فتح مكة | المبشرات | حـ 25 | أ.د علي جمعة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. حلقة جديدة من حلقات برنامج المبشرات مع فضيلة الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية. تحدثنا يا مولانا في حلقات سابقة، أهلاً ومرحباً بك يا مولانا. أهلاً وسهلاً بك يا مولانا، تحدثنا في الحلقة الماضية يا مولانا عن وصولنا إلى فتح مكة وأنها كانت فتحاً مبيناً، كنا نريد أن نأخذ لمحة يا مولانا على قول سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل البيت الحرام فهو آمن، ومن دخل". بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. حدث أن دخل النبي صلى الله عليه وسلم بجنوده مكة المكرمة دون قتال، نعم، إلا ما كان من بعض مناوشات بعض المشركين لخالد بن الوليد مع طائفة من جنده، وخالد الحقيقة من
دخل داره فهو آمن. ولأنه من أهل مكة يعني كان ممسكًا بنفسه وبجنده أشد الإمساك، لكن ليس هناك من مفر في من يقاتلني ليقتلني من أني أكثر شوكته، فربما مات اثنان أو ثلاثة أو أربعة من المشركين فقط في هذا الفتح الكبير الضخم، وهذا معناه أنه كان فتحًا أبيض لم يكن فيه دم ولم يكن كما... ظن سعد بن عبادة وهو يقول: "اليوم يوم الملحمة"، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كذب سعد"، يعني أخطأ سعد، "اليوم يوم المرحمة". المرحمة من الرحمة، ويأتيهم ويؤمِّن روعتهم ويقول: "ما تظنون أني فاعل بكم؟" قالوا: "أخ كريم
وابن أخٍ كريم". قال: "إذاً فاذهبوا فأنتم الطلقاء، لا تثريب عليكم اليوم". عليكم عليه الصلاة والسلام، هذا الموقف في الحديبية لم يكن متوقعاً، وكان هناك تخوف من أن يدخل فيقتل ويسفك الدماء بالرغم من أنهم يعرفونه ويعرفون نبل خلقه ويعرفون صدقه وأمانته ورحمته، إلا أن الخوف قد ملأ قلوبهم، فلما جاء بالعسكر في فتح مكة فهذا الخوف أصبح جاداً. لأنه هناك كانت الأسلحة في قرابها، فما بالك والأسلحة مشهرة والقوة كبيرة وعشرة آلاف فارس يدخلون مكة من كل صوب، فأراد أن يطمئنه فقال هذه القولة الشهيرة: أنه من دخل البيت
الحرام فهو آمن، ومن دخل بيته فهو آمن. كان أبو سفيان زعيماً لقريش وكان رجلاً كما وُصِف يحب الفخر. يحب الفخر، جميل يحب أن يحترمه الناس، وذلك من ميراث قومه، لأن بني أمية كانوا من عظماء قريش، وكانوا مع بني هاشم كفرسي رهان. فهو يعني أن قضية كون النبي من بني هاشم تمثل له أزمة، لأنه كبير الأمويين من بني أمية، وذاك كبير بني هاشم، فيبقى يعني... أصبح هو صاحب السلطان وأصبح كذا إلى آخره، غير راضٍ مسكين، لكنه مصدق أن هذا من عند الله على فكرة، ومصدق أنه
رسول، لكن طبعاً قال له: "فلا وربك لا يؤمنون"، يعني الإيمان الحقيقي المقبول عند الله حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً. مما قضيت ويسلم تسليماً. لم يصل أبو سفيان بعد إلى هذه الدرجة. النبي الرحيم الذي يقول: "أنا منكم مثل الوالد للولد"، والذي يقول: "الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"، يرحم أبا سفيان ويقول مراعياً لذلك النازع عنده نحو الفخر: "ومن دخل بيت أبي سفيان". فهو طيب، هو كم حجم بيت أبي سفيان يعني؟ لكن هذا معناه أن بيت أبي سفيان مساوٍ في الأمن لكل بيوت الناس من ناحية، وأيضاً لبيت الله
