قولهم العجلة من الشيطان وقولهم خير البر عاجله أيهما نصدق؟ | أ.د. علي جمعة

قولهم العجلة من الشيطان وقولهم خير البر عاجله أيهما نصدق؟ | أ.د. علي جمعة - فتاوي
قُلْ لهم العَجَلةُ مِنَ الشيطانِ، وقُلْ لهم خيرُ البِرِّ عاجِلُهُ، أيَّهُما نُصَدِّقُ؟ الاثنين. ما هُما الاثنان ليسَ فيهِما تناقُضٌ. العَجَلةُ تعني التَّهَوُّرَ، تعني عدمَ الحكمةِ، تعني الكلامَ بغيرِ عِلمٍ. "ولا تَهرِفْ بما لا تعرِفُ"، "ولا تَقْفُ ما ليسَ لكَ به عِلمٌ إنَّ السمعَ والبصرَ والفؤادَ كُلُّ أولئكَ كانَ عنهُ مسؤولاً". هذه هي العَجَلةُ، العَجَلةُ. من الشيطان طيب وخير البر عاجله الذي هو المبادرة التي هي "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم"،
فالمبادرة والمسارعة إنما تكون في الخير "وافعلوا الخير لعلكم تفلحون". أما الثاني ففي التهور وفي عدم الحكمة وفي عدم المناسبة للكلام مع الزمان مع المكان مع الأشخاص مع الأحوال، وهكذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث رواه الترمذي عن سهل بن سعد الساعدي: "الأناة من الله"، وقال لأشج عبد قيس: "فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله". قال: "ما هما يا رسول
الله؟" قال: "الحلم والأناة". ليس متهوراً، رزين هكذا، مُتَّزِن في مكانه، جالس هكذا هادئ، ليس متهوراً. لا يوجد تهور، لا توجد عجلة. "والعجلة من الشيطان" أخرجه الترمذي. "الأناة من الله والعجلة من الشيطان"، أي أن العجلة هي ضد الأناة، وهذا يعني أن العجلة ضد الحكمة، فالعجلة هي التهور. أما "خير البر عاجله" فليس بحديث بهذه الكيفية، ولكن روي عن العباس رضي الله تعالى عنه وأرضاه: "لا يتم المعروف إلا بتعجيله"، أي أنه معروف لا يحتاج إلى تأخير. لماذا تفكر دائماً؟ كان كالريح المرسلة،
كان أجود الناس، لا يُسأل عن شيء فيمنعه. نعم، لأنه في الخير يبادر ويسارع. لماذا؟ لأن الصدقة معروفة أنها تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار. فيمَ ستفكر؟ ولكن الثاني قلة الحياء والوقاحة وطول اللسان، هذا هو ماذا؟ العجلة من الشيطان.
    قولهم العجلة من الشيطان وقولهم خير البر عاجله أيهما نصدق؟ | أ.د. علي جمعة | نور الدين والدنيا