كيف نعيش رسول الله صلى الله عليه وسلـم؟ أ.د/ علي جمعة | أفيقوا يرحمكم الله |

كيف نعيش رسول الله صلى الله عليه وسلـم؟ أ.د/ علي جمعة | أفيقوا يرحمكم الله | - فتاوي
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. تفضلوا تفضل. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. هناك درجات لعلاقتنا مع سيدنا صلى الله عليه وآله وسلم، أول هذه الدرجات أن نؤمن. به والإيمان واجب وشرط للخلاص عند الله سبحانه وتعالى يوم
القيامة، فإنه سبحانه قد أرسل الرسل وأنزل الكتب ثم ختمهم بسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، فأصبح هناك رسالة سميت بالعهد القديم كانت قد نزلت على موسى ثم أنبياء بني إسرائيل، وهناك ما سمي بالعهد الجديد العهد الذي بين الإنسان. وبين الله وهذه قد نزلت على سيدنا عيسى ثم بعد ذلك العهد الأخير وهو القرآن الكريم فهو آخر كلمة وقال صلى الله عليه وسلم بعثت والساعة كهاتين ولذلك أراد الله منا أن نؤمن بهذه القضية
الكبرى أنه لا إله إلا الله وأنه هو الخالق والرازق والفتاح والقدير وأنه سبحانه وتعالى يرسل الرسل وينزل الكتب وأنه لم يدعنا ولم يتركنا عبثًا بل كلفنا في هذه الحياة الدنيا فأنزل في هذه الشرائع ملامح الحلال والحرام ومعالم الطريق إلى الله وتلخص ما أنزله في عبادته وعمارة الدنيا وفي تزكية النفس ثم أنه أمر ونهى فأمرنا بالعبادات وبكل الحلال والواجبات ونهانا عن المحرمات وكره لنا مكروهات وباح
لنا مباحات، فهذه عبادة الله سبحانه وتعالى، أن الحكم، أن الحكم، أن الحكم إلا لله، أن الحكم إلا لله، أمر إلا تعبده إلا إياه، وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، وأمرنا بالعمارة فقال سبحانه وتعالى: هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها، وقال في شأن التزكية: قد أفلح. قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا، هَذَا أَوَّلُ المُرَادِ مِنْ رَبِّ العِبَادِ: أَنْ نُؤْمِنَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ قَدْ جَاءَ رَحْمَةً مُهْدَاةً، وَأَنَّهُ بَلَّغَ عَنْ رَبِّهِ فَأَتَمَّ البَلَاغَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ
وَسَلَّمَ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَشْكُرَهُ وَأَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَقَالَ: إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً، والصلاة كما أن لها لفظاً لها معنى، لِمَ تقولون ما لا تفعلون؟ كبُرَ مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون. أما لفظها فأن نقول: "اللهم صلِّ وسلِّم على سيدنا محمد"، أو نقول على صفة الإخبار المراد به الإنشاء: "صلى الله عليه وسلم"، وجعلها ركناً. من أركان الصلاة فلا تجوز صلاة إلا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وجعل شأنه الحضور فتقول في التحيات
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته فتخاطبه بخطاب الحاضر كل ذلك فيما أذن به الله سبحانه وتعالى حتى نستحضر حب النبي وهو أمر ثانٍ فوق الإيمان فالإيمان التصديق والأمر. الثاني هو أن نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبلغ من حب الناس في رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أكثروا الصلاة عليه، وجعل الله مع كل صلاة عشرة، ولاحظ المسلمون في تجربتهم مع الله أنك كلما ذكرت الصلاة على النبي كلما فتح عليك فتوح العارفين
