لا إكراه | أ.د علي جمعة | مع ناجي الفتلاوي | قناة العراقية

لا إكراه | أ.د علي جمعة | مع ناجي الفتلاوي | قناة العراقية - لقاءات
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، حيّاكم الله أحبتي المشاهدين إلى حلقة جديدة من برنامجكم الأسبوعي "لا إكراه". هذه الحلقة تُسجَّل بامتيازين: امتياز المكان وامتياز الضيف. أما المكان فهي جمهورية مصر العربية بأصالتها وعراقتها، وأما امتياز الضيف فنحن نسجل حوارًا مع شخصية علمائية فكرية لا تخفى على أحد من المسلمين. شغل منصب مفتي الديار المصرية للفترة
منذ عام ألفين وثلاثة إلى عام ألفين وثلاثة عشر، وهو شيخ الطريقة الصديقية الشاذلية. له عشرات المؤلفات المطبوعة وله عشرات المقالات والبحوث المنشورة، فضلاً عن حزمة كبيرة من الأنشطة الإعلامية المرئية. نحاول في هذه الساعة أيها الأحباء أن نناقش معه محوراً في غاية الأهمية. هذه العالمة الضاربة اليوم في الكرة الأرضية فكريًا واقتصاديًا وإعلاميًا وثقافيًا واجتماعيًا، كيف نستطيع أن نتعاطى معها من وجهة نظر إسلامية؟ ما موقف الإسلام من هذه العولمة؟ هل تأثرت بها الهوية الثقافية الإسلامية وصمودها؟ وكيف يرى سماحة المفتي الأسبق مستقبل
العلاقة بين الإسلام وبين هذه العولمة؟ بدايةً أرحب بسماحة. الشيخ العلامة الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية الأسبق، أهلاً ومرحباً بك في قناة العراقية شبكة الإعلام العراقي. أهلاً ومرحباً بكم وتحيات جمهورية مصر العربية للجمهورية العراقية حكومةً وشعباً، والأخوة متصلة في العروبة وفي الإسلام وفي الآمال والآلام المشتركة، وفي دعائنا لله سبحانه وتعالى أن يعمر بنا الأرض وأن نتجاوز. كل ما يحيط بنا من مشكلات وعقوبات إلى ما هو في خير البلاد والعباد. مرحباً بك بصورة شخصية في
بيتنا وفي بلدنا وفي عاصمتنا وفي جمهوريتنا، فأهلاً وسهلاً. يعني حللت أهلاً ووطئت سهلاً، فأهلاً وسهلاً، حيّاك الله. شكراً لكرم الضيافة. لو سمحت يا شيخ، كما تعلمون هذا العالم الآن باتت له قوة ضاربة. مستويات عدة نحن الآن نعيش. لسنا في زمن قديم يعتمد على ما هو مكتوب وتقنيات قديمة. الآن أصبحنا نعيش زمن المواطن الرقمي، بل تعدى الأمر إلى ذلك، نعيش زمن القبائل الرقمية الافتراضية شئنا أم أبينا. لا نريد أن نبحث عن جذور هذه العولمة وكيف بدأت، ولكن ما يهمنا في هذا. الحوار: هذه العولمة الضاربة التي جعلت المسافات تنحسر والحدود تتلاشى عبر هذا الواقع الافتراضي، لها تأثيراتها
على الأديان ومنها الدين الإسلامي. بدايةً، ما موقف الإسلام من العولمة؟ أو قبل ذلك، ما العولمة من وجهة نظرك؟ تفضل، لنبدأ لقاءنا الطيب هذا الذي نرجو الله أن يجعله في ميزان حسناتنا جميعاً. يوم القيامة أنت ومشاهدوك الكرام ومن يطّلع عليه، بسم الله الرحمن الرحيم. العولمة قد تكون إطلالة سريعة لجذورها تفيد في كيفية الحل تماماً والمواجهة لها. يعني ليس هذا سرداً تاريخياً بقدر ما هو تعمق في العلة التي يحياها العصر الحديث حتى تساعدنا في فهم أعمق نستطيع به أن نصل إلى...
