كيف أصلي في الطائرة؟ | أ.د علي جمعة

كيف أصلي في الطائرة؟ | أ.د علي جمعة - فتاوي
كيف أصلي في الطائرة؟ أنا أرى، وهذا يؤيده مذهب الشافعية، أن الطائرة إذا صلينا فيها فإنما نصلي فيها النافلة أو لا نصلي فيها، وأن الصلوات إذا تراكمت علينا فذلك لفقد شروطها، فإذا نزلنا إلى الأرض قضيناها، يعني كأنه ليست هناك صلاة في الطائرة عندي، وهذا محل خلاف بين العلماء. والفقهاء يقولون
لا، صلِّ مستقبلاً القبلة وأنت جالس ثم صلِّ كيفما اتفق. الشافعية يقيسون البحر على البر لكنهم لا يقيسون الهواء على البحر، وهذا نص كلام الرافعي. فلو صلى في أرجوحة لا هي إلى السقف معلقة ولا هي على الأرض مستقرة، لا يجوز، يعني في أرجوحة طائرة كما يسمونها. بالإنجليزية ما هو "Banking"؟ "Bank" تعني ماذا؟ يعني الطائرة فعلت هكذا "Bank" مثل "البنك" الذي أنتم فيه هذا،
نعم. فالـ"Banking" يعني عمل هنا الطائرة تأرجحت كما تخيل الرافعي. لا يجوز لماذا؟ لأن الهواء ليس ملموساً كلمس الماء، والمطلوب الاستقرار على شيء ينتهي بالأرض، ولذلك فهذا من شروط الصلاة. فإذا أنا... ذاهب إلى أمريكا أو ذاهب إلى اليابان وتراكمت علينا الصلوات، عندما ننزل نقضيها قصراً لأننا تركناها في حالة السفر الذي يوجب أو الذي يجيز القصر، فسنصلي على الأرض ركعتين ظهراً، وركعتين عصراً، وثلاث ركعات مغرباً،
وركعتين عشاءً، والفجر كما هو. يبقى إذاً أصول الشافعية رضي الله تعالى عنه تقول إنك تجمع في حالة السفر الذي تتراكم فيه الصلاة، وهذا يحدث إذا كانت الطائرة مباشرة أو كانت متجهة إلى الشرق فإن الصلوات تتراكم، فإنك عندما تنزل تقضي هذه الصلوات. والمسافة من أي مكان إلى أي مكان في العالم لا تزيد عن عشرين ساعة، وأقصاها ستة عشر ساعة، يعني لا يوجد رحلة طيران أكثر من ذلك. هكذا ثم بعد ذلك لا بد أن تنزل إلى الأرض، فالقضية حتى الآن
مستورة وهي أنه سيكون هناك صلوات الظهر والعصر، وبعدها تجد نفسك نازلاً لأنك سافرت الساعة الثامنة صباحاً، فالذي سيفوتك الظهر والعصر أو الذي سيفوتك العصر والمغرب أو التي هي وهكذا مهما ذهبت إلى أي مكان في العالم. يسأل أن الطائرة انفجرت في الجو وقد تركنا الصلاة، لا شيء عليه لأنه مات غير مقصر، والإنسان لا يقضي الصلاة عن أهله. وورد
أنه يقضي الحجة ويقضي الصيام، فقد روي أن امرأة قالت: إن أبي مات ولم يحج، فقال: حجي عن أبيك فإن دين الله أحق أن يقضى. ورأى رجلاً يقول لبيك اللهم عن شبرمة، قال: "ومن شبرمة؟" قال: "أخي، كان لم يحج". قال: "أحججت عن نفسك؟" قال: "لا". قال: "فحج عن نفسك ثم حج عن شبرمة في السنة القادمة". وفي مسلم أنه سُئل عمّن مات وعليه صيام، فأذِن له لوليه أن يصوم مكانه، ولكن