به حباً. رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإيمان وهو درجة من الإحسان، فهذا هو ثانياً. أولاً: معرفة رسول الله والإيمان به. ثانياً: أن تحب رسول الله، وحبك لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الحقيقة إنما هو من حب الله. ﴿قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله﴾ وحب رسول. الله صلى الله عليه وسلم جعل الناس تمدحه وتتدلى في حبه وتتعلق قلبياً به، وهي درجة لكن فوقها درجات. ولذلك
رأينا من المسلمين من لَدُن الصحابة الكرام وإلى يوم الناس هذا يقولون: قد خُلِقت كما تشاء، فهذا حسان وهذا كعب بن زهير في بردته "بانت سعاد"
يلقون المدائح بين يديه. وكان يحب سماع المديح ويقول لحسان في المسجد: "قل وروح القدس تؤيدك". حسان لم يكن فارساً مغواراً محارباً، كان يخاف، لكنه كان يحب رسول الله. هو شاعر رقيق المشاعر، رقيق القلب هكذا، يعني لا يريد النزاع والصدام، وليس كسيدنا علي أو كسيدنا عمر أو كسيدنا الزبير أو غيرهم، لكنه... كان رقيق المشاكل حسان، لم يكن
من المتمسكين الكبار، بل إنه وبأمر الله قد وقع في فتنة الإفك، لكنه يحب رسول الله، ومن أحب رسول الله ستر الله عليه وغفر له وأخذ بيده، فأصبح شاعر رسول الله، وكان رسول الله يحبه على ما فيه من ضعف سيدنا حسان بن. سابق لكنه لم يكن شديداً أو قوياً
أو كذا كذلك نُعَيْمان كان يُضحك رسول الله ولكنه كان ينسى نفسه ويقع في شرب الخمر ويأتي يقول: "يا رسول الله طهرني" فيقيم عليه الحد أربعين جلدة، الذي يضربه طرف ثوب وما شابه ذلك، ويذهب ويمكث على هذه التوبة شهوراً وقد يكون سنين ثم. يأتي ثانية طهرني وقعت أمس في الخمر. هذا الخمر يسبب الإدمان وإذا كان الإنسان مدمنًا -والعياذ بالله- يصعب عليه أن
ينسحب منها هكذا. سيدنا عثمان جاء مرة ثانية وثالثة ورابعة، فقال عمر: "دعني أقتل هذا المنافق". قال: "إنه يحب الله ورسوله". إذًا فالدرجة الثانية هي الحب، ونقول الدرجة الثالثة هي العمل. الاتباع لأنه متولد عن الحب، فنراك تحب هيئة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو سيد الصالحين. تحب سمت رسول الله من الرفق والرحمة
والهدوء والسكينة. "يا عائشة إن الرفق ما دخل في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه". تحب الصلاة "أرحنا بها يا بلال" فتفزع إلى... الصلاة فترتاح كشأن رسول الله، فهذه درجة الاتباع. والدرجة الرابعة أن تعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهنا يملك رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلك وروحك ونفسك وقلبك وجوارحك وعملك. رسول
الله كان طاقة حب، ليس كل أحد منا طاقة حب. رسول الله كان طاقة رحمة، طاقة للرحمة. يشع رحمة هكذا تعيش رسول الله عندما تعيشه. يقول: متى أعيش رسول الله؟ عندما يملك عليك كلك. انظر إلى ما وراء المسائل، انظر إلى ما
وراء الصلاة: الخشوع، وما وراء الصوم: سر بينك وبين الله. تعبد الله في الخفاء لأنه لا يعرف صومك إلا الله ولا يعرف أحد من الناس. صومك ليس إلا بأننا في رمضان، ولكن أنت صائم صحيح أم لا، ليس هناك إلا أنت مع ربك فقط. والحج سره القصد إلى الله "لبيك اللهم لبيك"، وفروا إلى الله كأنك تجري في طريق والله مقصودك، فياخلط