حلول، مقترحات، سب، تهيئة، أو تمهيد ما شئت، فأنا أرى كما يرى بعض علماء الحضارة أن القرن ليس بالضرورة أن يكون مائة عام، بل قد يكون أقل أو أكثر، وأن هناك علامات تُعَدُّ أول قرن جديد عندما تكون هذه العلامة أو هذا الحدث أو تلك الواقعة لها تأثير ذو معنى في... حياة الإنسان طيبة، وأرى أن القرن التاسع عشر بدأ سنة ألف وثمانمائة وثلاثين وليس سنة ألف وثمانمائة كما هو مسجل في الجغرافيا ومسجل في نتائج الروزنامة المعيار في تلك الأحداث. في
سنة ألف وثمانمائة وثلاثين استطاعت بريطانيا أن تُدخل الحديد إلى السفينة، ولما دخل الحديد إلى السفينة عامت السفن. لكنها أصبحت أقوى وأصبحت مقاومة للبارود وللمدفعية واستطاعت إنجلترا بهذا أن تغزو العالم. حسناً، وندخل في دور من أدوار الاستعمار المرير سُرِقت فيه ونُهِبت مقدراتنا وثرواتنا من محور طنجة جاكرتا وغانا فيرغانا، المحور الذي أغلبه المسلمون. نعم في ألف وثمان مئة وثلاثين حدث شيء آخر كعلامة تنبئ أن... عصراً جديداً قد دخل وهو
إلغاء محاكم التفتيش. محاكم التفتيش بدأت مع توماس أكويناس واعتبروها أنها جزء من العقيدة المسيحية الكاثوليكية، لكنها انتهت ألف وثمان مئة وثلاثين لإعلان جديد وتوجّه بعد الثورة الفرنسية بهذه الأعوام الكثيرة، وبدأت قضية حقوق الإنسان تتبلور التي أدت في النهاية إلى تحرير العبيد في ألف ثمان مائة اثنين وخمسين على يد إبراهام لنكولن إلى آخره. في هذه السنة ألف ثمان مائة وثلاثين توفيت آخر امرأة من السكان الأصليين في تسمانيا في أستراليا، وهؤلاء الناس تعرضوا لنوع كبير من الإبادة كما تعرض الهنود الحمر في القارتين الأمريكيتين. هناك
جديد يحدث في العالم، استعمار وانتهاك للشعوب. البدني والجسدي والعقوبة البدنية ابتداءً لمناداة حقوق الإنسان ولمبادئ الثورة الفرنسية، بدأت تغيرات ديموغرافية وسياسية في العالم، وظلت البشرية تكتشف وتخترع مجموعة من المخترعات تتعلق بتغير جذري في الاتصالات والمواصلات والتقنيات الحديثة. طيب لو سمحت لي سمحت شيخ، حسناً، أنا أشكرك على هذه المقدمة التي تنفع الكثير من الباحثين الذين يعملون في هذه المباراة أبداً، لن تنفع كثيراً من الباحثين، ستنفعنا نحن حضرتك. بحلول
ثمانمائة وثلاثين إلى ألف وتسعمائة وثلاثين استطعنا أن نصنع الطائرة والسيارة والقطار. نعم استطعنا أن نصنع الهاتف والإنترنت والحاسوب. استطعنا أن نصنع التلفاز والفيديو وآلة التصوير، وهكذا وانتشر هذا في الأرض فأصبحت هناك إلغاء كما تقول حضرتك للزمان وأصبح هناك إلغاء للمكان وأصبح هناك إلغاء للأحوال والأشخاص، ومن هنا دخلنا في العالم الجديد. أي دعني أكمل التعليق الذي أردت أن أوضحه لجنابكم، أعني بالإضافة إلى هذه المقدمة التي تحتوي على سرد تاريخي مكثف، لذلك قلت إنها تناسب الباحثين، فجذور العولمة بدأت اقتصادياً. ثم سياسياً، ولكن ما يُخشى منه الآن ونحن أبناء هذه اللحظة،
نحن في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، أن العولمة لم تعد اقتصادية ولم تعد سياسية، إنما هي عولمة ثقافية تؤثر على الدين والقيم والمبادئ وما إلى ذلك. بالتالي الآن، يعني ربما لدي فضول ممدوح بعد هذه المقدمة التي ذكرتها. مفتٍ وعالم ولك حضورك، حضرتك، نعم، ما هو السؤال؟ السؤال يتعلق بالإسلام بهذا الذي حضر. نعم، كيف ينظر إلى هذه العولمة؟ ينظر إلى هذه العولمة على أنها خلق من خلق الله، ولكن المسلم يستطيع أن يتعامل مع كل ما تتخيله وما لا تتخيله من مواقف، ولذلك هذا من باب الفرض أم من... باب الواقع الواقع ليس بباب لأي شيء، ولكن قد يُعجب كل إنسان برأيه، والنبي صلى الله عليه وسلم
رسم لنا خطة كبيرة في كيفية التعامل تتعلق بقدراته وإمكانياته، وتتعلق برؤيته، وتتعلق أيضاً بواقع الناس. من ألف وتسعمائة وثلاثين إلى اليوم، إلى ألفين وثلاثين، لم نصنع شيئاً. شيئاً وإنما ركبنا ما استطعناه في هذه المائة سنة الأولى، ركبناها فوق بعضها حتى وصلنا إلى الهاتف المحمول، والهاتف المحمول فيه الإنترنت وفيه جوجل وفيه فيسبوك وفيه واتساب، وفيه ما غيَّر حياة الإنسان مرة أخرى وألغى الحواجز. ولكني أريد أن أنتقل بهذا المسلم من الإسلام الظاهري إلى الإسلام بوصفه منهجاً. فبالتالي الآن عندما قلتُ واقعياً هذا السؤال كان له بوصلة، بالتالي الإسلام في واقع
