لا تستطيع الحركة لأجل الوضوء فهل يجوز لها التيمم؟ | أ.د علي جمعة

سؤال ورد تقول الحجة فاطمة إنها تبلغ من العمر في عقدها الثامن، عندها ستة وسبعون سنة، وأنها كانت محافظة على الصلوات طوال حياتها والحمد لله رب العالمين. كَبُرَت في السن وهي تسير فانكسرت فقعدت، فلم تستطع الوضوء ولم تستطع الصلاة، وتقول إن أبناءها نصحوها بأن تتيمم وأن تصلي في مكانها. لكن قلبها وهي
التي كانت تصلي طوال حياتها لا يطاوعها، فهي خجلة من الله، خجلة من الله، وتقول: "أكنت شابة ونشيطة وأذهب هنا وهناك، والآن لا أستطيع الصلاة". أقول لها: "اذهبي وتيممي"، لكنها غير مقتنعة. أقول: "لا يا حاجة فطا، أولادكِ إذن يعلمونكِ الصحيح، تيممي وتيممي على مذهب المالكية". أَحضِري قطعة حجر صغيرة، الحجر الصغير عندنا يُسمى حجراً، ضعيها بجانبك، اغسليها جيداً في أمان الله وطهريها، ثم اضربي عليها مرة لوجهك ومرة ليديك فقط وكفى، وصلي الصلاة عماد الدين، الصلاة
ذروة سنام الأمر، أي أعلى جزء في الجمل وذروة سنامه هي الصلاة، وأنتِ سيدة، فالقضية أنكِ تستحيين من ربنا. والكسوف هذا على فكرة عليه أجل، الكسوف هذا هو عليه أجل، لا تنتبهي أنتِ، لكن الصلاة مهمة وهي هذا الإناء الذي تضعين فيه ثوابك مع الله، فلابد أن ترجعي إلى الصلاة مرة أخرى. تضربين هكذا؟ من الذي قال لنا هكذا؟ سيدنا قال هكذا فيما نزل عليه من قرآن: "فتيمموا هو". الذي قال هكذا قال فتيمموا أمرٌ هنا، وفيما أرشدنا إليه، التيمم طهارة لمن
فقد الماء. والفقد قد يكون شرعياً وقد يكون حسياً. حسياً يعني المياه أمامي هنا لكنني غير قادر على استعمالها، المياه أمامي فيكون هذا فقداً شرعياً. لكن إذا كانت المياه غائبة عني ولا توجد مياه أبداً لأنها مقطوعة، فيكون هذا فقداً. حسي سواء كان الفقد حسياً أو شرعياً، حتى لو المياه نسمعها بأذني وهي تجري، لكني غير قادر على القيام. الحاجة فاطمة مكسورة، فإذاً تتيمم وتصلي. تصلي أين؟ على السرير. كيف تصلي؟ ولو بالإشارة، ولو تحرك رأسها هكذا للركوع، وقليلاً هكذا أيضاً للسجود. وقلنا ملكية لماذا؟ لأن... الجماعة الشافعية الذين يجلسون يقولون لك أنه يجب
أن نضرب هكذا على التراب وليس التراب وأشياء مثل ذلك، والأطباء يعودون ليقولوا لنا كيف تُدخلون التراب على المريض وشيء من هذا القبيل، فنقوم بماذا؟ نقلد من أجاز الذي هو سيدنا من؟ سيدنا الإمام مالك، وشيخ شيخك يكون شيخك، فالإمام مالك يكون. الشيخ الإمام الشافعي فشيخُ شيخك يكون شيخك أنت أيضاً، وتكون السيدة فاطمة رسالةً نوجهها إليها أن تتيمم وأن تتيمم بالحصاة تضعها بجانبها هكذا على السرير، وأن تصلي ولا تترك الصلوات، وأن الله يتقبل، يقول: طهارة من فقد الماء ولو مائة سنة، يعني لو بقي مائة سنة وهو فاقد للماء. المائة يتيم. الشريعة هكذا جميلة وسهلة وميسرة. رأيت
