شرح الأربعين النووية | حلقة 9 | حديث 8 | أ.د علي جمعة | English Subtitle

شرح الأربعين النووية | حلقة 9 | حديث 8 | أ.د علي جمعة | English Subtitle - الأربعين النووية, حديث
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. في هذا المجلس الحديثي المبارك نقرأ الحديث الثامن من الأحاديث النبوية التي ذكرها الإمام النووي في أربعينه،
عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله تعالى. رواه البخاري ومسلم. في هذا الحديث الصحيح بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أموراً كثيرة، بيّن أولاً الجهاد. وأن الإسلام مع كل رحمته وبدئه بقوله بسم الله الرحمن الرحيم في القرآن الكريم والنبي صلى الله عليه وسلم
يقول: "الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"، بيَّن أيضاً ومع هذا أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف وفي كل خير. الإسلام دين رحمة. لكنه لا يقبل الضيم ولذلك أباح القتال في سبيل الله بشرط أن يكون في سبيل الله ونهانا مع ذلك عن الاستمرار في القتال من غير سبب ونهانا عن العدوان وعن الطغيان بل جعل ذلك كله من أجل أن نصد العدو وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل
ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم واضح من الآيات ومن دستور القتال في القرآن أنه من أجل صد العدوان ورفع الطغيان وأمرنا ربنا سبحانه وتعالى ألا نعتدي وبين لنا في حقائق واضحة أنه سبحانه لا يحب المعتدين، "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله". وهنا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أن أقاتل الناس". وفسر المفسرون "الناس" على أنهم مشركو العرب، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس في منتهى الرحمة في المدينة يبني أمته
ويعلمهم. يعلمهم صلاة الليل ويؤمهم بالصلوات الخمس كل يوم وليلة، وكل الناس تصلي، لا يقوم العلماء أو الكهنة بالصلاة عن الأمة، بل إن الأمة كلها يجب عليها أن تصلي، وهي ركن من أركان ذلك الدين. إذن فالمسلم ليس لديه وقت لأن يعتدي على الناس ولا أن يتتبعهم، ولكن فجأة أتى المشركون. لقتال المسلمين في المدينة للقضاء عليها، ومرت في بدر وانتصر المسلمون، فأتى المشركون في العام الذي بعده في أُحد ومرت، والنتيجة النهائية بالرغم من الهزيمة الظاهرة
أو الظاهرية أن المسلمين قد انتصروا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بتتبع المشركين، فتبعوهم حتى لحقوا بهم في حمراء الأسد وهي قريبة. من مكة فدخلوا مكة في رعب بعد أُحد، ثم بعد ذلك نرى الخندق في المدينة المنورة. إذًا فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يذهب إلى أُحد لقتاله ولا للعدوان عليه، وإنما هو يحافظ على الدفاع عن أمته. قتال مرة والثانية والثالثة كله فيه عدوان، وبدأ التخطيط في أن اليهود مع المشركين اليهود في خيبر والمشركين في مكة بالانقضاض شمالاً وجنوباً
على المدينة للقضاء عليها، وهنا كان لا بد من الدفاع عن النفس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُمرت أن أقاتل الناس هؤلاء المشركين حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"، وذلك لا علاقة ليس له علاقة بالإكراه في الدين بل له علاقة بصد العدوان وكف الأذى عن الناس، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوح في القرآن: "لكم دينكم ولي دين"، "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس وساءت مرتفقًا، فالأمر مُرحّل
إلى الآخرة والحساب عند الله سبحانه وتعالى، حيث ينبئنا بما كنا نعمل وبما كنا فيه نختلف. واضح في القرآن: "ما على الرسول إلا البلاغ"، واضح في القرآن: "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء"، واضح في القرآن: "وما أرسلناك عليهم حفيظًا"، واضح في... القرآن: {وما أنت عليهم بمصيطر} لم يجعل الله سبحانه وتعالى للنبي سلطاناً لا على قلوبهم ولا على رقابهم ولا على هدايتهم، وواضح في القرآن أيضاً أن النفاق ممنوع، فما دامت الهداية بيد الله وما دام النفاق ممنوعاً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعلم أن المنافقين في الدرك الأسفل. من النار لا ينشئ منافقين
بإكراههم للدخول في الإسلام دون أن تؤمن قلوبهم. إذا أُمرت أن أقاتل الناس من أجل الدفاع، وأنا أصمم على أن أبلغ دين الله وأن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فمهمة ذلك هي رفع الطاغوت حتى يشهد الناس أنه لا إله. إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة حتى تستقر الأمور دفاعاً عن النفس. وفي هذا الحديث "أُمِرْتُ أن أقاتل" ولم يقل "أُمِرْتُم أن تقاتلوا" أو "أُمِرْنا أن نقاتل"، بل "أُمِرْتُ أنا"،
فكأنها مسألة زمنية خاصة بعهد النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك للدفاع عن النفس ولصد الطغيان الذي سببه اليهود وسببه وسببته الاتفاقات بينهم وبين المشركين وسببه المشركون لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تنجو الأمة وقد نجت وانتشرت وعندما انتشرت إنما انتشرت بالعائلة، تزوج المسلمون من كل مكان فتحوه وبالعائلة أصبح الأبناء من المسلمين وأصبح بعد ذلك هؤلاء الأبناء يتزوجون مرة ثانية وأخذت العائلة في الانتشار. الحمد لله الذي جعلنا مسلمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اشتركوا في