لا يشعر بمشاعر الود لوالديه | أ.د علي جمعة

لا يشعر بمشاعر الود لوالديه | أ.د علي جمعة - فتاوي
يقول إنه لا يشعر بمشاعر عاطفية هكذا تجاه أبيه وأمه، بمعنى أنه تربى بعيداً عنهما فليس هناك حرارة الحب التي كان يتصورها. كان يظن أنه عندما يرى أباه وأمه اللذين تربى بعيداً عنهما وعاد إليهما بعد عشرين سنة، أنه سيذوب فيهما ذوباناً، كما يقول. أنا لست منجذباً أو شيئاً من هذا القبيل، وهناك أناس يبدون كالغرباء بالنسبة لي. التكليف ليس فيما لا تملك وهو قلبك، التكليف فيما تملك، يعني الواجب عليك بر الوالدين
وخدمتهما وطاعتهما وهكذا. لكن هذه المشاعر هي من شأن الله تعالى، وهل كل الذين تزوجوا بينهم مشاعر متساوية؟ لا، قد لا توجد مشاعر. ولذلك اللهم إني... عدلت فيما أملك فلا تؤاخذني فيما لا أملك، النبي هكذا يقول، هكذا يكون. إذاً، هناك سلوك هو الذي أنا مسؤول عنه. "فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما"، لا تكسر بخاطرهما وهكذا. أما حكاية المشاعر المتدفقة هذه فهي ليست شرطاً، ليست لازمة. لماذا؟ لأن التكليف إنما هو على السلوك. وليس على ما لا نملك الحب والبغض، وأنا هكذا كلما أراك أتضايق، لا
أعرف لماذا ينقبض قلبي هكذا. انقبض يا أخي، لكن التبسم في وجه أخيك صدقة، فقلبك منقبض وأنت تضع شفتيك بجانب أذنك وبين أسنانك هكذا، وأنت قلبك من الداخل منقبض. فلينقبض، لن يحاسبك على القلب. المنقبض إنما سيحاسبك أنت لماذا لم تفسح قليلاً شفتيك وتجعلهما بجانب أذنيك، لأن التبسم في وجه أخيك صدقة، وما في القلب في القلب، قلبك هكذا يعني ماذا أفعل له، لا تملكه، فهناك أناس تستثقل أناساً، يا سلام! ثقيل! والأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تنافر منها اختلف. اختلف في القضية هكذا، لكن ما الذي أنت مكلف به؟ إياك أن
تقول لأبيك وأمك أفٍ، إياك ألا تخدمهما، إياك ألا تطيعهما، إياك ألا تنفق عليهما إذا احتاجا النفقة، إياك أن تنهرهما وتكسر بخاطرهما، إياك... كله سلوك، سلوك، سلوك.