حياتنا اليوم ما هو حضوره وكيف يستطيع أن يكون، خاصةً أمام هذه العولمة التي تريد تذويب منظومة القيم. ذلك بالنظام التربوي، هناك ما يسمى بالتعليم، والتعليم ينقسم إلى ثلاثة أجزاء: تعليم للقيم ويسمى بالتربية، وتعليم... للمعلومات ويُسمى بالتعليم، ويُسمونه في الإنجليزية "Learning"، ويُسمونه بنكهة "Education"، ويُسمونه أيضاً شيئاً آخر وهو تنمية المهارات ويُسمونها "Training" أي تدريب. فنحن لدينا ثلاثة أشياء: لا بد من تربية القيم، ولا بد من تربية المفاهيم، ولا بد من تربية المهارات. نظام التعليم
هو المدخل الأساسي للمسلمين من أجل أن يكونوا قادرين. على التعامل مع هذه الحالة من العولمة. حسناً، هذا الكلام جميل ولكنه ليس بجديد. نحن ندعو إلى وجود نظام تعليمي نستطيع أن نضبط من خلاله، لكن العلة تكمن في كيفية صياغة هذا النظام التعليمي الذي يكون له أثر إجرائي، وهذا الأثر الإجرائي موجود في حياتنا يتأثر به الناس بأن اليوم كما... قلتُ الآن عندما وصلنا إلى هذا المحمول، إلى هذا الانفتاح الكبير الذي دخل ووصل حتى إلى سرير النوم إن صح التعبير، حتى هنا الآن أنا أسأل: هل يوجد لدينا قصور منهجي في بناء منظومة التعليم التي يجب أن نركز عليها حتى تكون خاصة أمام هذا العالم المتوحش؟ نعم، عندنا قصور شديد. وهذا القصور الشديد ليس من مهمة الأفراد
بل هو من مهمة الأمة بمعنى أنه تكليف على الحكومات، تكليف على الشعوب، تكليف على أهل الإعلام أن يشيعوا ثقافة سائدة تؤيد هذا، تكليف على العمل المدني والأهلي، تكليف على الأسرة، تكليف على جماعة المسجد، تكليف على الأمة، هذا التكليف الذي... لدى الأمة نحن عندنا الآن كَمّ وليس عندنا الكيف، عندنا كَمّ خالٍ من الكيف، وهذا الذي أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم على الواقع: "غثاء كغثاء السيل". قالوا: "أمِن قلةٍ نحن يا رسول الله؟" قال: "لا، أنتم يومئذٍ كثير ولكن غثاء كغثاء السيل،
ينزع الله من قلوبكم المهابة، وينزع الله من قلوب عدوكم الرهبة منكم". المهابة ويلقي في قلوبكم حب الدنيا وكراهية الموت. نعم، يبقى إذاً هذا إخبار نبوي عما سيحدث، وقد وصلنا إليه فعلاً ووصلنا إليه في هذا العصر بعلامات لا تتخلف. كل ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من علامات قد حدثت، مما يجعلنا متأكدين أننا قد وصلنا إلى هذه الحالة. التي فضلنا فيها الكمَّ على الكيف، فنحن كنا ثاني أو ثالث [ديانة] منذ ثلاثين سنة، [في عام] ألف وتسعمائة وتسعين. طبقاً للإحصاءات كنا ثالث ديانة وكانت الكاثوليك أكثر الديانات، إلى أن أصبحنا الديانة رقم واحد في عدد
السكان، ولكننا غثاءٌ كغثاء السيل، لأننا لا نعرف كيف نسيطر على هذا التطور أو نتعامل [معه]. معه أو نؤدي ما فيه أو نستغله من حيث المعنى، كلامك هذا الجميل يتماهى مع الاستفهام الكبير الذي أطلقه في بداية القرن العشرين الأمير شكيب أرسلان: "لماذا تقدم المسلمون وتخلف غيرهم؟". يبدو أننا نستنسخ هذا السؤال. ما زال في قلبي شيء أو في ذهني شيء حول المنهج بالتالي. الأفراد ينظرون إلى الصف العلمائي، فإذا فسد العالم فعلى العالم أن يُظهر علماً، وبالتالي أنا لدي هذا المسلم البسيط الذي تحطمت الحواجز أمامه، وبالتالي أصبح يتصفح ويقرأ في الألفاظ ويقرأ في التفسير ويقرأ في التأويل ويقرأ في كافة النظريات، نعم
أنا أسأل هنا الصف العلمائي الآن الذي يمثل الدين. الإسلامي نعم، ما دوره الحقيقي في إيجاد مصادات لهذه العولمة حتى لا ينقاد هذا المسلم الذي بات يلبس زيًا وربما هو يخرج على زي تجديد الدين. تأكيد تجديد الدين، نعم تجديد الدين هذا ليس تجديدًا لثوابت الدين، وإنما هو له معنى طيب. ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لأمته أمر دينها. رأينا هذا الكلام مع الإمام الشافعي عندما اخترع أصول الفقه فغيّر وجه الأرض. رأيناه مع الإمام الغزالي المتوفى سنة خمسمائة وخمسة حينما ألّف كتاب إحياء علوم الدين. رأيناه بعد ذلك مع الإمام السيوطي حيث أنه جمع كل ما