طريق وأنت تجري، تجري في الطريق تسعى إليه سبحانه وتعالى. والجهاد في... سبيل الله نظمه رسول الله في مكة، قال لعبد الرحمن بن عوف: "ما أُمِرْتُ بهذا"، ثم إنه قال ونهى أن نقاتل تحت راية عمية، لا نعرف ما هي، ولا نعرف من أين يأتون بالسلاح، ولا نعرف من أنتم، ولا نعرف أين كنتم، لا نعرف كيف أقاتل معك. ونهانا عن أن نقاتل تحت راية. عمياء أقاتل من؟ أقاتل لماذا؟ أسئلة لا
إجابة لها. استهانوا بدين، بدين الله، واستهانوا بسيدنا صلى الله عليه وسلم، فحسبنا الله ونعم الوكيل. الجهاد في سبيل الله تحت راية حقيقية وليست عمياء. نجاهد ضد من احتل بلادنا، احتل بلادنا موجود ها هو. كلهم خرجوا وقالوا: لا نقاتل، نجاهد تحت الجيوش المُجيَّشة. التي تعرف متى وكيف ولماذا، ونعد لهم ما استطعنا من قوة ونرهب به العدو. "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم". المؤمن
القوي خير وأحب عند الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير. القلوب الضارعة تتعلق بحب رسول الله وبالإيمان به وبمعرفته وباتباعه. فيتولد عن ذلك أن تعيش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي درجة مستقلة ترى الإنسان فيها وهو لا يريد أن يفعل شيئاً وأسوة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمامه. قال تعالى: ﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله﴾. كثيراً
وما آتاكم الرسول فخذوه وهو صلى الله عليه وسلم قد أتانا به، أتانا هو الذي أتانا فرأيناه وهو يقوم الليل، ورأيناه وهو كان جواداً، فإذا جاء رمضان كان كالريح المرسلة لا تعرف قبيلها من دبيرها من شدة ما ينفق، وكان يدخر لأهله سنة من الطعام فلا تبقى عنده إلا أياماً لأنه لم يكن يرد يداً ولم يكن يرد سائلاً، كان على حالة التوكل مع الله سبحانه وتعالى. والأولياء درجات،
منهم سيدنا أبو بكر خرج من كل ماله، ومنهم سيدنا عمر، ليس كل أحد يطيق أن يخرج من كل ماله، خرج من نصفه. فهم درجات عند الله ومعيشة رسول الله. درجات فهناك من يتعامل معه صلى الله عليه وآله وسلم تعامل معيشي كامل، وكان من هؤلاء أبو بكر وهو يسير معه في الهجرة الشريفة، يعامله
كما تعامل الأم ابنها. لم نرَ هذا إلا في الأم مع ابنها، الأب مع ابنه لا، لم نرَ إلا الأم مع ابنها فقط، فيأتي من خلفه. خيفةً أن يُؤتى من خلفه، ثم يقول: افترض أنه جاء من اليمين هنا، فيذهب إلى اليمين. فيأتي في خاطره أنه: لنفترض أنه أُتي من الشمال (اليسار)، فيذهب إلى اليسار حتى يحميه بنفسه. يأتي أمامه، يأتي. ما هذا؟ هذا شخص تعلق قلبه بذلك الشخص. هذا هو أن تعيش رسول الله صلى. الله عليه وسلم ولما حلب الشاة عند أم معبد أخذ أبو بكر يعطي رسول الله فيشرب
صلى الله عليه وسلم فيقول أبو بكر فيما أخرجه البخاري فشرب حتى رضيت، ليس حتى شبع، فشرب حتى رضيت، يعني كأنه هو الذي يشرب من السير في الصحراء وفي الحر ومع المجهود يجف الإنسان. حلقة فيحتاج إلى السائل الماء اللبن فشرب حتى رضي. هذه العلاقة أن تعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم وصل
إليها أناس كثيرون من الصحابة الكرام وممن بعدهم ممن رأوا رسول الله أو ممن لم يروه، وحينئذ مع تعلق القلوب بجلاله صلى الله عليه وسلم يفتح عليك وتكون في حالة. أخرى في تعاملك مع الكون أنت الآن خارج نطاق الفساد لأنك في معية رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا هو والله على