الحرام. جميل، نعم، يعني يكون إذاً أبو سفيان فرحاً جداً في هذا. صحيح، هذا الفرح يُسلّي أبا سفيان عن. شيء مما يجول في خاطره من تلك المقارنة التي ما كان ينبغي أن تكون، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا يقول: "حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله والناس أجمعين". فقلت: "يا رسول الله، إني أحبك أكثر من الناس أجمعين سوى نفسي". قال: "حتى نفسك"، إلى أن تأتي بنفسك. تحبني أكثر من نفسك، قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني. وأحبوا فأبو سفيان لما أخذ هذا الفخر أخذه رحمة، أخذه ذكاء من رسول الله، أخذه مراعاة منه وفرصة فروسية ونبلاً
منه صلى الله عليه وسلم لمراعاة الحال. ويعلمنا نحن، نعم، أن نكون مع خصومنا ولو كانوا قال الداء. فإن القاعدة الربانية التي علمنا إياها الإسلام وعلمنا إياها القرآن ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم. البشر هكذا، ستظل تعطيه وتعطيه وتعطيه وتعطيه، حسناً وبعد ذلك؟ سوف يخجل من نفسه بالتأكيد مهما كان فظاً، ومهما كان دنيئاً، ومهما كان قاسياً. القلب، فما بالك بأبي سفيان الذي كان بينه وبين الإيمان خطوة، صحيح بينه وبين الإيمان خطوة. لماذا؟ فهو من جانب آخر من بلدته، فهو من مكة، ومن جانب آخر هو من قبيلته أيضاً، ومن جانب آخر
هو زوج ابنته، صحيح. من جانب آخر، هذه الجوانب كثيرة، إذاً الذي... يجعل أبا سفيان هذا - أبو سفيان صديق العباس، نعم، وأصدقاء مع بعضهما - ويدخل العباس على النبي صلى الله عليه وسلم. وكان سيدنا رسول الله يعامل العباس معاملة الأب احتراماً وإجلالاً وتقديراً ومعاملة وغير ذلك. فأبو سفيان هذا كان قريباً جداً من أن يُسلم، لكن في مسألة الفخر هذه هي التي متناقض معه، فإذا كان قاسي القلب العتل الزنيم كان سيسلم لو أنني تعاملت معه بالتي هي أحسن، فما بالك بالرجل الذي بينه وبين الإسلام خطوة واحدة. صحيح، يكفي أن يفعل هكذا حتى يجد نفسه في الإسلام، وقد كان وحسن إسلام أبي سفيان بن حرب
وأسلمت هند زوجته، نعم، كما أسلم معاوية. ابنه وأسلم كثير جداً من بني أمية بإسلام أبي سفيان لأنه في الأصل لا يوجد مانع من الإسلام، فالإسلام دين واضح والإسلام أصبح قوياً. الإسلام الذي يخص أبناءنا في مكة وهي نفس الحالة التي حدثت بعد ذلك في القرن الثالث والرابع، حيث رأينا الناس في العالم الإسلامي دخلوا في دين الله. أفواجاً بطريقة واسعة جداً، وهناك أخبار أن شخصاً مثلاً كان يُسمى ابن الخياط، وابن الخياط هذا كان صوته غير حسن، لكنه كان يقرأ القرآن بإتقان تام،
فيُقال إنه قد أسلم على يد ابن الخياط هذا من قراءته سبعون ألفاً، سبعون ألفاً. يقول قائل: "أَمِن المعقول سبعون ألفاً في العدد؟" البشر في ذلك الوقت كانوا قليلين، أمر معقول، نعم معقول. لماذا؟ لأنه لم يكن هناك أي عائق في العقل يمنع الدخول في الإسلام. الأمر الغريب العجيب ألا تكون مسلماً. يعني لماذا لست مسلماً؟ ماذا تنتظر؟ الدولة مسلمة، والحضارة مسلمة، والقوة مع المسلمين، والريادة والفنون والآداب والحياة مع المسلمين. هذا الدين دين نظيف. دينٌ جميلٌ، دينٌ كذا وكذا وكذا، ماذا تنتظر؟ دينٌ واضحٌ ليس فيه أسرار، دينُ يُسرٍ، دينٌ نظيفٌ طاهرٌ في