هو موجود من التراث ونظمه وعرضه، نجد أن كل عصر له مقتضياته التي تستوجب التجديد، فنحن نحتاج إلى تجديد أمر هذا الدين في هذا العالم المتسارع التطور، المتسعر التدهور، المتشابك والمتراكب في كل شيء. كيف نجدد الدين على خمسة الحاء أو بخمسة أركان أو على خمسة أعمدة؟ الأول... المنهجية جميلة والمنهجية هذه يسمونها في الإنجليزية "ميثودولوجي" بخلاف المنهج "ميثود"، هناك فرق كبير بين الميثودولوجي والميثود. أما الميثودولوجي فهو كأنه عمق التفكير المستقيم، نريد أن ندرس هذا
الأمر بصورة تتواءم مع مقتضيات العصر. هل وضعنا برامج لهذا؟ نعم موضوعة، ولكن أكثر الناس لا يقرؤون. هل هناك أفكار متتالية؟ استطعنا أن نصل إليها نعم وألّفت فيها الكتب ولكن الناس لا تقرأ. هناك فرق بين إنشاء الفكرة وبين تكرار الفكرة وبين نشر الفكرة وبين تطبيق الفكرة. أما من ناحية ما هو دور العلماء فقد قاموا به أحسن قيام ويوجد الآن ما يرد على دقائق كلامك في كل الأحوال سياسياً. واقتصادياً واجتماعياً ودينياً مع هذه العولمة وهذا الحال، فحضرتك المنهجية هي أولاً، وبعد
ذلك المعرفية (الإبستمولوجيا)، وبعد ذلك ما يسمى بالنموذج المعرفي (البراديم). نحن نريد صياغة نموذج معرفي نستطيع به أن يفهمه الغربي والشرقي والمعاصر، نريد أن يفهمه هذا الشاب من جيل زد، وجيل زد هذا هو الجيل الذي ولد بعد... سنة ألفين وخمسة يسمونهم مصنفون في الإنترنت وفي العالم كله جيل Z. هذا الجيل له خصائص معينة استطاع الإنترنت أن يجتذبه وأن يسيطر على عقله وأن يسطح فكره وأن يفعل أشياء كثيرة جداً. كيف أصل إلى هذا حتى أتحدث في عقيدة أو فقه أو أحكام؟ أو أتحدث عن شريعة أتحدث عن إسلام أو عن دين، هذا نسميه بالنموذج
المعرفي، والنموذج المعرفي هذا له كلمة في المقابل إذا أردنا أن نبحث في أصولها وما معناها حتى نفهمها مستعدون، اسمها "البراديم". فالنمرة أربعة أربعة: موقف من التراث، نحن معنا تراث فيه كنوز لكن هذا التراث زمني متصل. بزمنه وليس متجاوزاً لأزمانه، فنريد أن ندخل هذا التراث فنفهمه ونتعمق حتى نصل إلى منهجه، ونأتي بهذا المنهج من أجل أن ننشره مرة أخرى بصورة عصرية تتواءم مع هذه الحالة المحيطة. فموقفنا من التراث أن له مسائل وله مناهج، نأخذ مناهجه ولا نقف عند مسائله، وهذا له علاقة بالثابت والمتغير. وما هذه العلاقة وكيف تُضبط، ومكتوب
فيها بالتفصيل: "جرَّبنا هذا المنهج فنجح نجاحاً باهراً، واستطعنا به أن نصل إلى أن الإنسان ليست بينه وبين العصر الذي يعيش فيه مشاكل، وبينه وبين الحياة بهجة وقبول". وألَّفنا في هذا كتاب "فقه حب الحياة"، طيب جميل. سمحت الشريعة بهذا، أي أن هذه هي الإجابة. صراحةً، هذه المرتكزات التي ذكرتها، ربما سأقف عند مرتكزين في نفسي منهما شيء. تفضل، المرتكز الأول فيما يخص التراث، والمرتكز الثاني فيما يخص البراديمات. عندما نتحدث عن النماذج، أنت تتماهى بهذا العرض والمرتكز مع نظرية الثيموس الأفلاطونية، وهي صراع النماذج الإنسانية. ما يحصل من تسويق لعولمة هي
ليست ابنة... الحضارة الإسلامية بل هي ابنة الحضارة الغربية شيئاً ما بينها، وبالتالي هي إرادة هيمنة الخصوص على العالمين. إذاً هذا هو صراع نماذج إنسانية، وبالتالي هذه النماذج التي يُراد لها أن تُفرض من قِبَل العالمين لها أدواتها ولها حيثياتها ولها مناهجها. اليوم نحن عندما ننظر إلى المنظومة الإسلامية والعربية ونريد أن نعرف خارطة الطريق للتعامل مع هذه العولمة، وسؤالي هنا: ما هي مساهمة الإسلام في تهذيب هذه العولمة؟ كيف نستطيع أن نجعل هذا المسلم الذي نريد أن نربطه بفقه الحياة الذي تحدثت عنه بشكل صحيح، حتى لا يغادرنا عبر المواقع الافتراضية فيكون ملحداً دون أن يدري؟
تفضل، البراديغم فيه إجابة على ذلك. كل ما يقوله هذا النموذج الفكري معناه أنه مكون من ثلاثين نقطة، وفي هذه الثلاثين نقطة توجد الأسئلة التي سُميت في الفلسفة وإلى يومنا هذا بالأسئلة الكبرى، والغرب يسمونها الأسئلة النهائية، ونحن نسميها الأسئلة العظمى أو الكبرى: من أين نحن؟ ماذا نفعل هنا؟ ماذا سيكون غداً؟ هذه أسئلة يسمونها بالأسئلة الوجودية. وهذه الأسئلة الوجودية ما زالت تشغل بال الشباب إلى يومنا هذا وبال الأطفال، وقد أتينا بعينات من هؤلاء الأطفال في عصرنا هذا في السنة الماضية حتى نتعمق في أذهانهم، ماذا يريدون؟ ما الذي يقلقهم؟ ما هذا
