كيف يواجه المجتمع التطرف والتشدد بجانب دور الدولة؟ | أ.د. علي جمعة

يسأل أحدهم عن دورنا كأفراد في مواجهة الفكر المتطرف والجماعات المتشددة إلى جانب دور الدولة والتربية والتعليم. علِّموا أولادكم حب رسول الله، فهذه هي مقاومة التطرف. علِّموهم حب رسول الله، هذا الإنسان الكامل الرباني الذي دعا إلى السلام والإسلام، والذي دعا إلى الحب والإخاء، والذي أمر ببر الوالدين ولو كانا على الشرك. وبإكرام الضيف ولو كان مشركًا، وبإكرام الجار ولو كان مشركًا،
هذا الإنسان الذي ترى فيما أنزله الله سبحانه وتعالى عليه، وجعل الله هذا ركنًا من أركان الصلاة نكررها: "الحمد لله رب العالمين". ما هذا؟ "بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين". اليهود عندهم صلاة فيأتون ويقولون ماذا في أول آية؟ الحمد لله الذي خلقني ذِكْراً لله. حسناً، والمرأة ماذا تفعل؟ شيء غريب! المرأة ستفعل هذا، وهذا وارد. اجلسوا إذن، ماذا سيُحضرون لها من تأليف؟ لكن النص هكذا. نعم، لا، هناك فرق. الحمد
لله رب العالمين. انظر كيف، وعندما جاء، انظر، انظر الفرق بين كلام الله وكلام البشر. في النهاية قال ماذا؟ غَيَّر. المغضوب عليهم ولا الضالين، حسناً، هذا يتحدث عن صفات شخص ضال وشخص مغضوب عليه. من عرف الحق وانحرف عنه فهو مغضوب عليه، ومن لم يعرف الحق أصلاً ولم يبحث عنه واستسهل الأمر فهو ضال. ثم تجد المفسر يقول لك: المغضوب عليهم هم اليهود، والضالين هم النصارى. حسناً، لكنك غضبت. اليهود والنصارى هكذا الله، أليس كذلك؟ فاليهودي يقول لك أنا لست كذلك،
والنصراني يقول لك أنا لست كذلك، أنت شتمتني هكذا. فهؤلاء الشباب الذين يترجمون معاني القرآن قاموا بإزالة "الضالين" و"المغضوب عليهم" وكتبوا ماذا؟ يهود ونصارى. وبعد ذلك أخذوا الترجمة وأعطوها لبوش هدية. أنت أحضرت المركز الإسلامي لكي تهينه منذ البداية. لكن على فكرة، الله لم يقل هكذا، وهذا هو الفرق بين فهم البشر وثقافتهم وانحصارهم في زمانهم أو في مشاكلهم وبين النص الإلهي. إنه أمر مذهل أن تقرأ القرآن أو أن تنحصر في تفسير للقرآن لم يقله القرآن أصلاً. هل تنتبه؟
فالقرآن لم يقل هكذا، لم يقل يهود ونصارى. هذه فاتحة ستقولها بصوت عالٍ بالميكروفون، ليس لدينا نحن الأسرار هذه التي لا أستطيع أن أقولها لأحد. بلى، أستطيع ولكنها ليست مكتوبة هكذا. هذا عبارة عن انحراف ويؤدي بك إلى مشاكل عجيبة، تجلس بعدها لتحلها. نعم صحيح، في زمن من الأزمان قالوا هكذا، لكن ربنا لم يقل هكذا، ربنا قال... غير المغضوب عليهم كل خلق الله وإلى يومنا هذا لو قلت لهم أنا لا أحب المغضوب عليهم الذين
يعرفون الحق ويحيدون عنه بالرغم من معرفتهم يقول ونحن أيضاً هذه خصلة إنسانية عامة. أنا لا أحب الضالين الذين لا يعرفون الحق ويسيرون على سبل غير مستقيمة. قال ونحن أيضاً، نعم نحن أيضاً. من هذا؟ الياباني والإنجليزي والأمريكي والجنوب إفريقي... كل العالم! إذاً، هذا هو الفرق بين كلام الله وكلام البشر. كلام الله لا تستطيع أن تجد له مثيلاً هكذا، ولا تستطيع أن تمسك عليه هذه المآخذ، أما كلام البشر فنعم يمكنك أن تفعل ذلك. فإذا كان دورنا كأفراد في مواجهة التطرف، فهو أن تعلم أبناءك الحب.
رسول الله يرى فيه الإنسان الكامل، فإذا رأى فيه ذلك كان عصياً على كل إرهاب وكل تطرف وكل انحراف في الفكر. هذه العملية سهلة في الكلام لكنها صعبة في الفعل، تحتاج إلى عمل وعمل كثير وكبير ومستمر، وهذه قضية أمة. دائماً توضحون أن اللغة والفكر وجهان لعملة واحدة، فكيف أبدأ في... اللغة وكيف يكون الفكر. اللغة هي ملكة ولكنها أيضاً في جانب من جوانبها معلومات. فنستسهل
كثيراً قضية المعلومات، ولكن تربية الملكة هي أولى من تربية المعلومات. كيف تُربى المعلومات أو كيف نجمع المعلومات؟ الحقيقة أنه في المائة سنة الماضية بذل الناس جهوداً عظيمة جداً بذلوها لتعليم اللغة العربية ولتسهيلها، فألّف المؤلفون. مؤلفات لا حصر لها في النحو وفي البلاغة وفي الأدب وفي
الشعر العربي، كيف تتعلم العربية من ناحية المفردات ومن ناحية الجملة ومن ناحية الصياغة والأسلوب ومن ناحية المعنى وتمام المعنى. ألّفوا كتباً لا قوة إلا بالله، لو بدأنا في هذه الكتب وعملنا قائمة وبدأنا واحدة تلو الأخرى أو حاولنا. أن نعلّم أنفسنا بدلاً من الثرثرة الحاصلة على وسائل التواصل الاجتماعي. توجد الآن أفلام وأشياء في اللغة العربية تحببك في اللغة العربية. الملكة تأتي من الشعر، والشعر ديوان العرب.
اقرأ شعراً كثيراً، اقرأ شعر أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، اقرأ شعراً للشعراء المحدثين، اقرأ شعراً كثيراً إذا قرأت شعراً كثيراً. يحدث لك فتحٌ من عند الله في لغة العرب