الأعراق وفي الأخلاق، فماذا تنتظر؟ فحينما يسمع القرآن، لا، عينه تدمع معه وأسلِم وأسلِم، سبحان الله، نعم، يُسلِم سبعون ألفاً ويُسلِم أكثر من ذلك، لأن السؤال حينئذٍ الله. هل أنت لم تُسلم بعد؟ صحيح! ما شاء الله. فإذا لم يكن هناك عائق للإسلام في هذه الفترة، كذلك لم يكن هناك عائق للإسلام في مكة. فجاءت هذه الكلمة لتُزيل كل العوائق النفسية، وأزال رسول الله بعد ذلك عوائق نفسية أيضاً في مكة في مثل أبي. محظورة أبو محظورة هذا رجل شاب صوته جميل، وكان يسخر من النبي صلى الله عليه وسلم ويستهزئ بالأذان "الله
أكبر الله أكبر"، كان يلعب بالأذان بصيغة سخرية. أي أنكم الذين تقولون هذا هكذا، فسمع النبي صوته الجميل، وكان رسول... الله يحب الصوت الحسن ولذلك قال لعبد الله بن زيد: "علمه بلالاً في الأذان فإنه أندى منك صوتاً". حسناً، سنستكمل موضوع الأذان بعد الفاصل يا مولانا إن شاء الله. فاصل نعود إليكم فابقوا معنا. فاصل ثم نواصل. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عدنا إليكم من الفاصل، الجزء الثاني من حلقة. اليوم من برنامج المبشرات مع فضيلة الإمام الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية، توقفنا عند نهاية الجزء الأول أن مولانا أخبرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب الصوت الندي في الأذان، تفضل يا مولانا. فلما كان في مكة وفي فتح مكة ووجد أبا محذورة يسخر. من المسلمين يعني انظر إلى
الرحمة وانظر إلى الذكاء وانظر إلى الفطنة وانظر إلى ما أتى به. قال له: تعالى، ما اسمك يا ابن حظورة؟ قال له: ماذا كنت تقول الآن؟ قال: هو لا يقول شيئاً لأنه خائف. قال: أحسن يعني. قالوا: لا، أنا كنت أسمعك تقول هكذا كأنك تؤذن الأذان. قال: أنا ما كنتُ أستأذن ولا أي شيء فأنا لا أعرف كيف أستأذن. قال له: حسناً، تعالَ. وضرب بيده الشريفة على صدره ودعا له. قال أبو محذورة: فلم يرفع يده حتى أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب خلق الله إليّ. ما هذا؟ انظر، انظر! إن أبا محذورة هذا شاب صغير ما زال صغيراً وهكذا، لكن سيدنا... رسول الله لا يتركه لهواجسه ولا يتركه يتمادى في سخريته أو يعاقبه فيأتي الأمر بالعكس، بل يأخذه برفق هكذا ويدعو له فتنال
بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما نالته بركة رسول الله أحب رسول الله ودخل الإيمان في قلبه وعلمه الأذان وأصبح أبو محذورة، وكان جميل الصوت، مؤذناً. رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة ما شاء الله، يكون المؤذن في المدينة سيدنا بلال، وسيدنا بلال والمؤذن في مكة أبو محذورة ما شاء الله، وكان هناك اثنان أيضاً أذَّنا للنبي أو أقاما له، منهم عبد الله بن زيد الذي رأى المنام، ومنهم واحد اسمه قيس بن ساعدة. منهم أخو صَداء، أن أخا صَداء قد أذَّن، ومن أذَّن فهو يقيم. هذا أذَّن له مرة واحدة. فهؤلاء المؤذنون الذين كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتمدهم، وهم الذين يؤذنون بالأذان. سيدنا بلال هنا،