الحال بين الحياة وبين الدين؟ ما زالت تلك الأسئلة وعددها ثلاثون سؤالاً ولا نُعِدُّ لها إجابة. واضحة لا يختلف فيها اثنان ولا يتناطح فيها كبشان، هذه أن منظومة النموذجية هي أيضاً ليست منبثقة ولا تشغل بالها بالنماذج الأخرى التي تواجهها. يعني عندما يأتي الغرب بنموذج معين، هذا النموذج المعين أنا لا أنشغل بالرد عليه ولا أنشغل بالهجوم عليه، لكنني أنشغل ببناء نموذجي أنا وهذا العرض. للنموذج الذي أحمله يخاطب الإنسان ويحاول أن يعرض عليه ألا يتشيأ وأن يصير
شيئاً طيباً. مداخلة لا بد منها في هذا المورد سبعة. الشيء يعني هذه العولمة لا دخل لنا بها، لدينا أنموذجنا، وبالتالي يأتي شخص يتعلم ويتعامل مع... يتعامل مع... يتعامل مع... لكنه لا يشغل باله كثيراً في الرد. عليها ولا يشغل باله كثيراً في محاولة هدمها أو الهروب منها. حسناً، حتى نعرف إذا كان هذا المنهج في التعامل صائباً أو غير صائب. ربما يسأل شخص قائلاً: نحن الآن لدينا دولة أتباع ودولة طرف ودولة مركز، بالتالي المنظومة الإسلامية في العالم هل نستطيع أن نعتبرها دولة مركز أم؟ دولة توابع. فإذا كنا دولة توابع أو دول توابع، هذا يعني أن نموذجنا في التعاطي مع العولمة هو نموذج بحاجة
إلى إعادة نظر. والواقع يشير إلى أننا توابع، شئنا أم أبينا. هذا تكرار لما يقوله الغرب لأن هناك... الفرق بين الانطباع وبين التأصيل: الانطباع يأتي من كلمة ضبع، والضبع هذا حيوان معروف، لكنه يفعل شيئاً عجيباً وهو أنه يسيطر على ضحيته، وقيل أنه يركب فوق كتفيه ويبول عليه فيخدره، ويسير فيسير وراءه ضحية حتى لا تكون هناك مشكلات لوجستية أو مشكلات في نقل الفريسة، ويفترسها عند بيته. فسَمّوا كلمة انضباع، انضباع معناها
أنني أسير في مهلكي وفي طريق مهلكي دون أن أشعر وأنا مُخدَّر. فالانضباع هذا أن الأسس التي بُنيت عليها العلوم الاجتماعية والإنسانية كلها هي النموذج الغربي. لكن أنا عندما أريد أن أنشئ نموذجاً يتعامل مع هذه الموضوعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ولكن من برادايم ومن نموذج معرفي إسلامي يختلف الحال، طيب طيب، هذا له مراحل. المرحلة الأولى أن نضعه نظرياً كما حصل مع كارل ماركس عندما أراد أن يصنع الشيوعية، وضع رأس المال أولاً، وبعد ذلك جاء لينين وهو الذي طبّق، وستالين هو الذي طبّق. ولكن الفكرة تنشأ أولاً كفكرة
ثم بعد ذلك يتولى [التطبيق]. من جهة أخرى، نشرها وتكرارها وإشاعتها وتطبيقها نتج عن النسبية التي آمنت بها أوروبا كلها وأمريكا والعالم الغربي، وبدأت بوادرها سنة ألف وتسعمائة وستين، وانتشرت سنة ألف وتسعمائة. دائماً الأفكار تبدأ في جهة، ثم يأتي التطبيق في جهة أخرى طبقاً لترتيبات معينة يطول الحديث فيها، لكن أنا الآن... أمام عولمة طاحنة وشائعة ومسيطرة ومهيمنة سيكون هذا. ليس لديّ أي مانع من أن تسيطر هذه الأشياء في سبيل أن أعرف كيف أسبح في هذا البحر اللجي. أنا لن أقول للبحر أن ينتهي، وإنما
سأتعلم السباحة. حسناً، هذه هي الخطة المبدئية لنا. يمكننا أن نضرب الأمثال، يمكن أمثال كثيرة. تبين لنا كيف سيعيش المسلم في ظل هذا العالم بدينه وحياته ويكون معطاءً ومساهماً في بناء الحضارة الإسلامية الإنسانية وفي بناء الأرض من غير أن يذوب في هذا العالم. حسناً، يعني لنعد مرة أخرى إلى المنهج الإجرائي للحديث النبوي الشريف الذي استشهدت به قبل قليل في مقطعه الأخير ولكنكم غثاء كغثاء. السيار نعم، بالتالي الرغبة التي تتكون في داخل الإنسان للانتقال إلى الضفة الأخرى من النهر لا تكفي كي أهيئ القارب، مع الرغبة حتى أعبر إلى الضفة الأخرى. نعم، أنا الآن كما قلت في مطلع الحلقة لست وحدي، هذه العولمة تعمل
