طريقنا إلى الله | حـ 2 | الذكر | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نسير سويًا في طريقنا إلى الله سبحانه وتعالى فنرى فيه الذكر ونرى فيه الفكر. الذكر يؤكد عليه ربنا سبحانه وتعالى وعلى فضله وعلى أثره المشاهد والغيبي قال تعالى فاذكروني. أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون، ويغفل كثير من الناس عن الذكر. والذكر هو عبادة هذا العصر الذي نعيش فيه لأنه خفيف على اللسان ثقيل
في الميزان، ولأنه أكبر عند الله سبحانه وتعالى وأجدر عبادة يتعبد بها الإنسان ربه. إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وهي ركن من أركان الدين وهي حقيقة من حقائق الإسلام وكانت سبباً في انتشاره بين العالمين لإحداث الصلة بين العبد وربه، ولكن هو لا، ذكر الله أكبر، فذكر الله يشغل كل وقت المسلم، ألا بذكر الله تطمئن القلوب، وهذا مُشاهَد حتى أنه سبحانه وتعالى سمى القرآن ذكراً
"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" ومن على... العباد بهذه النعم والذاكرين الله كثيراً والذاكرات، فاذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون. هذا هو المجرب والمشاهد والمأمور به من عند الله سبحانه وتعالى في شأن الذكر. حقيقة بالطريق إلى الله أهمية الذكر، فهو مهم حتى جاء أحدهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأله ما الذي يستطيع أن يفعله يلخص الإسلام والدين ويحسن العلاقة بين العبد وربه بالقلب الخاشع،
فقال: "لا يزال لسانك رطباً بذكر الله". الذكر يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الكلمة البليغة: "كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم". علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذكر. ولما أراد المسلمون أن يجمعوا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ألّفوا الكتب وتتبعوا الأحاديث وسمّوا هذا المجموع عمل اليوم والليلة لأنهم وجدوا
رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالذكر في كل شيء، إذا دخلنا إلى المسجد فإننا نذكر الله سبحانه وتعالى وندعو: اللهم افتح لنا من أبواب. رحمتك وإذا خرجنا من المسجد نذكر الله ونقول: "اللهم افتح لنا من أبواب فضلك"، وكان إذا دخل الخلاء -يعني الحمامات لقضاء الحاجة، ولم يكن عند العرب حمامات- يقول: "أعوذ بالله من الخبث والخبائث"، وكان إذا خرج قال: "غفرانك"، كلمة واحدة، لكنه ربط
الذكر بالأكل، تقول: "بسم الله"، وإذا انتهيت. من الطعام الحمد لله، ربط الطعام والشراب واللباس. كان إذا لبس شيئاً جديداً يقول: "اللهم آتنا خيره وخير ما صنع له، وقنا شره وشر ما صنع له". وكان إذا خرج من البيت يقول: "بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله". وكان إذا دخل البيت قال: "السلام". السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حتى لو لم يكن في البيت أحد، فإنه يسلم على نفسه ويسلم على
الكائنات التي حولنا مما لا نراها، ويعلن للعالمين أنه في سلام، مع النفس، سلام مع الناس، سلام مع الله. كان الذكر إذا جلس مجلساً بدأ فيه بـ "بسم الله" حتى قال كل أمر ذي أهمية لا يُبدأ فيه بذكر الله فهو أبتر، وفي رواية "بالحمد لله"، وفي رواية "ببسم الله". إذًا هناك روايات كثيرة، لكنها كلها تندرج تحت ذكر الله سبحانه وتعالى. كان إذا انتهى من المجلس قرأ سورة العصر ذكرًا لله. إذًا أنواع الذكر كثيرة،
وقد يكون الذكر... هو الذكر المحض ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها، وقد يكون الذكر هو قراءة القرآن، وقد يكون الذكر هو الدعاء. إذاً تتنوع أنواع الذكر كثيراً، ويعلمنا إياها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. نبدأ بالذكر المحض، عندنا كلمات وردت عن سيدنا ووردت في القرآن الكريم تمثل هيكل الذكر يسميها العلماء. الباقيات الصالحات وكأن هذا العمل الصالح من الذكر الذي قال فيه رسول الله:
"لا يزال لسانك رطباً بذكر الله" صلى الله عليه وآله وسلم، يعلمنا: "سبحان الله، الحمد لله، لا إله إلا الله، أكبر، لا حول ولا قوة إلا بالله". نعلمها ولكن نريد أن نكثر منها والذاكرين الله كثيراً. واذكر الله كثيراً، وليس محض الذكر. هل تعجز وأنت تسير وحدك أو تركب سيارتك أو حتى تكون في وسط الناس ولا حاجة لك للكلام أن تسبح وتقول: سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله. ومن هنا كان الذكر أمراً
مهماً للغاية لأنه يرقق القلوب، لأنه يهيئ الإنسان للخشوع في الصلاة، لأنه... يمنع الإنسان من المعصية فذكر، فإن الذكرى تنفع المؤمنين. الإنسان خطّاء وخير الخطائين التوابون. فهذا الذكر قد يذكرك، ومن هنا سمي أيضاً ذكراً بالله، فلا تفعل المعصية. قد تغيب عن نفسك وتفعل المعصية، فيأتي بقية ما أسماه العلماء بالعشرة الطيبة، البقيات الصالحات، عبادة النحو: سبحان الله، الحمد لله، لا إله. لا إله إلا الله، أكبر، لا حول ولا قوة إلا بالله. بقية العشرة
الطيبة هي: استغفر الله، إنا لله وإنا إليه راجعون، حسبنا الله ونعم الوكيل، توكلت على الله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله. هل نستطيع أن نسير في طريق الله بهذا الذكر المحض، أن لا ننسى هذا وعسى أن ينقلنا الله سبحانه وتعالى من دائرة الغافلين إلى دائرة الذاكرين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وإلى لقاء آخر، أستودعكم الله، مع السلامة.