صلح الحديبية جـ 2 | المبشرات | حـ 24 | أ.د علي جمعة

صلح الحديبية جـ 2 | المبشرات | حـ 24 | أ.د علي جمعة - السيرة, المبشرات
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. حلقة جديدة من حلقات برنامج المبشرات مع فضيلة الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية. أهلاً ومرحباً بك يا مولانا. أهلاً وسهلاً. مرحباً بكم. كنّا في الحلقة الماضية يا مولانا نتحدث عن صلح الحديبية، وفي عجالة تحدثنا عن بعض الدروس، وفضيلتكم أخبرتمونا أننا سنتحدث عن فك الكماشة من ناحية خيبر من الشمال في هذه الحلقة. هذه الحلقة إن شاء الله... نعم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول وآله وصحبه ومن والاه، من الطرائف اللطيفة أن الإنسان لا بد له وهو يقرأ السنة أن يقرأها بتحليل وتعلم، أي يبحث عن فقهها فيها. ولذلك نجد مثلاً شخصاً مثل الشيخ الغزالي يؤلف "فقه السيرة"، وشخصاً مثل فضيلة الأستاذ الدكتور محمد
سعيد رمضان البوطي يؤلف "فقه السيرة"، بمذاقات مختلفة على فكرة، ولكن فقه السيرة هذا مهم جداً في حياتنا وفي المبشرات التي ينبغي أن نتمتع بها وأن نعيش فيها من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم. بلغ رسول الله خبر أن كماشة عسكرية تريد القضاء على المدينة من الجنوب من مشركي مكة، ومن الشمال من يهود خيبر. اليهود بيننا. وبينهم طار منذ ساعة بني النقاع وبني النضير وبني لا أعرف ماذا وبني قريظة والخيانات التي ارتكبوها وصحيفة المدينة التي لم يلتزموا بها والجلاء الذي حدث والحكم القضائي الذي صدر
ضدهم بشيء من الإعدام للخيانة العظمى وقت الحرب وأشياء من هذا القبيل بعد غزوة الخندق والمشركون عندهم قلق شديد من مصالحهم من دينهم من أشياء كثيرة جداً وفي اضطراب عظيم لديهم، يريدون القضاء على هذه الدعوة في مهدها وينتهي الأمر. ليس غريباً على البشر أن يقتلوا الأنبياء، فقد قتلوا الأنبياء من قبل، وليس غريباً على البشر - أي فما آمن معه إلا قليل - ليس غريباً على البشر، ويقول رسول صلى الله عليه وسلم، ويأتي النبي يوم القيامة وليس معه أحد، أو يأتي النبي معه الرَّهْط، النبي معه الرهط، معه الاثنان، ومعه الثلاثة، ويأتي النبي وليس معه أحد. ليس غريباً على البشرية، وقد تكرر هذا كثيراً في البشرية، لكن في حق رسول الله المبشر، مبشر من
الأنبياء، ومبشر هو ما حدث وما يحدث إلى يوم الدين في حقه صلى الله عليه وسلم وهو سيد الخلق، أن الله قد تكفل بهذا العهد الأخير أن ينتشر، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في المبشرات القادمة: "ثم يلقي الإسلام بجرانه في الأرض، بجرانه في الأرض"، أي يستقر في الأرض استقراراً الشبكة، نعم، فالشبكة الخاصة بها تشمل الكرة الأرضية بأكملها. وقد كانت تنزل إلى أمريكا فتسمع الأذان، وتذهب إلى مالطا فتسمع الأذان. كما لو أنه يقول لك: أنت تؤذن في مالطا، لأن مالطا لم يكن فيها أذان. وتذهب إلى الهند فتسمع الأذان في الشوارع، وتذهب إلى اليابان فتسمع الأذان، وفي الصين الإسلام فعلاً ضرب بجرانه في الأرض، ليس كل الناس آمنت، وليس كل الناس أسلمت، ولكن
