كلمة فضيلة أ د علي جمعة عن سيدي صالح الجعفري

كلمة فضيلة أ د علي جمعة عن سيدي صالح الجعفري - مجلس الجمعة
رضينا يا بني الزهرا، رضينا، رضينا يا أبنائي سهرة، رضينا، بحب فيكم يرضينا نبينا. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. نتحدث اليوم عن إمام من أئمة المسلمين كنا نسميه بشمس الضحى وقطب الرحى، وكنا نسميه بإمام الأئمة وبدر التتمة، هو... سيدي صالح الجعفري كنا
كنا إذا دخلنا الأزهر الشريف رأينا عالماً من علماء القرن الرابع الهجري فكأننا التقينا بالبيهقي أو كأننا كحلنا أعيننا بالجويني ثم الغزالي. كان في ملبسه وهيئته وسمته وكلامه وعلمه في كل ذلك وكأننا قد تذكرنا إماماً من أئمة الهدى في القرن الرابع الهجري حيث وصلت العلوم إلى وصلت العلوم إلى قمتها وبلغ النضج في الفقه
بعد الحديث والتفسير واللغة إلى منتهاه، وكنا حريصين أن نصلي وراء ذلك الإمام خلف سيدي صالح الذي جمع بين العلم وبين التقوى وبين الفهم وبين التربية والسلوك. ولكل شخص وعالم مفتاح للشخصية، وكان مفتاح شخصية سيدي صالح هو حب رسول الله صلى الله عليه وآله. وسلم عاش على حبه وعاش في حبه وانتقل إلى الرفيق
الأعلى وهو يوصي أتباعه ومن حوله وتلاميذه ومريديه بحبه صلى الله عليه وآله وسلم. كان يرى أن حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو الباب الذي ندخل منه إلى رضا الله سبحانه وتعالى، والذي ندخل منه إلى نقلة نوعية من دائرة غضب الله إلى دائرة رضاه، كان يرى أن حب رسول الله هو المفتاح الذي تُفتح به خزائن
السماوات والأرض، وهذا المفتاح لشخصية سيدي صالح يلخص لنا ما هنالك، فإن حب رسول الله هو أصل الإيمان، وحب رسول الله لا يكون بالعقل وحده ولا بالقلب وحده ولا بهما فقط، بل بالعقل والقلب والروح هكذا علمنا سيدنا رضي الله تعالى عنه وأرضاه. كان له مجلس في يوم الجمعة، وكان مجلسًا حافلًا، يذهب إليه ويأتي إليه الناس من كل مكان في
مصر وفي العالم. فكان يجلس ويبدأ فيقول بالسند المتصل في علوم الشريعة واللغة والفقه والحديث والتفسير: "حدثنا علماء الأزهر الشريف ثم..." يتكلم ويستفيض في موضوع الدرس، وكنا نحصر ما يقول فنجده يستدل بما بين عشرين إلى ثلاثين آية ويفسرها، وما بين ثلاثين إلى أربعين حديثاً ويفسرها، ويتكلم
في اللغة وفي الفقه وفي كل المناحي والعلوم والأصول والأدوات، ولم نره يتلجلج، فكأنه يغرف من بحر الصفاء ومن بئر الوفاء، رضي الله تعالى عنه. عنه وأرضاه، كنا نذهب نبحث عن تلك الأحاديث التي سمعناها فنجدها بالنص لم يزد كلمة ولم ينقص كلمة على مر حياته، فكان هذا آية من آيات الله وتوفيقاً من عنده سبحانه وتعالى أن أقام في الأمة المصرية
وفي المسلمين هذا الذي يُلجأ إليه في الملمات. كنا إذا ضاق بنا الأمر... ذهبنا إلى سيدي الصالح للدعاء، ولم يُجرَّب عليه أنه دعا ولم يُستجب له من تعلقه بحضرة الجناب الأجل صلى الله عليه وسلم، ومن أن قلبه كان ضارعاً لله. ظللنا هكذا نَرِدُ من معانيه ومبانيه، كان جميل المُحيّا، وكان يلبس الجوخ بألوان زاهية تذكرنا كما قلنا بالأوائل الأوائل، تذكرنا بالإمام
مالك. وتذكّرنا بأئمة الدين وأئمة الهدى الذين انتشر الإسلام على أيديهم، كان متواضعاً لله. سأله أحدهم مرة عن الصلاة ذات الجناحين، فقال: "هذه الصلاة هي أن تفوتك ركعة مع الإمام، فتدخل فتصلي معه الثانية فتقرأ فيها الفاتحة وسورة، ثم تصلي معه الثالثة والرابعة فتقرأ الفاتحة وحدها، ثم تصلي
