت ليست حراماً، ويمكن لي أن أتزوج بها لأنها في غير محصور. إذاً فهناك مُشْتَبَهَات هَذَا الاشْتِبَاه اشْتِبَاه فِي المَحَلّ أَوْ اشْتِبَاه فِي المَذْهَب
قَدْ لَا يَعْلَمُهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاس، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَات اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَات وَقَعَ فِي الحَرَام، لِأَنَّ الإِنْسَانَ عِنْدَمَا يَتَجَرَّأُ عَلَى الشُّبُهَات فَإِنَّهُ يُقَارِبُ دَائِرَةَ الحَرَام مَرَّةً وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ هُنَاكَ شُبُهَات كَانَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَبْتَعِد. عنها ولم يبتعد سيقع ولا بد في شبهات هي في نطاق أنه من فعلها كشبهة المحل، يحرم عليه هذا. ولذلك فالفرق بينهما خطوة. فرسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تستبرئ لدينك ولعرضك، وأن لا تقع في هذه الشبهات حتى لا تكون قريباً من الحرام. وإلى
لقاء آخر، أستودعكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،