بالرغم من ذلك إلا أن الإسلام أصبح يُعلي كلمته في الأرض ما شاء الله، في الأرض كلها. ليس هناك مكان في المعمورة - ونحن معنا مائة وستة وتسعون دولة - إلا وقد دخله الإسلام ما الأرض ومغاربها في دولة صغيرة هكذا، جزيرة صغيرة اسمها هايتي. التقيت مرة بشخص من هايتي أسلم، فسألته: كم عدد المسلمين في هايتي؟ قال: أربعة في ذلك الوقت، وأشار بيده هكذا أن فيها أربعة. فسبحان الله، يعني في كل مكان تجد أن الإسلام قد أدخله ولو كان واحداً أو أربعة كما يقول صاحبنا الهيدي. عندما وصل هذا الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم وعرف أن هناك كماشة، نزل فحيّد المشركين. وبعد أن حيّد المشركين مباشرة، خرج من المدينة وأرسل إلى خيبر. وعندما أرسل إلى خيبر، أرسل إليهم للتفاوض أيضاً ولكن للتفاوض بشيء. من الطريقة المباشرة تعلمنا من صلح الحديبية طريقة غير مباشرة، وتعلمنا من خيبر الطريقة المباشرة. لماذا؟ لأن هؤلاء غير هؤلاء، فعقلية أهل خيبر غير عقلية أهل مكة. إن عقلية المكي تقدس البيت الحرام، وعقلية المكي يعز عليها كثيراً أن ترد شخصاً محرماً،
ويتأثر كثيراً في نفسه، لكن خيبر ليس فيها واحد صاحب مصلحة، وآخر مصاب في روحه بألم بسيط بأنه لا يُهزَم وأنه يمتلك ما يسمى بفن الحرب، وأنه محصّن بحصون وقلاع وأشياء من هذا القبيل، وهي أوهام تسمى الوهم اللذيذ، نعم الوهم اللذيذ. فهؤلاء الناس يريدون طريقة أخرى غير طريقة أن أذهب بالزي الخاص بالأمر. وبعد ذلك هو يمنعني، وفي داخله يشعر بالأسف لأنه منعني، لكنه غير قادر. حدث لهم ارتباك. هذه ظروف وعناصر أخرى غير عناصر خيبر، فأرسل لهم علياً. عندما أرسل علياً ليتفاوض معهم وما إلى ذلك، لم يتفهموا معه
وتكبروا عليه. وأنتم تظنوننا ماذا؟ أتظنوننا كصبية مكة؟ لا، نحن محاربون أشداء. في الحرب وفنانين في الأمر، وليس السنة التي مكّنهم الله فيها في اللسان، فاستوجب هذا. إذا كنت تريد أن تضربني، فأين ستضرب؟ سأظل أضرب في المدينة حتى تُدَكّ المدينة كما حدث في بدر والخندق وأُحُد. لا بد مما يُسمى بالدفاع. الآن أصبح الهجوم خير وسيلة للدفاع، مثلما يقفون. نعم، ولكن ما هي إلا مثل مفهوم الحرب الاستباقية تماماً، الآن هي فكرة التفاوض في عدم الوصول إلى حل، فالوصول إلى الحرب كحل هذه فكرة تختلف عن فكرة الحرب الاستباقية. فكرة الحرب الاستباقية
وراءها رائحة استعمارية، وأيضاً وراءها رائحة مصالح وطغيان وبغي. لكن الفكرة هذه فكرة حماية، فكرة تقليل الدماء، وليست فكرة... تكثير الدم لأنها فكرة مبنية على صد العدوان ورفع الطغيان وليست مبنية على التدمير من أجل الوقاية. نعم، جميل، هذه الاستباقية فيها شيء من التدمير من أجل الوقاية، هي قد تكون هنا قريبة الشبه، لكن ليست قريبة الشبه في أن هنا فيها شيء للمستقبل. هنا فيها شيء للمستقبل، إنما الأغراض ولذلك كان حديث "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" حديثًا ضخمًا جدًا يدخل في سبعين بابًا من أبواب الفقه كما يقول الإمام السيوطي. فذهبت
الجيوش إلى خيبر وفُتحت خيبر، وهنا انتهينا من بلاءٍ شديد، حيث أننا قد أنهينا الخطر الشمالي، والخطر الجنوبي بيننا وبينه معاهدة، بيننا وبينه معاهدة. ففائدة جميلة، وعندما فُتحت خيبر وُزِّعت أراضيها واستقر اليهود عليها، فيعلمنا كيفية التعامل مع هذه الأقوام، لا إبادتهم ولا ترحيلهم وهجرهم، وإنما الاتفاق معهم وسبي أبنائهم وأخذهم سبايا مثلاً، أصحيح هذا؟ أم نقلهم كما نقلهم نبوخذ نصّر حيث نقل ثلث الشعب للزراعة وثلث الشعب قُتلوا وثلث الشعب أُسروا؟ لا، لم هكذا لأنه