الصلاة قال فيها ربنا: إن الصلاة... كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً، ولذلك فهي مؤقتة، ولذلك فليس هناك تحمل إلا عند الحنفية في الوقت. فعند الحنفية يقولون: إذا مات أحدهم في العصر ولم يصلِ، صلى عنه وليه في الوقت قبل العصر، لا يمكن أن يصلي عنه العصر لأنه في الوقت، أما خارج الوقت فلا يصلي عنه الرجل. أو امرأة كان تاركاً للصلاة ومات فكيف الكفارة عن ذلك؟ ليس هناك قضاء وليس هناك مؤاخذة
لمثل هذا؛ لأنه لم يترك الصلاة عبثاً واستهانة وتكاسلاً، وإنما ترك الصلاة لأجل تحصيل شروطها، وتحصيل الشرط هل هو مقدم على الوقت أو الوقت مقدم على تحصيل الشرط؟ خلاف، والراجح عند الشافعية أن تحصيل الشرطي مقدم على الوقت؛ إذ قام شخص في الصباح عند الأذان الساعة الخامسة، والشروق كان في السادسة والربع أو السادسة والنصف، فالأذان كان في
الساعة الخامسة. قام هذا الشخص فلم يجد ماءً، فماذا يفعل؟ فالشافعية يقولون له: يبحث عن الماء ويحضره. قال: سيمشي قليلاً ليذهب ويحضر الماء ويعود. فلما أحضر الماء كان الجو بارداً، فأراد تسخينه ليستحم. فتح عيني فلم يجد البوتاجاز، وجد البوتاجاز فارغاً. يا لها من واقعة! أصبحنا الآن في الخامسة والنصف، فقام ليذهب ويُحضر البوتاجاز لتسخين الماء كي يتطهر للصلاة. ظل في هذه المسألة حتى اقترب وقت الشروق. سينتهي بين الطهارة وسيكون الشروق قد طلع. هل
يتيمم أم يستمر في تحصيل شروط الصلاة؟ قال الشافعية: يستمر في تحصيل الشروط. الصلاة؟ طيب، الصلاة التي سيؤديها هذه والتي وقعت في غير وقتها، أداءٌ أم قضاء؟ خلاف، لأنه لم يكن غافلاً وإنما كان يأتمر بأمر الله. يقول له: لا تأتِ إلى الصلاة إلا إذا كنت طاهراً، فيقول له: حاضر يا ربي. إن هذا عابدٌ، إنه يعرف أن هناك رباً ويقول حاضر، ولذلك اختلفوا. هل هذا أداءٌ أم قضاءٌ؟ الذي نظر إلى الوقت قال قضاءٌ لأنه خارج الوقت، والذي نظر إلى أنه قائم بتحصيل الشروط قال أبداً، ليس عليه شيء. نعم، ليس عليه شيء باتفاق. لماذا؟
لأنه كان يستطيع أن يتيمم ويصلي. لا، ما دام هو قادر على تحصيل الشروط فإن الشروط مقدمة. على الوقت فالذي في الطائرة هذا وهو ناوٍ أنه عندما ينزل يصلي ليس مقصراً ولا مستهيناً ولا متكاسلاً بل إنه يريد تحصيل الشروط، وتحصيل الشروط مقدم على الوقت، هذا يعبد ربنا هكذا، هذا عن علم يعني، فانفجرت الطائرة، انظر إلى الاحتمال السخيف، انفجرت الطائرة والعياذ بالله تعالى، حسناً، انفجرت. الطائرة أيضاً احتمال ليس كما يُظن يعني، لكن لا عليه، هو خلاص
أصبح شهيداً ولا شيء عليه. لماذا؟ لأنه لم يقصر، بل إنه فعل هذا طلباً لا هرباً. يقول الفقهاء ماذا؟ فعله طلباً لا هرباً، يعني هو ليس يهرب من التكليف، بل هو يطلب كمال التكليف. نعم، هناك فرق. كبير وإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى