طريقنا إلى الله | حـ1 | من معالم الطريق إلى الله | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. طريقنا إلى الله طريق مليء بالحب، مليء بالرحمة، مليء بالسكينة، مليء بالتوفيق. طريقنا إلى الله يجعل الإنسان إنساناً، ويجعله سعيداً في هذه الحياة
الدنيا، ويجعله سعيداً حينما يعود إلى ربه يوم القيامة. طريقنا إلى... الله نعيش معه ونرى معالمه وملامحه في الطريق إلى الله. الطريق إلى الله واحد مهما تعددت المشارب ومهما اختلفت الأداءات، فالطريق إلى الله شبهوه بأنه كنصف الدائرة، ونصف الدائرة متساوٍ من أي نقطة على محيطها. هكذا هو الطريق إلى الله، فقالوا إن الطريق إلى الله واحد ولو اختلفت
الأنفاس، وقالوا. إن الطريق إلى الله واحد والخلاف من جهلة المريدين، وقالوا إن الطرائق إلى الله كعدد أنفاس الخلائق. وكان البشر يقفون حول دائرة على محيطها، والله سبحانه وتعالى هو مقصود الكل وهو في مركز هذه الدائرة سبحانه وتعالى، فالطريق إليه واحد. طريقنا إلى الله مقيد بالكتاب والسنة. قالَ الإمامُ الجُنَيْد: "طريقُنا هذا مُقَيَّدٌ بالكتاب والسُّنَّة". ومعنى
هذا أننا في سَيْرِنا إلى الله سنرجعُ إلى كتابِهِ الذي هو كَوْنُهُ الأصغرُ أو كَوْنُهُ الأكبرُ على اختلافِ الاعتبار، ونرجعُ إلى الكَوْنِ الفسيحِ الذي هو كَوْنُهُ الأكبرُ أو كَوْنُهُ الأصغر، نرجعُ إلى كتابِ اللهِ المستورِ القرآنِ الكريمِ وإلى كتابِ اللهِ المنظور. الكون والوجود والتجربة مع الله التجربة الروحية التي يعيشها الإنسان مع ربه مقيدة بالكتاب ومقيدة ذلك كله بالسنة المشرفة التي هي التفسير المعصوم لكتاب
الله سبحانه وتعالى. فالنبي صلى الله عليه وسلم قد وضّح كيف نطبق ذلك النص في حياتنا، كيف نُفعِّل هذا الكتاب، فيصير من تمسك بالسنة كتاباً وقرآناً. يسير على الأرض في طريقنا إلى الله، فأول ملامح ومعالم هذا الطريق أنه تحت ظل الكتاب والسنة، لا يخرج عنها أبداً. وأيضاً هو في ظل الكتاب المسطور وفي ظل الكتاب المنظور، لأن الكون والقرآن، الكون من خلق الله، أما القرآن فمن
أمر الله. ﴿ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين، اقرأ باسم ربك الذي خلق، اقرأ وربك الأكرم الذي علّم بالقلم. يتحدث عن الخلق من ناحية، ويتحدث عن الوحي من ناحية أخرى. الرحمن علّم القرآن، خلق الإنسان. كتاب الله المنظور وهو من عالم الخلق، وكتاب الله المسطور وهو من عالم الأمر، كلاهما من الله، ولذلك نستفيد منهما ولا تناقض. بينهما فما أراده الله سنة كونية في هذا العالم يُستفاد منها في الطريق إلى الله، وما أراده الله أمرًا ونهيًا وتوجيهًا
وإرشادًا يُستفاد منه في طريقنا إلى الله. إذًا فالكتابان معًا هما مصدران للمعرفة الإنسانية في طريقنا إلى الله. الملمح الأول: الطريق إلى الله واحد. الملمح الثاني: طريقنا مقيد بالكتاب. والسنة الملمح الثالث كتاب الله المسطور وكتاب الله المنظور لا يختلفان لأنهما من عند الله، هذا من عالم الخلق وهذا من عالم الأمر. الملمح الرابع أن الخلافة
من جهلة المريدين فطريق الله واحد. الملمح الخامس أن الله سبحانه وتعالى مقصود الكل، كيف نسير في هذا الطريق الذي هذه ملامحه ومعالمه. سنسير سوياً كلمة سيرنا في هذا الطريق يكون بالذكر والفكر. قال تعالى: "الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا
عذاب النار". إذاً الذكر والفكر من ملامح الطريق إلى الله سبحانه وتعالى، يأتي القرآن فيؤكد هذا الذكر وينوعه. أنواعها ويبين آثارها ويأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعلمنا كيفيته ويجعل الإنسان مشتغلاً بربه بلسانه وقلبه بروحه وعقله بكيانه كله. فهناك ذكر للسان وهناك ذكر للقلب، فقد يذكر الإنسان
بلسانه وحده أو يذكر الإنسان بقلبه وحده أو يذكر الإنسان بهما باللسان والجنان، ولكن الذكر من أركان هذا الطريق تعالى: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ هيا معًا في رحلة طويلة نسير في طريقنا إلى الله معًا. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.