لم يكن جباراً في الأرض وإنما كان نبي الرحمة ولا يزال إلى يومنا هذا نبي الرحمة، ولأنه نبي الرحمة فالعالم يحتاج إلينا أن نُخرِجهم مما هم فيه من ضيقٍ وعَنَتٍ إلى سعة رحمة الله، كما قال ربعي بن خراش لكسرى عندما دخل إليه: "جئناكم لنخرجكم من ضيق الدنيا". إلى ساعة الآخرة، ومن عبادة العبادة إلى عبادة رب العبادة، إلى آخر ما هنالك. عندما جاء الأمر وفُتحت خيبر، وزال البلاء الشمالي أو الخطر الشمالي، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنه علَّمنا - أي قام بإجراء المفاوضات بحكمة بالغة -
وكتب أنه لا بد من حماية هوازن وحماية كذا وكذا الجماعة ثاروا واعتدوا على حلفاء النبي، حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم. طيب، سنخرج للفاصل يا مولانا ثم نعود. نعم، سنستكمل الحوار بعد فاصل. نعود إليكم فابقوا معنا. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. عدنا إليكم من الفاصل، الجزء الثاني من حلقة اليوم من برنامج المبشرات مع فضيلة الإمام علي جمعة مفتي الديار المصرية: وصلنا مع مولانا إلى الوصف بعد سيدنا رسول الله. مفاتح خيبر قريش، بعض قبائل قريش خانوا المعاهدة وقاتلوا حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم. تفضل يا مولانا. حينئذ استشعر أبو سفيان بحسه السياسي أن هذه مصيبة كبرى من جهتين: حلفاؤه في الشمال انهزموا، وفُتحت
خيبر. واستقرَّ المسلمون فيها ووُزِّعَت أراضيها وانتهى الأمر، وأصبح منفرداً أمام النبي صلى الله عليه وسلم الذي يزداد عدد أتباعه يوماً بعد يوم. ولذلك ذهب أبو سفيان إلى المدينة مسرعاً في مسعاه، حتى يحاول أن يسترضي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. رسول الله آمنت به وتزوجته أم حبيبة. بعد هجرتها إلى الحبشة، وكانت قد تزوجت عبيد الله بن جحش، وعبيد الله بن جحش لحق بالنصرانية وتنصر في الحبشة، تنصر في الحبشة لأنه يعني قال: هذا دين لا يزال ناشئاً وهذا دين كامل، فلنذهب إلى الكامل بدلاً من الناشئ، هذا دين لا
يزال في بداياته، وقدَّر الله عليه هذا عنه أم حبيبة، وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم. إذاً أبو سفيان حمى النبي صلى الله عليه وسلم صحيح، وابنته عنده أم المؤمنين بنت أبي سفيان. فذهب أول ما نزل إلى سيدنا عمر لكي يقول له: "الله يحفظك، نريد أن ندخل على النبي صلى الله عليه وسلم فانظر لنا." موعدٌ لأجلس وأتحدث بكلمتين أريد أن أقولهما، فقال له: "ما شأني بذلك، اذهب واجد لك حلاً". فدخل على أم حبيبة، على ابنته، فرفضت أن تتوسط عند النبي صلى الله عليه وسلم. يُقال إنها رفضت أن يجلس على فراش الرسول. ما هذه القصة؟ يبدو أنهم بدأوا يفهمون الذي... لم يكونوا يفهمونه وهم في الحديبية، وكانوا
يقولون: لماذا نقبل المذلة في ديننا؟ وهنا بدأ يتعامل مع الموقف تعاملاً مختلفاً. أنتم جئتم إلينا وانتهى الأمر، هذا ما نريده، كنا نقول في أنفسنا: يا رب أن ترتكبوا هذا الخطأ، نعم، لكي نأتي إليكم ولكي ننهي الأمر، نعم، ننتهي منه لأنه بهذا أنتم متعبون الدنيا وتثيرون القلق دون ضرورة وتسببون التشويش على العرب جميعهم بالرغم من أن هذا الرسول الكريم تجتمع العرب على مثله صلى الله عليه وسلم. فالمهم أنه لم ينجح في مهمته المدنية ورجع، نستطيع أن نقول خائباً من عدم التفاوض تفاوضاً جديداً يمد الأجل أو أنه...