معه الرابعة". التي هي قضاء للأولى فتقرأ الفاتحة ومعها سورة، فكانت الصلاة أصبح لها جناحان: جناح في الركعة الأولى فاتحة وسورة، وجناح في الركعة الأخيرة فاتحة وسورة. الصلاة ذات الجناحين، نحن كطلبة علم لم نسمع بالصلاة ذات الجناحين. ثم نظر إلى أعلى وقال: سبحان الله، هذا سؤال لم أُسأله منذ أربعين سنة. فالحمد
لله الذي حفظ علينا العلم، سمعوا من شيخه الصلاة ذات الجناحين وما زال يحفظها منذ أن كان طالباً للعلم، وهذا لا يعرفه كثير من الناس ولا يذكرونه، ولكنه فتح الله عليه بحفظ العلم. كان هناك أناس كثيرون من العلماء يغبطون سيدنا الشيخ صالح الجعفري على تلك الحافظة وعلى هذا. الاستحضار وكان ملازمًا للأزهر الشريف وكانت له كرامات بعضها رأيناه بأعيننا وحضرناه وبعضها رآه آخرون فحكوا عنه حتى استفاض
الأمر عنه أنه ولي من أولياء الله الصالحين. في أثناء الطلب كان يحدث له حال فيأخذ كتبًا كثيرة لا تنتهي قراءتها إلا في شهور ويصعد إلى حديقة الخالدين وإلى المكان الذي دُفِنَ رضي الله تعالى عنه فيه وهو معروفٌ بارزٌ يُزار من كل مكان، فكان يجلس على تلك التبه الله عليه من المعرفة في وقتٍ قليل في إدراك كل هذه الكتب التي تُنهَى في شهور، وهذه
من علامات الأولياء أن الله يطوي لهم المكان ويبسط لهم الزمان، فطوى الله له. المكان وبسط له الزمان يذكرنا الشيخ صالح أنه كان صادقًا مع الله ومع النفس ومع الناس. كان يحب أن يحج كل عام فوفقه الله إلى ذلك، وما كان يقدر أن يغيب عن سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم. وجاء أمر التنظيم وقالوا إن من حج في العام الماضي لا يحج. إلا بعد خمس سنوات وهو
يريد أن يحج لأنه وكأن هناك سراً بينه وبين الله في الحج كل عام، فذهب للحصول على التأشيرة فسأله الموظف: "هل حججت؟" فقال: "السنة هذه لا، لم أحج"، فأعطاه التأشيرة فوراً، والتيسير علامة الإذن، الله أراد أن يحج وأن يحافظ على حجه في كل عام. ولم يتفوه بالكذب أبداً رضي الله تعالى عنه وأرضاه وجعلنا في
بحبوحة بركاته وتربيته وإرشاده وحبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يلحقنا به على الإيمان وعلى كمال الإسلام. اللهم يا ربنا أكرمه كرامة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين واجعلنا معهم خير صحبة نصحبها يا أرحم الراحمين. اللهم يا ربنا هيئ لنا من أمرنا رشداً واهدنا في من هديت وعافنا في من عافيت وتقبل منا صالح أعمالنا. اللهم إنا نسألك أن تقينا الفتن ما ظهر منها وما بطن. سيرة سيدي صالح الجعفري لو جلسنا
نتحدث عنها فإنها بحر لا ساحل له وكان متعدداً في علمه وفي في سلوكه للطريق وفي مشيخته وفي قيادته كان الزعماء يهابونه ويحترمونه ويسمعون كلامه ويحضرون درسه، والحمد لله رب العالمين. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا خير خلف لخير سلف، وأن يبارك في أبنائه، وأن يهدئ بال المصريين، وأن يصلح شأنهم وحالهم، يا أرحم الراحمين، وأن يجعل مصر محروسة بمثل هؤلاء الأولياء. الأتقياء
الأنقياء سيدي صالح الجعفري رضي الله تعالى عنه، للذين ازدادوا في دين إنشاد