قواعد الفقه الإسلامي | اليقين لا يزول بالشك جـ2 | ح26 | أ.د. علي جمعة

قواعد الفقه الإسلامي | اليقين لا يزول بالشك جـ2 | ح26 | أ.د. علي جمعة - فقه, قواعد الفقه الإسلامي
والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، أيها المشاهدون الأعزاء، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع لقاء جديد حول قواعد الفقه الإسلامي، نعيش اليوم هذه الدقائق في قول الفقهاء: "اليقين لا يزول بالشك". "اليقين لا يزول بالشك" قاعدة من أهم القواعد وأكبرها، فهي من الخمس الكبار التي طالما ذكرناها مراراً اليقين لا يزول بالشك، نجدها في أحاديث كثيرة من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، منها
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر وقال: "لا ينصرف إذا وجد أحدكم شيئاً في صلاته فلا ينصرفن منها حتى يشم ريحاً أو يسمع صوتاً" أي أن الإنسان إذا جاءه وسواس في الصلاة فإنه لا يستجيب لهذا الوسواس بل أنه ينبغي عليه أن يتأكد، واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم شم الريح وهو نوع من تطبيق الحواس على الواقع، وسمع الصوت. يعني إذا وصلنا إلى غاية اليقين، إذاً هذا اليقين لا يتزحزح ولا يزول بالشك. هنا رأى الفقهاء هذه. القاعدة في أبواب كثيرة
من الفقه الإسلامي يرونها عند الصائم، مثلاً: الصائم متأكد أنه صائم وأن هناك نهاراً، ولكنه تشكك في هل أُذِّن الأذان؟ لا يعرف، فإنه يظل صائماً حتى يتأكد، ولا يجوز له شرعاً أن يأكل قبل أن يتأكد تأكداً تاماً حسياً من دخول الوقت، وهو بالليل مفطر. فله أن يستصحب هذا الفطر أو الإفطار أو حالة الإفطار هذه التي يعيش فيها حتى يتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر حتى يتأكد من دخول الفجر الصادق. استصحاب
الأصل قد أتى من هذه القاعدة، قاعدة أن اليقين لا يزول بالشك. إنسان متيقن أنه متطهر ثم شك في الحدث فإنه يظل على طهره. إنسان تيقن أنه قد أحدث ثم تردد هل توضأ بعدما أحدث أو لم يتوضأ، إذاً فهو ليس متوضئاً. نأخذ دائماً باليقين ونطرح الشك. نديم جاء أمام القاضي واعترف بدينه، ثم قيل له: "هل سددت هذا الدين؟" فقال: "أظن أنني سددت، أشك في ذلك يعني". أنا يهيأ لي أنني سددت، القاضي يحكم عليه ببقاء الدين، ولذلك
يسوغ الفقهاء قاعدة أخرى في هذا المدار فيقولون: بقاء ما كان على ما كان، بقاء ما كان على ما كان، يعني أن هذا المدين سيظل مدينًا إلى أن نتأكد من أنه قد سدد. كذلك كثير من الناس ابتلي بقضية. إيقاع الطلاق كثيراً والعياذ بالله على زوجته وهذا خلق ينبغي على المسلمين أن يتبرؤوا منه وأن يعودوا إلى رشدهم فيه، فالطلاق عقد من العقود مثله مثل الزواج بالضبط، وكما أن الزواج لا يتم بكل سهولة بل يتم بتحضير وباتفاق وبترتيبات معينة، ينبغي أن لا يتم الطلاق بكل سهولة هكذا كما. يفعله الناس ناسين أوامر
دينهم. الطلاق يأتينا كثير من الناس ليسأل أنه متشكك هل طلق مرتين أو ثلاثًا. فالشرع الشريف يبني على الأقل لأن الأقل هو المتيقن وموضع الشك، ويصبح هذا الذي تشكك في أنه طلق زوجته طلقتين أو طلقها ثلاثًا يصبح وكأنه أمام الشرع وأمام الله قد طلقها طلقتين. فقط لأن الطلقتين هو القدر المتيقن من الطلاق، كثير من الناس أيضاً يصاب بالوسواس في الصلاة، ومن كرامة المؤمن أنه يطرح هذا الوسواس، فتراه يتشكك هل صلى ركعتين أو ثلاثاً أو أربعاً. لو تشكك بين اثنتين وثلاث، إذاً هما اثنتان ويبني على الاثنتين. لو تشكك بين ثلاث وأربع،
فهي ثلاث ويبني. على ذلك