كيف نتعامل مع هذه الحياة المادية التي أطغت كثيرا من الناس فقست القلوب؟ | أ.د علي جمعة

كيف نتعامل مع هذه الحياة المادية التي أطغت كثيرا من الناس فقست القلوب؟ | أ.د علي جمعة - فتاوي
يسأل سائل كيف نتعامل في هذه الحياة المادية التي ضغطت كثيراً على الناس حتى قست القلوب، وحيث لا يوجد في هذا الزمان من أهله من الطيبين إلا القلة. النبي صلى الله عليه وسلم يرسل لنا رسالة عبر التاريخ بأنه إذا رأيت هوى متبعاً وإعجاب كل ذي رأي برأيه وشحاً مطاعاً. ودنيا مؤثرة فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العامة ويرسل رسالة عبر التاريخ بأنه حين الفتن كن حلساً من أحلاس بيتك. والحلس هي
قماشة توضع ليوضع عليها الملابس، يعني مثل الدولاب في وقتنا الحالي. والدولاب لا يتحرك من مكانه، فالحلس أيضاً لا يتحرك لأن عليه أثقالاً، فهذا إذاً... لم تستطع أن تخالط الناس وأن تصبر على أذاهم فافعل هذا وافعل من دينك ما تستطيع، فإن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها. صلِّ وصم ولكن دع عنك أمر العامة، لا تشتغل بالآخرين ولا بهدايتهم ولا بالدخول في مشكلات معهم، فعليك بخاصة
نفسك. وفي رواية أخرى: يتدرج الزمان في الفساد. حتى يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فعليك بخويصة نفسك". خاصة نفسك معناها المقربون منك ممن تنتقيهم. "خويصة نفسك" يعني يكاد الأمر أن يقتصر على حالك وعلى نفسك. هذا المعنى كثير من الناس لا يحبه لأنه يرى في نفسه حولاً وقوة، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول... فيما أخرجه البخاري وغيره: "لا حول ولا قوة إلا بالله" كنز من كنوز
العرش. ونفي الحول والقوة عني بداية الطريق الصحيح مع الله. "لا حول ولا قوة إلا بالله" لكنه يرى كيف يعتزل ونترك الدنيا ونعمل، وكانت الدنيا قد آلت إليه في التركة من أبيه، لكن هذه الدنيا يملكها. مالك الملك قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء لا من نشاء، تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء. فالله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير وهو صاحب هذه الدنيا
فعال لما يريد. ما الذي تطالب أنت به أن تقيم دينك على؟ نفسك ليست أن ترى القذاة في عين أخيك وتدع جذع النخلة في عينك، ابدأ بنفسك ثم بمن يليك ثم بمن تعول.