يَعفو عن الخطأ أو شيء من هذا القبيل، ومن هنا جاء فتح مكة. أي أن فتح مكة هذه قصة كما قلنا في الحديبية وكما قلنا في خيبر، يحتاج إلى التأليف فيها كتب. صحيح ما الذي حدث في فتح مكة؟ حدثت آيات كثيرة أباحها الله للنبي صلى الله عليه وسلم. وبالرغم من ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستبح عليه الصلاة والسلام، إذاً يجب أن نفهم الفرق بين المباح والمتاح. المباح والمتاح مفهومان مختلفان، فليس كل شيء أباحه لنا الله يجب علينا أن نفعله،
نعم يجوز لنا فعله ولكن ليس بالضرورة أن نفعله. وقد يكون الله أباح بعض من أجل انطباع معين لا بد أن يكون عند البشر من أن هذا جائز أو هذا غير جائز أو هذا ينبغي أو هذا لا ينبغي وهكذا، فليس كل شيء أباحه لنا الله نجلس ونستغل أو نتعسف في استعمال الحق به. نظرية التعسف في استعمال الحق تأتي من هنا الفرق ما... بين المباح والمتاح، جميل. مباح لك أن تفعل هكذا، لكن ليس متاحاً لك أن تفعله بالرغم من أنه مباح. حسناً، مباح يعني أفعله؟ لا، يعني يجوز أن تفعله، لكن
أحياناً لا ينبغي، لا يصح، عيب أن تفعله. جميل، النبي صلى الله عليه وسلم، يعني هناك أناس يهجونه ويهجون الدعوة. ويهجو نساء المسلمين ويهجو ويدّعون الأكاذيب عليه وعلى الوحي وعلى غير ذلك إلى آخره، فيقول: "إن عبد الله بن أبي سرح اقتلوه ولو وجدتموه متعلقاً بأستار الكعبة". نعم، حسناً، ما الغرض من هذه الكلمة؟ بيان شدة جرم هذا الرجل وما فعله، وما فعله كان في شيء من الخساسة والنذالة وغيرها. خطب عبد الله بن خطل وعبد الله بن أبي صرح وعقبة بن أبي معيط وعقبة وبعضهم، وهم قلة يعني خمسة أو ستة تقريباً. دخل عثمان
بن عفان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ابن صرح، وذلك لماذا؟ ليتوب إلى الله، فسكت النبي وهو قائل. قال لهم لو تعلق بأستار الكعبة أنهم رأوه فليقتلوه، لكن هيبة النبي ومجلسه لم يفكر أحد أن يفعل ذلك، لم يفكر أحد أن يفعل ذلك. كما أن وجوده كان رحمة عليه الصلاة والسلام، فكيف وهو رحمة لهم كانوا ينتظرون جميعهم أن يعفو عنه، نعم بيني وبينك يعني نعم، فيسألهم النبي قال لهم: "ألم أقل لكم" بعد أن عفا عنهم، نعم بعد أن عفا عنهم، انتهى الأمر وعفا الله عن مسلم. قال لهم: "ألم أقل لكم عندما ترونه"، كأنه يلومهم، كأنه يختبرهم، كأنه يكشف عن ماهية الحالة التي حدثت لهم، فقالوا: "يا رسول الله". حسناً، لكن لو أنك أشرت بعينك هكذا
لتعطينا إشارة، فقط بعينك هكذا. عليه الصلاة والسلام، بعينك هكذا، كان سيجد ذلك مدركاً في دمه، يعني انتهى الأمر. عليه الصلاة والسلام قال: "ما كان لنبي أن يخون بعينيه". جميل! يا لها من طرفة عين، يعني هذا الرجل ما هذا؟ إنه حبيب. الرحمن هذا سيد الأكوان، هذا حبيب رب العالمين صلى الله عليه وسلم، هذا كان رجلاً عظيماً جداً عليه الصلاة والسلام، هذا سيد ولد آدم، عينه مع هذا الرجل الذي فيه هذا القدر من النذالة والخساسة التي فعلها يستحق معها أن يموت بدلاً من المرة مرات، وبالرغم من عليه الصلاة والسلام يقول ما كان لنبي أن يخون بعينيه، ويرفض أنه يفعل هكذا. يفعل
هكذا، يشير بعينه فقط هكذا، أو يشير لشخص هكذا يعني يقضي عليه، نعم يعني، أو هكذا يعني، أو أي شيء. يغمض ويفتح صحيح، يغمض ويفتح هكذا فقط، لا يصح، لا يصح مع هذا القلب. النقي الرحيم عليه الصلاة والسلام، بشريته موجودة لأننا نحن من حولك. لا، هذا النبي لم يكن لا يغضب، بل كان يغضب لكنه كان أكثر خلق الله تحكماً في غضبه، وكان لا يغضب إلا لله. لم يكن لا يحزن، بل كان يحزن، وعندما توفي ابنه إبراهيم دمعت عيناه وقال إن العين تدمع وإن القلب لا يحزن ولا نقول ما يغضب الله. ما كان يتأثر، بلى كان يتأثر، وعندما توفي سيدنا حمزة حزن كثيراً وأقسم أنه سيمثّل
بسبعين منهم، وبعد ذلك "ولئن صبرتم لهو خير للصابرين". قال: "صبرت يا رب" ورجع يعلمنا نحن، فالله تعالى يُجري على قلبه الشريف هذه المعاني من. الغضب من الحزن من الهم من أشياء مختلفة لأننا هكذا لدينا حب، يعني لدينا حزن، لدينا حب، لدينا كراهية، لدينا أشياء مختلفة، فنريد أن نرى ماذا نفعل. فهو الأسوة الحسنة الأتم لأنه صلى الله عليه وسلم كان هو الإنسان الكامل لكل الناس. يعني مثلاً افترض أن شخصاً ملك، نعم، هل يمكن لشخص فقير معدم أن يتخذ النبي قدوة وأسوة له؟ بالطبع، فقد كان النبي يضع الحجر على بطنه من شدة الجوع، وكان يخرج في
النهار متألماً من شدة الجوع. وفي إحدى المرات خرج فوجد أبا بكر وعمر، فسألهم: "ما الذي أخرجكما؟" فقالا: "أخرجنا الذي أخرجك يا رسول الله، شدة لكي يجدوا شيئاً يأكلونه عنده، فذبح لهم شاة وأكرمهم. إذاً رسول الله هو التاجر، أيعرف؟ نعم، كان رسول الله، وكان القائد العسكري، نعم كان قائد العسكر. وماذا عن المدرس؟ وماذا عن المفتي؟ وماذا عن القاضي؟ وماذا عن الأب؟ وماذا عن الزوج؟ وماذا عن الزوج؟ وماذا عن كذا؟ وماذا عن المسافر؟ الله كل أحد وفي كل حالة له أسوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك فإن فتح مكة وما حدث فيه كان من المبشرات، لأن هذا الفتح تواءم مع فتح
من الله على المسلمين بأن الإسلام بدأ في الانتشار والازدياد دون أي ما يعكر عليه وإلى يومنا هذا. نعم، جميل، وإلى يومنا هذا كان فتح مكة فتحاً مبيناً. نختم الحلقة لأن وقت البرنامج يمضي مع فضيلتكم سريعاً، ونستكمل في الحلقة القادمة إن شاء الله. إلى ذلك الحين نستودع الله دينكم وأماناتكم وخواتيم أعمالكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    صلح الحديبية جـ 2 | المبشرات | حـ 24 | أ.د علي جمعة | نور الدين والدنيا