طريقنا إلى الله | حـ6 | أسماء الله الحسنى | أ.د. علي جمعة

طريقنا إلى الله | حـ6 | أسماء الله الحسنى | أ.د. علي جمعة - تصوف, طريقنا إلى الله
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع طريقنا إلى الله، وفي هذا الطريق عرفنا أنه مقيد بالكتاب والسنة، وأنه مبني على الذكر والفكر. أما الذكر فتكلمنا فيه عن العشرة الطيبة وهي الذكر المحض، والذكر أيضاً يكون بأسماء الله الحسنى، والله. سبحانه وتعالى وصف نفسه بأسمائه العُلى في كتابه بأكثر من مائة وخمسين اسماً، ورسولنا الكريم وصف ربنا سبحانه وتعالى
بأكثر من مائة وستين اسماً، ولو جمعنا الاثنين نجد أن أسماء الله الحسنى في الكتاب والسنة وصلت إلى نحو مائتين وعشرين اسماً، مائتين وعشرين اسماً. كانت العرب إذا أحبت شيئاً أو... خافه الناس فأكثر من أسمائه، فخاطبهم الله سبحانه وتعالى على قدر ثقافتهم وعقولهم، فأكثر من الأسماء. وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى، وكثرة الأسماء تعطينا عقيدة واضحة أن الله وصف نفسه من كل جهة
حتى يبين لنا نفسه عن طريق صفاته العلى وأسمائه الحسنى. مائتان وعشرون اسماً موجودون في الكتاب تأملهم العلماء وقالوا إن هذه الأسماء منها ما فيه صفات الجمال ومنها ما فيه صفات الكمال. صفات الجمال: الرحمن، الرحيم، العفو، الغفور، الرؤوف. وصفات الجلال: العظيم، شديد المحال، ذو الجلال والإكرام، المنتقم، الجبار. وصفات الكمال: الأول،
الآخر، الظاهر، الباطن، الوالي، المتعال. وهكذا، ومنها النافع، الضار، وتسمى بالأسماء المزدوجة: الأول، الآخر. معاً تعطي نوعاً من أنواع الكمال أي أنه هو كل شيء، المعز المذل، وهنا وعند الذكر قال أهل الله: يجوز لك أن تذكر بالأسماء المزدوجة معاً، يعني تقول: المعز المذل المعز المذل، إذاً المغني المانع المغني المانع المغني المانع، فهو يعطي ويمنع، النافع الضار نافع الضار نافع الضار ولا تقل. الضارُّ وحدَه فيُحدِثُ لك من الجلال ما قد لا يُطاق، ولذلك فالأسماء
المزدوجة تدلُّ على الكمال، لأن الضَّرر والنفع والمنع والعطاء والعزَّة والذِّلَّة كلها من خلق الله سبحانه وتعالى، لا يكون في كونه إلا ما أراد. هذه الأسماء يجوز الذكر المفرد بها وعلى ثلاثة أنحاء، أما مثلاً أن نقول قيوم. قيومٌ هكذا بالتنوين أو القيوم بالألف واللام أو يا قيوم يا قيوم يا قيوم يا قيوم بالنداء وكل واحدة من هذه الأقسام الثلاثة التي يجوز أن نذكر بها ذلك
الاسم لها تجليات تحدث للإنسان فيها أحوال يتفهم مفاهيم تختلف حيٌ عن الحي الحيُّ عن يا حيُّ يا حيُّ يا حيُّ يا حيُّ يا حيُّ تشعلُ الإنسانَ وكأنه يدعو الله كأنه يلتجئ إلى الله كأنه يستعين بالله. حيُّ تشعلُ الإنسانَ بأنه يصفُ ربَّ الأكوان. الحيُّ تشعلُ الإنسانَ بأنه عبدٌ لذلك الذي لم ترهُ عينهُ لأنه لا تدركهُ الأبصارُ ولكنه يشعرُ به ويراه. في كل الكائنات لأنه هو في كل شيء له آية
تدل على أنه واحد، كل واحدة لها تجلٍّ كذلك قيوم، كذلك قهار، كذلك عزيز، كذلك وهكذا. أما أن نقول عزيز العزيز يا عزيز يا عزيز يا عزيز، أيضاً هذه الأسماء ومنها ما هو للجمال ومنها ما هو. للكمال ما هو للجلال ومنها ما هو مفرد ومنها ما هو مزدوج وكيفية ذكرها بهذه الأصناف الثلاثة أو بهذه الأقسام الثلاثة أيضا فإن أسماء الله الحسنى لها معانٍ في ذاتها وهذه المعاني ترسم إلهاً قوياً
متفرداً واحداً أحداً ترسم لنا ما لم تدركه الحواس بقصورها وقصرها لرب العالمين بعض الناس جاء وقال إنكم تعبدون مجهولاً لأنه غائب عن الحس. قلنا لهم ليس هناك دين على وجه الأرض وصف الرب سبحانه وتعالى بأكثر مما وصفه به القرآن ووصفته به السنة. ليس هناك دين في أسماء لله تتجاوز المائتين وعشرين اسماً. ليس هناك دين في الأرض ولم يكن، فنحن لا نعبد مجهولاً. نحن نعبد متصفًا بصفات الجمال والجلال والكمال بمائتين وعشرين
اسمًا أو يزيد. الله سبحانه وتعالى لما أوجد لنا وسمح لنا بهذه الأسماء، فإن أسماء الله أكثر من ذلك، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من". خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا وجلاء همنا وحزننا ونور أبصارنا وصدورنا. النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمنا هذا الدعاء، وفيه أن هناك أسماء أنزلها الله، وهناك أسماء علمها لبعض خلقه، وهناك أسماء
استأثر بها في علم الغيب عنده، ولذلك في حديث الشفاعة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري أنه يذهب فيسجد عند العرش فيلهمه الله سبحانه وتعالى بمحامد كثيرة لم يعطها أحداً من قبله. إذاً فهناك أشياء عند الله سبحانه وتعالى استأثر بعلمها وتفرد بمعرفتها. أسماء الله الحسنى تدبرها أهل الله واشتغلوا بها وجربوها كوناً فوجدوا. أنه يمكن أن اسماً واحداً
يدل على كثير من الأسماء ولذلك أحدثوا نظاماً سنتكلم عنه في حلقة مستقلة بما يسمى الأسماء الأصول والأسماء الفروع. هذه الأسماء الأصول سبعة والأسماء الفروع ستة وهي في مجملها تدل على بقية أسماء الله الحسنى، هذا اجتهاد المجتهدين وفعل أهل الله في التجربة. المستمرة، إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.