العلماء الكبار، كبار كبار العلماء كبر في السن. كان عنده، الله يرحمه، ساعتها فوق التسعين. انظر ماذا يعلمنا العلماء. كنا في مؤتمر الصلاة، حضرت، قام فوجدته يمشي، وذهب وجاء عند عمود قاعة المؤتمرات المصنوعة بالرخام، والرخام من الصعيد عند الإمام مالك هو. هذا يعني ماذا من علماء المالكية؟ خرجنا هكذا وذهب، وهو لا يستطيع الوضوء، غير قادر إذا رفع رجله قد تنكسر، فذهب وضرب على الرخام الخاص بالعمود، ضرب عليه ضربة لوجهه وضربة ليديه،
وذهب. وفي الصف آباؤنا ومشايخنا وعلماؤنا هم الذين نقلوا لنا الدين، هو لم يخبرنا فقط وإنما عَمِلَ ليعلمنا. كأنه يُرسل رسالة أو أن الله خصّصه ليُرسل رسالة إلى أن هذا الدين إلى هذا الحد جميل. هكذا هو انسجم مع نفسه ومضى. نعم، أنت شاب وقادر على الوضوء، يجب عليك أن تتوضأ. حسناً، أسأل الله أن يمنحك الصحة، وهناك أناس فوق التسعين قادرون على الوضوء، لكن هذا الذي لا يستطيع الوضوء ماذا يفعل على الفور؟ إياك أن تترك الصلاة، فترتيب الأولويات صحيح عند سيدنا الشيخ هذا. لقد ذهب وضرب على الرخام ثم مسح على وجهه ويديه بمنتهى السهولة واليسر. إياك
أن تترك الصلاة، فهذه رسالتنا للحاجة فاطمة. حسناً، قلتَ أن خُفَّها هذا ستأخذ عليه ثواباً، من أين أتيت بهذا إن شاء الله؟ أَستَخلِصُها مِن حديثِ الرجلِ الذي حكى عنه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أنه جمعَ أبناءَهُ حولَهُ في مرضِ الموتِ وقال لهم: "يا أولادي، إنني ارتكبتُ أفعالاً سيئةً جداً طوالَ حياتي، وأنا أخافُ جداً من ربِّنا، أخافُ جداً". انظروا كيف أنه يخافُ جداً من ربِّنا ويشعرُ بالخجلِ
منه، فأنا أوصيكم أنني... عندما أموت، احرقوني، احرقوا جثتي والرماد الناتج عن الحرق انثروه في كل مكان حتى لا يستطيع الله أن يجمعني مرة أخرى. هذه عقليته، ولم ينتبه أن الله يقول للشيء "كن فيكون"، فتجتمع الذرات والجزيئات. لكن ما الذي حرّكه ليقول هذا الكلام الفارغ؟ هو يفهم بشكل خاطئ، ولكن بحياء. من الله جعل الحياء هذا مخيفاً له ومخجلاً له يوم القيامة، فقالوا له:
أنت الذي تشككت في قدرة الله. قال: يا للمصيبة! يعني أيضاً الأعمال السيئة كثيرة، وبعد ذلك أيضاً ستنسبون إليّ جريمة أخرى؟ قالوا له: لا، اعلم أن الله قد غفر لك. ربنا غفر له بماذا؟ بالحياء الذي في قلبه من. المعصية من القصور والتقصير عندما لا يكون المرء منضبطاً مع الله، وهذا الحياء مع الجهل؛ فالسيدة فاطمة لا تعرف المعلومة أنه يجب أن نصلي ونستمر على الصلاة، وتظن أن التيمم يكون لمن لم يكن يصلي، أي أن الذي لم يكن يصلي يتيمم، لكن الذي كان يصلي لا. لا تُصلي، هي تظن ذلك خجلاً وحياءً من الله سبحانه وتعالى، نقول: لا لا،
حتى الآن كنتِ في أي شيء ستتركينه، لكن لا، إياكِ أن تظني ذلك، هذا خطأ، والشريعة تقول لكِ: قومي صلي.