وسيدنا أبو محذورة في مكة بعد ما كان كافراً مستهزئاً. أصبحنا نقول عليه سيدنا أبو محذورة، لماذا؟ سيدنا أبو محظورة لأن سيدنا رسول الله وضع يده الشريفة على قلبه فدخل النور في هذا القلب وأصبح محباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق من الظلمات إلى النور ومن ضيق الكفر إلى سعة الإيمان ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ومن غضب الله إلى رضوان الله ذلك فضل. الله يؤتيه من يشاء. نعم، بالله، قبل أن نترك يا مولانا، فتح مكة كان في لمحة الاستعراض العسكري إذا جاز التعبير يا مولانا. عندما أمر سيدنا رسول الله سيدنا العباس أن يقف بأبي سفيان والكتائب الإسلامية تسير أمامه، تسير أمامه. وعندما أمر الرسول عليه الصلاة والسلام أن يشعل الجنود. ناراً حول مكة، هل هذا نوع من أنواع الحشد العسكري الذي ذكرته فضيلتك لنا قبل ذلك؟
الإرهاب الذي ترهبون به عدو الله عليكم، من أجل حقن الدماء، أم ما الغرض منه؟ الغرض منه هو الغرض من الاستعراض العسكري حتى يومنا هذا، نعم، جميل، حتى يومنا هذا، حتى يومنا. هذا صحيح، الأمم تقوم باستعراض عسكري لإظهار القوة، "احذروا أن تضربونا، لأنكم إن ضربتمونا فستضربون". لدينا إمكانيات وصواريخ وكذا وكذا. نعم، فعندما رأى أبو سفيان هذا، فعلاً اقتربت المسألة ولم يعاند، وحتى ذهب للتشاور مع كبراء مكة، وكان من ضمن هذا التشاور أنه قال لهم: "إني أخشى على..." أهل مكة، الفناء الفناء! آه، أرى قوة تُعتبر مهولة. لقد دخلوا، نعم. وهذه قوة لا
قِبَل لنا بها. غاية أمرنا أن نجمع لنا ألفاً، نجمع لنا سبعمائة، لكن هؤلاء عشرة آلاف، وعشرة آلاف منظمين، وعشرة آلاف من أهل القتال. فهل ننهيها هكذا؟ أهذا عقل؟ أهذه حكمة؟ إن... الإنسان لا يلقي بيديه إلى التهلكة وأنه يفاوض بالممكن، ولذلك من تعريفات السياسة، علم السياسة يقول لك: السياسة هي علم التعامل مع الممكن. نعم، انظر ما هو الممكن واعمله، يعني الذي لا تقدر عليه ليس من السياسة أن تناطح فيه لأنك في الآخر مهزوم. يُروى عن أحد الشعراء العرب أنهم أغاروا على قبيلته واختطفوا أخته، فلما
اختطفوا أخته وجاروا بها، كان أمامه خياران: إما أن يخرج وراءهم فيقبضوا عليه ويأسروه، فتبقى أخته في الأسر ولا يستطيع أن يحررها بل يكون هو أسيراً، فقال: "لا، سأرجع إلى مضارب قبيلتي وأجمع الناس، وغداً صباحاً سنذهب إليهم، نحن نعرف هؤلاء القوم". فالتابع له أو كذا قال له: "دع أختك"، فقال له كلمة صارت حكمة فيما بعد: "إلى ما تستطيع. نعم، إذا لم تستطع شيئًا فدعه وتجاوزه إلى ما تستطيع". الذي في يدي الآن أن أرجع وأجلب الجيش
الخاص بنا وأذهب وأنقذها، لكن أن أذهب أنا وحدي هكذا، فيُقبض عليّ معها ونصبح نحن. الاثنان عبيدٌ لهذه القبيلة ومُصوَّرون لها ومُذلَّلون لها. ليس هذا فن الممكن الذي يُقال عنه السياسة فن الممكن. هذا الفن نجده ونلمحه في كلام أبي سفيان مع قومه، والكلام الذي أدى في النهاية إلى حقن الدماء وأدى في النهاية إلى الخير للجميع، للمسلمين وحتى للمشركين الذين منَّ الله عليهم. بالإسلام والدخول في الدين جميل. إذا انتقلنا يا مولانا للصراع أو للدفاع، نحن فضيلتك قلت لنا في مرة سابقة بإيجاز أن الروم بدأوا العدوان علينا في غزوة مؤتة أو في سرية مؤتة وفي غزوة تبوك. لو انتقلنا إلى القتال أو إلى الصراع بين الإسلام وبين الروم يا مولانا... قصتنا
مع الروم قصة طويلة عريضة لم تنتهِ في عصر النبوة ولا في عصر الصحابة ولا من بعدهم. قصتنا مع الروم انتهت بفتح القسطنطينية على يد محمد الفاتح. جميل وهذا غيَّر وجه العالم، هذا الفتح الذي حصل في القرن الخامس عشر الهجري، ألف وأربع مائة وتسعين، هذا غيَّر وجه. العالم وغيّر خريطة العالم ومراكز القوى فيها، هذه بشارة من الحبيب صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام: "فتح قسطنطينية ونعم الجيش جيشها، ونعم الأمير أميرها، ونعم الجيش ذلك الجيش"، نعم كما قال عليه الصلاة والسلام، وقد حدث. نعم، وهذه نهاية قصة طويلة على ما حدث بين أطراف. الدولة الإسلامية ليست
فقط الروم التابعين لهرقل ولا ما حدث في مؤتة أو تبوك أو بعد ذلك بيننا وبينهم في الحروب المختلفة وفتح القدس والاستيلاء على أنطاكية والاستيلاء على فلسطين ومن ثم دخول مصر، كل هذا الكلام هو بداية القصة نعم، لكن هو عندما قال ستفتح عليكم مصر. ما هي من المبشرات الجميلة، وهذا جزء من الصراع مع الروم، لأن الروم كانوا محتلين مصر حينئذ ويسومون المصريين سوء العذاب. ولذلك كانت فرحة المصريين فرحة شديدة عندما دخل عمرو بن العاص مصر. أتى ببابا الأقباط وأجلسه عن يمينه، الأب
بنيامين. نعم، بنيامين كان قد اعتزل في الصحراء وذهب هارباً. من الرومان ما حدث في القرن الخامس الميلادي في المجامع المسكونية وافتراق مجمع نيقية إلى مجامع نيقية وخلقيدونية وغيرها. في عام أربعمائة وخمسة وعشرين وما قبلها وما بعدها حدث انقسام في الكنيسة حول مسألة ما إذا كان المسيح ذا طبيعة واحدة أم طبيعتين، بشرية أم إلهية. فحدثت فجوة بين الرومان الذين يتبعون كنيسة روما وبين المصريين الذين يتبعون كنيسة الإسكندرية، وحينئذ حدث ما يشبه
التكفير بين الطائفتين، وأصبح كأن الطائفتين على دينين وليس على دين واحد. وعندما دخل المسلمون مصر، جاؤوا بمفهوم آخر غير مفهوم الصدام وغير مفهوم المتابعة والهروب في الصحراء. ماذا يوجد؟ لكم دينكم ولي دين، ماذا يوجد في أنك تعالى؟ نحن نعرض عليك ما نراه أنه الحق، أعجبك أم لم يعجبك، أنت حر. كل شخص حر في دينه وحر في علاقته مع الله سبحانه وتعالى. جميل، نختم الحلقة يا مولانا بهذه العبارة الجميلة: كل شخص حر في... دينه وهو حر في علاقته مع رب العزة تبارك
وتعالى. اسمحوا لي باسم حضراتكم أن نشكر فضيلة الإمام الدكتور علي جمعة على وعده باللقاء في حلقات قادمة إن شاء الله. نستودع الله دينكم وأماناتكم وخواتيم أعمالكم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.