على إيجاد خرق في النسيج الاجتماعي الإسلامي، وبالتالي أنا... هنا أسأل، وطبقاً لنظرية التحدي والاستجابة للبريطاني أرنولد توينبي، لدي تحدٍّ ولابد له من استجابة. وسؤالي هنا: ما الاستجابة الموجودة لدى المنظومة الإسلامية إزاء تفكيك النسيج الاجتماعي الإسلامي مقابل العولمة؟ إذا أردنا أن نعمل على تصنيفها، فهذا الذي ذكرتموه إذا كان لدينا شاب لا يقرأ، قد وجدتم الحل والترياق، ولكن إذا... كان لدي مسلم لا يقرأ ومسلم كما قلتم قبل قليل باتت موجة التشيؤ أن يجعل شيئاً أو التسليع تأخذه وتأخذ بتلابيبه، إذاً كيف هو الحال؟ حسناً، على كل حال أنت تريد أن ترتدي النظارة السوداء ولا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم أعطانا فرصة أن نرتدي
النظارة السوداء ولا بأس. خير ما للمرء غنيمات يتتبع بها شعف الجبال ومواضع القطر، يفر بدينه من الفتن. هناك أناس لا تستطيع تحمل ما أقوله، ولا تستطيع الصبر عليه، ولا تستطيع التعامل معه، فليعتزل. إذا أراد النجاة فليلغِ الإنترنت وغير ذلك. يأتي الإنسان من أجل أن يتعامل مع الحالة إذا خالط الناس وصبر على أذاهم. إذا هم الذي هو مخالطة العلمانية ومخالطة فهو خير، وإذا لم يستطع فعليه بنفسه. إذا رأيت هوىً متبعاً وإعجاب كل ذي رأي برأيه وشحاً مطاعاً ودنيا مؤثرة، فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العام. وفي رواية: فعليك بخويصة
نفسك ودع عنك أمر العام. لو لم تستطع أن ترفع النظارة السوداء لمن... حولك خلاص، اعتزل الناس واعتزل هذا الخضم وعش حياتك بينك وبين ربك، وهذا جائز، نعم جائز. طيب، والذي أفضل منه ما هو؟ الذي أفضل منه أن ترفع النظارة السوداء وتبدأ في تنفيذ تلك المناهج، والله سبحانه وتعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، واعبدوا ليعبد أحدكم ربه بطاقته، فإن الله لا يمل حتى تملوا فنحن لن نمل، لن نمل من مواجهة كل هذه العلامات وكل ذلك التظاهر والتهور والتطور أيضًا. نحن نتعامل مع الواقع المعيش معاملة قوية، معاملة نستغل فيها
الحسنات ونحذر فيها من السيئات. هذا كلام الجماعة. وهو يلقي الحب، يلقي الحب، لكن يدعو ويقول: يا رب، وكما قال. يا ربي يأتي سيل ويأخذ البذور فلا ينبت زرع ولا شيء. أحسنت سبحانك يا شيخ. يعني لا بد لنا أن نضيف أو نعتمد على عنصر الغيب فضلاً عن عنصر المبضع حتى نستطيع أن نبني حياة صحيحة تتلاءم مع ما يريده الله جل وعلا. نعم، أتمنى أن تتحملني قليلاً سماحة الشيخ فقط. تحملني أنت أو أنا أتحملك على العين والرأس. الله يفرج همك إن شاء الله. أعني أن ما استشهدت به كدليل، أنا أستشهد به هو ذاته لنقض ما قلته. وبالتالي هذا الذي لا يجد لديه القدرة، عليه أن يلغي الإنترنت ويلغي كل هذه، كما يسميها زكي الميلاد، الحداثة الصلبة. هذه الماديات وهذه التقنيات الكبرى بالتالي هذا هروب ليس للأمام إنما هو هروب
للخلف. صحيح هذا يعني يثبت ما قلته أنا أنه يوجد لدينا حتى هذه اللحظة لكنه يثبت إنسانيته، لأنه عندما تجادلوا معه على إنسانيته لم يبعها وإنما صمم على إنسانيته، لم يرد أن يكون ألعوبة ولا ريشة في مهب الريح. مهب الريح فانسحب. طيب، أعود إلى الموضوع من زاوية أخرى. سمحت يا شيخ، أعود إلى الموضوع من زاوية أخرى. هذا هو الخيار الثاني. طيب، لمن صمم أن يجعل النظارة السوداء على عينيه لا يرى حتى يصل بنا إلى الإحباط واليأس. نحن لا نريد لا إحباطاً ولا يأساً. نحن خلعنا النظارة ورأينا. الأمور على حقائقها ثم جئنا ببرنامج تفصيلي مكون من خمسة أجزاء وطبقناه فنجح بشكل جميل، ولكن نريد الآن أن ننشر وأن نصل إلى
تطبيقه وأن نتطور به خطوات إلى الأمام. حسناً، والذي لا يستطيع أن يدخل العين نظارة لأنه خائف على عينيه من الضياء، فلندعه فقط، وهذا هو. جائز، نعم، جائز، فهذا جائز، وهذا جائز، ولكل مقدرة عند الله سبحانه وتعالى، لكن العولمة الحقيقة يمكن التعامل معها ويمكن السيطرة عليها ويمكن أن ننجح بها، ولكن هذه مشكلة أمة تحتاج فيها إلى أن تعمل ليلاً نهاراً. طيب، جزافي في عام ألف وتسعمائة واثنين وتسعين أوجد ما يسمى بالقوة. القوة الناعمة هي عكاز من عكازات العولمة أو وجه من أوجهها. يوجد لدينا ما يسمى بالقصف بالمعلومات، وما ينشر الآن عبر العولمة الإعلامية والعولمة الثقافية أسميه
على المستوى الشخصي شبيهًا بزهر اللوز، فزهرة اللوز يعجبك منظرها وهي على متن الشجرة، ولكن ما أن ترتقي إليها... لتلامسها حتى تتلاشى، هكذا يسوق لنا العالم الغربي ما يريد أن يسوقه، وهو وهب ما أريد أن أصل إليه. هذا كله يريد أن يؤثر على الهوية الثقافية الإسلامية. شيء مهم، وأنت راصد جيد، وأنا اطلعت على الكثير من المقاطع الموجودة لديك. هل هذا على سبيل المؤامرة أم على سبيل طبائع الأشياء؟ يعني هل... هناك من يجلس هكذا في مكان ما في العالم وهو يقصد الهوية الإسلامية وأنه يفعل هذا من أجل الهوية الإسلامية ويفعل ما يفعل من أجلها. أبداً، لا تهمل نظرية المؤامرة، لا، إنها موجودة بالفعل. هذا الأمر مكشوف تماماً، هؤلاء لا
يخطئون. في الحقيقة، انتبه أن المؤامرة معناها أن قوماً ائتمروا في السر علينا وهم يرتبون ما لا ندركه، لكن هذا غير حاصل. ما يحدث فعلاً هو أنهم يفعلون علناً علناً، ولكنه ليس فقط ضد الإسلام، بل ضد الإسلام وضد المنظومة الأخلاقية وضد العادات اليابانية وضد العادات في الصين وهكذا هم يعملون. علانية ومكشوفة ويتحدثون علانية وليس في الخفاء، فهذه ليست مؤامرة بل هي طبائع الأشياء في هذه العصور المتأخرة المتراكبة المتدهورة المتطورة شديدة التعقيد. طبيعتها هكذا أنها تضرب في الهوية الإسلامية وغير
الإسلامية. فلو قرأت المسودات الخاصة بالأمم المتحدة في مؤتمر السكان وفي مؤتمر بكين وفي مؤتمرات بكين بلاس خمسة. وإضافة إلى ذلك، ستجد شيئاً يرسله علناً، فقد أعطاني المسودة بيدي مترجمة إلى ست لغات، من بينها اللغة العربية. إذاً نحن لا نتعامل مع مؤامرة، لأن كلمة مؤامرة تعني أنني أحاول بعقلي فهم شيء خفي عني، لكننا نتعامل مع طبائع الأشياء وواقع الأمور هكذا، حسناً. تريد أن تقول إن هذا العالم هو نتاج تطور وتراكم فكري ومعرفي ألقى بظلاله وجاء بهذه التقنيات وهذه الحداثة الصلبة كما قلت قبل قليل، وبالتالي لا توجد هناك نظرية مؤامرة، إنما هكذا هو العالم، هذا
أسلوبه. من يتفاعل معه يتفاعل، ومن لا يتفاعل معه، كيف هو موقفه؟ سبب هذه العودة. أنهم تبنوا خمسة أو ستة نظريات من ضمنها نظرية النسبية لنيتشه، ومن ضمنها نظرية التطور لداروين، ومن ضمنها النظرية الجنسية لفرويد، ومن ضمنها نظرية حتى أينشتاين نفسه في تركيبة هذه الأشياء. عندما رتبوها وصمموا عليها واعتبروها كأنها مسلمات، فهذا شخص بدلاً من أن يركب القطار وهذا بين الإسكندرية. ركب القطار أيضاً لكنه ذهب إلى أسوان، يعني هذا شمالاً وهذا جنوباً. حسناً، هذا ما حدث، لكن لا توجد مؤامرة ولا ترتيب ولا هم يتمنون أنهم يضعون عينين. ماذا يفعلون؟ يسعون إلى التساوي المطلق بين الرجل والمرأة، بين
الإنسان والطبيعة، ولذلك أباحوا الشذوذ، ولذلك أباحوا الإجهاض، ولذلك... يريدون الحرية المطلقة التي نسميها في لغتنا التفلت وليست حرية، وبالتالي ذلك الطرف سمح للشيخ عندما كان يخشى على سبيل آخر من الاتحاد السوفيتي بعد تفكيكه، قال: "أمامنا مد أخضر" وهو يشير إلى الإسلام، لأنه يعرف أن المنظومة الإسلامية هي القادرة على الصمود، يعني تحليل، يعني من باب من باب. من باب آخر أن هذه العصابة تريد أن تعمل على تفتيت الجدار الأكثر صلابة في القرن الحديث، وهي تتمنى ذلك، وليس الخطر الأخضر فقط، بل هناك خطر أزرق وخطر بني وخطر بنفسجي. إنها ترى أنها الوحيدة التي على الحق، وأنهم الوحيدون
الذين يعيشون حياة راقية يجب أن... كل العالم يتبع الأخلاق الأمريكية، وهذه هي التي أفسدت اليابان على اليابانيين. هم يقولون نحن فسدنا منذ أن دخلت علينا الأخلاق. هم ليسوا مسلمين وليسوا - سمحت يا شيخ - يعني مع وجود هذه الهيمنة، العولمة بأذرعها الكثيرة والعديدة والقوية كما عبرتم، كيف تستطيع أن تقرأ مستقبل هذه العولمة وتأثيرها على الإسلام بوجود... تقنيات مرعبة، أي عندما ندخل الآن على ما يسمى بالذكاء الاصطناعي على سبيل المثال، ذكاء مرعب جداً. بالتالي كيف تقرأ مستقبل هذه العولمة وتأثيرها على الإسلام؟ "حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا". ما
هو التدخل الإلهي عند نقطة معينة تسمى بالكتلة الحرجة؟ يُسمّيها الإنجليز "الكتلة الحرجة" (Critical Mass). هذه الكتلة الحرجة تعني كمية إذا زدناها أو أنقصناها، لن نستطيع أن نبقى في الارتفاع والعلو والقوة والغاية المنشودة، بل سننزل. فما يحدث هو إدخال الشرائح في الجسد البشري، وملء هذه الشرائح بمعلومات كثيرة. وقد أُنتجت أفلام عديدة عن هذه الشرائح التي سوف توضع في... القضية هي الذكاء الاصطناعي والتلاعب بالمرئيات. النبي يقول صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع". الآن كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما رأى،
فقد كان يُقال: "أرأيت الشمس؟ فعلى مثلها فاشهد". الآن لم تعد الشهادة على المرئي صالحة لأنه يتم التلاعب بها، ولأنك سمعته بأذنك يتكلم العربية وشفتاه تتحرك هكذا. وهو يتكلم الإنجليزية وأظن أنه فلان فاتضح أنه علان لأنهم ركبوا الرأس على هذا الشيء إلى آخر ما هنالك من الذكاء الاصطناعي هذا. هذه مصيبة، لكن هذه المصيبة التي أقول إنها يمكن أن نتعامل معها. كيف نتعامل معها؟ بالقواعد. هذه القواعد موجودة. حسناً، جميل، يعني ثبت رؤية للجزائري مالك بن. النبي يقول إن هناك أفكاراً ميتة وأفكاراً حية وأفكاراً مميتة وأفكاراً إحيائية. أقف عند الأفكار الإحيائية، لا شأن لي بالأولى
والثانية والثالثة. وسؤالي هنا: ما الأفكار الإحيائية التي يجب علينا أن نعمل على إيجادها حتى نتعاطى مع هذا كله؟ نعم، هناك الكثير من الأحاديث والنصوص التي تحلل وتشرح وتعطيك الطريق. ولكن هذا وحده لا يكفي، نحتاج إلى منهجية حفر الخندق كمنهج، وبالتالي المنهجية التي تستطيع أن تصمد هي فكرة إحيائية تجعل الإسلام والمسلمين كما كانوا في القرن الثالث على سبيل المثال والرابع للهجرة حين كانوا سادة العالم. كيف نستطيع الآن إيجاد الطريق أو السبيل إلى إيجاد فكرة إحيائية تجعل الإسلام هو المهيمن؟ على العولمة وأرباب العولمة من الأفكار الإحيائية التي تتعلق بهذا المقام أن يستفيد من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم
في سنواته كلها، فالنبي لم يكن على نمط واحد ولا ترك لنا نموذجاً واحداً، بل ترك لنا أربعة نماذج: نموذج مكة، حيث يعيش المسلم فيه في بلد يكره الإسلام والمسلمين، لكنه عاش. ثلاثة عشر سنةً وبعض الوقت. النموذج الثاني هو نموذج الحبشة، حيث يعيش المسلم في بلدٍ يعترف بالإسلام لكنه ليس مسلمًا. النموذج الثالث هو نموذج المدينة، أولًا يأتي رسول الله ويتولى الحكم، لكن مع توليه الحكم فإنه يحكم أقوامًا مختلفين: يهودًا ومشركين ومنافقين ونساءً وغيرهم ومسلمين، فيضع لهم صحيفة المدينة المشابهة أو التي... أخذ منها فكرة الدستور نعم، ثم
المدينة أخيراً أو ثانياً، وهذه التي هي عند مثل السعودية الآن، هكذا ليس فيها ولا شخص واحد غير مسلم. المدينة ومكة كلهم مسلمون وكلهم يبنون حياتهم على الصلاة في وقتها. كان سماحة الشيخ... نعم، يعني رسالة المسلم اليوم في زمن العلماء بنصف دقيقة، والحديث معك. شيءٌ لرسالة المسلم المعاصر في زمن العولمة هو اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن بوعي جديد. فأنا سأتبع رسول الله في مواقفه في مكة حيث يدخل الكعبة ويصلي في وسط ثلاثمائة وستين صنماً، حيث يمر على الناس فلا يكسر صنماً ولا أي
شيء، ولا يصطدم بهم لأن... أنا جالس في جو غير قابل للصدام. جعفر عندما عرض عليه النجاشي أن ينضم إلى الجيش، هذا شأن المسلم البريطاني ينضم إلى الجيش البريطاني، لكن إذا كانت حرباً، فهذا جيش لغير المسلمين. أحسنت. هل يجوز أن يعتذر؟ عنده في القانون أنه يجوز له أن يعتذر، لكن قبل العمليات العسكرية. آخر ما هنالك من مفاتيح من ضمنها نظرية النساء التي أشار إليها العلماء المسلمون بدلاً من نظرية النسخ وكلامها طويل وهكذا يعني عندنا أفكار وأشياء وما إلى ذلك، والبرنامج لا يتحمل هذا إلا بالإشارة إلى أن هناك أملاً وأن هناك طريقاً واضحاً في التعامل مع
النص والتعامل مع الواقع وكيفية الربط بينهما. أحسن، كنت أتمنى أن تسعفك الصحة لتسجيل أكثر من ساعة مع جنابك الكريم، فالحديث معك جميل وممتع. شكراً جزيلاً لكم، سماحة الشيخ العلامة والمفكر الدكتور علي جمعة. شكراً لك، وإن شاء الله ربنا ينفع ويعين المسلمين على أنفسهم، وتكون لدينا مهمة كأمة نخرج بها من هذا المضيق وهذه المأساة. سُعدت بلقائك. في الخطاب أيها المشاهدون الأعزاء، ألتقي بكم إن شاء الله في حلقة جديدة من برنامج "لا إكراه". أنا محدثكم الدكتور
ناجي الفتلاوي في القناة.