طريقنا إلى الله | حـ 7 | الأوراد | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. في طريقنا إلى الله سبحانه وتعالى رأينا أهمية الذكر، ووضع أهل الله كثيراً من البرامج التي يمكن أن تكون وِرداً متكرراً يومياً للإنسان حتى يحقق الذكر في حياته، الذكر بالذكر المحض أو الذكر بقراءة. القرآن أو الذكر بالدعاء أو الذكر بأسماء الله الحسنى أو الذكر بالعشرة الطيبة برامج مختلفة
اختلفت فيها المشارب واختلفت فيها الطرق حتى قالوا الطرائق على عدد أنفاس الخلائق. الطريق إلى الله واحد ومسافته واحدة وكأننا نقف حول دائرة والله في مركزها، فالطريق واحد ولكن تختلف المشارب وتختلف الموجات التي تُستقبل. هذه مشارب أهل الله، وضعوا برامج كثيرة منهم الإمام أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وقد انتقل إلى رحمة الله وعمره ثلاثة
وستون سنة كسني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مات وهو متوجه إلى الحج في صحراء عيذاب في جنوب مصر الشرقي، فدُفن في الصحراء. عيذاب وكان طريقًا للحج في مكان يُقال له حميثرا. تقع على البحر الأحمر يركب منها المسافر إلى جدة. وتقع جدة في الجنوب لأنها مواجهة لقرية تُسمى سواكن، وسواكن هذه تقع في السودان. أبو الحسن الشاذلي توفي في هذا المكان ودُفن هناك، وأصبحت حميثراء مزارًا للناس الآن، والجميع يعرف أين الحسن الشاذلي
كان هذا طريقاً للحج لكنه انقطع بعد ذلك مع تطور الطرق وتطور الزمان. ماذا وضع؟ قال ما يسمى بالأساس، ورأينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مهتماً بأن تكون الأذكار في الصباح والمساء عمل اليوم والليلة فتكرر، فوضع ما يسمى بالأساس، والأساس: استغفر الله والصلاة والسلام. على سيدنا رسول الله ولا إله إلا الله، هذه الثلاثة نقولها مائة. فنستغفر الله مائة، ونصلي على رسول الله مائة، ونقول لا إله إلا الله مائة في
الصباح. ينتهي مع الظهر ويبدأ المساء، يعني من الفجر إلى الظهر يسمى في اللغة العربية صباحاً، وابتداءً من الظهر يسمى مساءً وابتداءً. من المغرب ينتهي النهار وابتداءً من المغرب يبدأ الليل. إذاً فاليوم مقسّم بطريقتين: صباح ومساء، الصباح من الفجر إلى الظهر، والمساء من الظهر إلى الفجر. وأيضاً مقسّم إلى نهار وليل، النهار من الفجر إلى المغرب، والليل من المغرب إلى الفجر. فكان يكرر هذا الأساس، يكرره في الصباح
وفي المساء، وهذا بداية الطريق هذا الأساس سُمي أساساً لأنه تتفق عليه كثير جداً من الطرق: الاستغفار وأهمية الاستغفار، الصلاة على النبي وبركة الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأيضاً لا إله إلا الله، ولا إله إلا الله خير ما قلتُ وقال النبيون من قبلي. إذاً طريقنا مقيد بالكتاب والسنة وذكرنا. أيضاً كذلك من ناحية العدد، ما هذه المائة؟ نعم، العدد ورد عن رسول الله "إني أستغفر الله في اليوم مائة مرة". من قال "لا إله إلا الله" مائة
مرة كان له عِدل كذا وكذا. إذاً فالأعداد واردة. من قال في دُبر كل صلاة "سبحان الله" ثلاثاً وثلاثين و"الحمد لله" ثلاثاً. وثلاثين والله أكبر ثلاثاً وثلاثين ثم أتمم المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه ولو كان كأمواج البحر أو كزبد البحر إلى آخره، فالعدد وارد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. في حديث صفية عليها السلام زوج النبي صلى الله عليه وسلم، تركها تذكر في البداية وكانت تعد بالحصى بما يشبه مفهوم
السبحة التي نعد بها الآن. تعد بالحصى، فخرج النبي مبكراً وكانت السيدة صفية عليها السلام تذكر، وعاد فقال: "أما زلت تذكرين" بعد مدة. قالت: "نعم". فقال: "ألا أدلك على". كلمة لو قلتها لكان كمثل ما ذكرت، أي أنها مثلاً تقول سبحان الله، فقالت: نعم، قل لي هذه الكلمة التي ستساوي كلمة واحدة تعادل أربعة آلاف. إذاً فهناك أذكار تفضل أذكاراً، وصلوات تفضل صلوات، وهناك ثواب على المعاني إذا تدبرها الإنسان، فقال له: قولي سبحان الله زِنَة عرشه، العرش.
هذا شيء مخلوق يعني كبير جداً، أي زنة العرش، هذا شيء لو قالته هكذا فقط تكون بقدر تسبيح الخلائق إلى يوم الدين. سبحان الله زنة عرشه ورضا نفسه وعدد كلماته، عدد كلمات يعني لا حصر لعدد كلماته سبحانه وتعالى. إذاً فهذا هو المعنى الذي يكون في الذكر. يؤثر في ثواب الذكر، وهذا هو الذي جعل أئمة الطريق إلى الله سبحانه وتعالى يتحدثون أن هذه الصلاة تعادل كذا وتعادل كذا، إما من إشراقات رأوها بواردات أو رؤى
أو كشف، وإما بتدبر المعاني والمقارنات. لقد بذلوا جهداً كبيراً في رسم طريقنا إلى الله من الكتاب والسنة ومن التجربة الكونية. كل الذي ينكر شيئاً لا يعرفه ولا يعرف ما حوله ولا يعرف من أين أتى ولا يعرف ماذا سينتج عنه لا في الدنيا ولا في الآخرة. كل الذي ينكر بتفاهة وسطحية وليس بعمق العلم والمعرفة. هذا الأساس في الطريق إلى الله أيضاً أضافوا له مجموعة من الأدعية والأذكار. النبوية الشريفة التي وردت في السنة المشرفة
والذي جمع هذا هو الشيخ أحمد زروق المدفون بمصراته في البلاد الليبية وسُميت بالوظيفة الزروقية فأضافوها صباحًا ومساءً مع الأساس بعد ذلك أضافوا ما يُسمى بالمسبعات وهي قد ذكرها الإمام الغزالي أيضًا في الصباح وفي المساء بشروطها نتكلم في حلقة أخرى إن ما شاء الله على هذا المعنى، فإلى لقاء. أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله